الصكوك الإسلامية وتمويل قطاع الطاقة في المملكة
في خبر تداولته مجموعة من المؤسسات الإعلامية ومنها صحيفة "الاقتصادية" في عدد رقم 8150 وتاريخ 24 من ربيع الآخر 1437هـ، تحدث عن خبر أعلنته وكالة بلومبيرج Bloomberg العالمية، أن شركة أرامكو السعودية دخلت في محادثات مع مصارف من أجل برنامج إصدار صكوك، قد يشمل شرائح عدة على مدار الأعوام المقبلة، وذلك للمرة الأولى في تاريخها"، وهذا الخبر لا شك أن له أثرا كبيرا وتحولا في حجم الاهتمام بالصكوك الإسلامية، وحجم ما يمكن أن يكون متاحا للمستثمرين المهتمين بالاستثمار بها.
لا شك أن الصكوك الإسلامية اليوم تعد أحد أكبر وأهم الأدوات المالية الإسلامية المتوافقة مع الشريعة، بل إن الصكوك الإسلامية حاليا تعد الأداة الأكثر نموا في قطاع التمويل الإسلامي؛ وذلك للاهتمام بها على مستوى الشركات الكبرى والمؤسسات المالية، بل حتى على مستوى المؤسسات الحكومية؛ وذلك نظرا لدورها في تمويل مشاريع مهمة واستراتيجية بالنسبة للدول، وإمكانية توفيرها سيولة نقدية بآلية جيدة للشركات والقطاع الخاص بصورة عامة، كما أن لها أهمية كبيرة للمستثمرين، باعتبار أنها أداة مالية متوافقة مع الشريعة وتحقق عوائد مناسبة بمخاطر منخفضة، كما أنها تتميز عن السندات أن الصكوك مرتبطة غالبا بأصول يمكن أن تنتقل ملكيتها لحملة الصكوك في حال إفلاس الجهة المصدرة لها.
رغم الاهتمام الكبير بالصكوك الذي دفع شركة عملاقة بحجم أرامكو السعودية إلى التفكير في برنامج لإصدارها، وهذا بلا شك سيكون له أثر كبير في هذه الأداة من مجموعة من النواحي؛ منها أن شركة أرامكو شركة عملاقة وإصدارها للصكوك سيكون بمليارات الريالات أو الدولارات، ما سيوسع حجم وقاعدة هذه الإصدارات، وهذا من شأنه أن يتيح فرصة أكبر لكثير من المستثمرين لاستثمار أموالهم في هذه الأدوات، كما أنه سيكون إحدى الأدوات المهمة في المملكة لإدارة السيولة والحد من ارتفاع نسبتها في السوق بما يؤدي إلى التضخم، كما أنه يوجد قنوات إضافية متاحة للأفراد والمستثمرين، إضافة إلى سيولة من مؤسسات أجنبية للسوق المالية في المملكة، وهو ما قد يعزز كفاءة ونشاط السوق المالية السعودية التي تعتزم مستقبلا طرح أسهمها للاكتتاب، من المهم في هذه المرحلة من الحالة العامة للاقتصاد السعودي أن يراعى في إصدار الصكوك مجموعة من القضايا، لعل من أهمها أنه نظرا لاحتمال انخفاض الدخل محليا بسبب انخفاض عوائد النفط حاليا؛ فإنه قد يكون توقيت التوسع في إصدار الأدوات المالية منخفضة المخاطر مثل الصكوك سيؤثر في النشاط الاقتصادي بصورة عامة، وقد يؤدي إلى نتيجة عكسية، وهي قصور في السيولة في السوق، ما سيؤثر في الأنشطة الاقتصادية الأخرى في المملكة بصورة عامة، ولذلك من المهم السعي من خلال هذه الإصدارات إلى استقطاب مزيد من السيولة من خلال الشركات والمؤسسات الأجنبية التي ستزيد من نشاط السوق المحلية.
من المهم العناية بأن تكون مثل هذه الإصدارات متاحة للأفراد، حيث يخصص جزء منها كما هو الحال في إصدارات الأسهم للأفراد للاكتتاب بها، وقبل ذلك لا بد أن يكون هناك حملة لتوعية أفراد المجتمع بالمقصود بالصكوك الإسلامية، باعتبار أنها إحدى الأدوات الاستثمارية التي يمكن أن يستفيد منها الأفراد، علما بأن الوعي بمثل هذه الأداة في السوق المالية السعودية محدود جدا، وهذا ما يفسر عدم اهتمام الأفراد بها، مقارنة بسوق الأسهم التي تنفَذ فيها صفقات بالمليارات يوميا.
من المسائل التي سبقت الإشارة إليها في أكثر من مقال مسألة قدرة الأفراد على شراء الصكوك أو تداولها، حيث إن قيمة الوحدة الواحدة من الصكوك حاليا التي تتداول في السوق المالية ما زالت عالية فلا يستطيع الأفراد غالبا الاكتتاب بها أو تداولها بصورة دورية، وهذا قد يتطلب النظر في آلية إصدار الصكوك، حيث تكون مثل الأسهم لا تزيد القيمة الاسمية فيها على مبلغ محدد كألف ريال على سبيل المثال، وذلك لتمكين الأفراد والمؤسسات من تداولها بصورة دورية، وهذا سيشجع نشاط السوق المالية، إذ إن تداول الصكوك بصفة دورية سيزيد من عوائد شركة تداول، وسيشجع الأفراد للاستثمار في هذه الأدوات.
فالخلاصة أن عزم شركة بحجم أرامكو السعودية على إصدار صكوك إسلامية لا شك أن له أثرا إيجابيا في السوق المالية، وفي هذه الأداة، باعتبار أنه سيزيد من حجم الثقة بها محليا وعالميا، وسيزيد من حجم إصداراتها بصورة كبيرة، كما سيشجع على استقطاب السيولة الأجنبية إلى القطاعين الصناعي والمالي بالمملكة، ومن المهم دراسة مسألة المبالغة في إصدار أدوات الدين، باعتبار أن السوق قد تتأثر السيولة فيها بسبب انخفاض عوائد النفط، وسحب مزيد من السيولة قد يؤثر في نشاط السوق المحلية.
(المصدر: الاقتصادية 2016-02-06)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews