ما هي آثار محاولات المخابرات تجنيد المسلمين الجدد على وضعهم؟
ذكرت دراسة أكاديمية بريطانية أن استهداف المخابرات البريطانية "إم آي فايف" للمسلمين الجدد، ومحاولتها تجنيدهم للتجسس على المجتمعات المسلمة في بريطانيا، تترك آثارا سلبية عليهم، وتجعلهم عرضة للشكوك والنفور من بقية المسلمين.
وقال تقرير إن الرجال الذين يعتنقون الإسلام يجدون أنفسهم هدفا للخدمات السرية البريطانية، التي تطلب منهم التحول إلى مخبرين، ما يجعلهم محلا للشك، ويعزلهم عن عائلاتهم وبقية المجتمع بأسره.
ويذكر التقرير أن الدراسة، التي أجراها مركز الدراسات الإسلامية في جامعة كامبردج، أشارت إلى أن الرجال البريطانيين الذين يعتنقون الإسلام ينظر إليهم عادة من المجتمع البريطاني بشكل عام على أنهم "منبوذون" قاموا باعتناق ثقافة "غريبة، بدائية تعد تهديدا" على المجتمع.
والدراسة قامت على تجربة 50 مسلما بريطانيا من مختلف الأعمار والعرقيات والأصول الدينية ممن اختاروا الإسلام، مشيرة إلى أن الباحثين اكتشفوا أثناء البحث، الذي استمر 18 شهرا، أن الكثيرين شعروا بأن الإعلام يعمل على شيطنتهم، خاصة عندما صورهم بأنهم إرهابيون محتملون.
ويورد التقرير، نقلا عن بعض المشاركين في الدراسة، قولهم إن المخابرات الداخلية "إم آي فايف" قامت بالاتصال بهم شخصيا، وطلبت منهم التعاون والعمل مخبرين، حيث قام عملاء الوكالة باستخدام "كلام معسول" أو "التهديد المبطن"، لحثهم على التعاون مع المخابرات، لافتا إلى أنه بسبب هذه الأساليب، فقد تمت معاملة الكثير من المسلمين الجدد بشك، ما صعب من عمليات اندماجهم في الدين الجديد.
ويقول مدير مركز الدراسات الإسلامية البروفيسور ياسر سليمان، إن الكثير من المسلمين الجدد شعروا بأنهم "خارجون" عن السياق من أصدقائهم وعائلاتهم، وكذلك من المسلمين، ما تركهم وبشكل استثنائي معزولين. ويضيف سليمان أن "اعتناق الإسلام في الغرب شوهته مزاعم التطرف- العنيف وغير العنيف- والتشدد وللأسف الإرهاب".
ويتابع سليمان بأن اعتناق الإسلام "أصبح ضحية عدم اللامبالاة من الرأي العام تجاه الدين، خاصة في المجتمعات العلمانية، ما عرض من يعتنقون الدين لوصفهم بأنهم ليسوا فقط غريبي الأطوار وغير أسوياء ومنبوذين ومتمردين، ولكنهم أيضا مرتدون وخونة وأعداء وطابور خامس ممن أداروا ظهورهم لثقافتهم الأصلية".
ويشير التقرير، إلى أن الدراسة حملت عنوان "سرديات اعتناق الإسلام في بريطانيا: منظور ذكوري"، وجاء فيها أن المسلمين الجدد هم "أقلية داخل أقلية"، ودعت الدراسة إلى إنشاء منظمة خاصة تتولى العناية بهم ومساعدتهم على التخلص من مشاعر الرفض الناجمة عن اعتناقهم الإسلام.
ونقلت الدراسة تجربة عبد الملك تايلور، الذي تحول من الهندوسية واعتنق الإسلام قبل 20 عاما، ويدير شركة سياحة في لندن، وقال إنه "عانى من انتهاكات جسدية ونفسية" من عائلته، عندما قرر تغيير دينه. وأضاف: "ظن أقاربي أنني تعرضت لغسيل دماغ، وأصدروا إنذارا نهائيا لي، وقالوا لي: تخل عن الدين (الجديد)، أو غادر البيت، كنت في عمر الـ 18 عاما، وكان علي المغادرة بعد ضربي". وقال إنه يتم تجنب المسلمين الجدد الذين ساهموا بشكل إيجابي في المجتمع، فيما يتم التركيز على المتشددين.
وبحسب التقرير، فقد ذكرت الدراسة أن أسباب اعتناق الإسلام متنوعة، من الوقوع في حب فتاة مسلمة، و"البحث الروحي"، أو تعرض الشخص لأزمة شخصية، مشيرة إلى أن البعض قرر اعتناق الإسلام بعد "حلم" شاهده في المنام.
ويفيد التقرير بأن من الذين شاركوا في الدراسة مارك باريت من مدينة نريتش، الذي اعتنق الإسلام قبل ثمانية أعوام، وقال: "يعاملني أصدقائي وعائلتي بطريقة مختلفة، واضح أن الناس لا يعرفون الكثير عن الإسلام في عالم اليوم، ولهذا فهم يتجنبون أحيانا النقاش عنه، حتى لو طرحت الموضوع، وفي الوقت ذاته، فإنه بشكل عام هناك تعاطف حقيقي في الغرب، وتفهم حول الطريقة التي يجب فيها فهم الإسلام تاريخيا؛ بسبب الحروب السياسية التي حدثت. وأعتقد أن المخاوف التي تظهر هي مخاوف نابعة من الطريقة التي يتم فيها تمثيل الإسلام أكثر من أي شيء آخر".
وينقل التقرير عن أدريان هيث من نوتنغهام، الذي اعتنق الإسلام قبل ثمانية أعوام، قوله: "لا أعتقد أن أي شخص يغير دينه إلا بسبب انقلاب واجهه ودفعه لتقييم وضعه. لم يكن زواجي ناجحا، وقتل إسلامي الزواج بشكل كامل، فقد تساعدك زوجتك في كل شيء، إلا عندما تقرر اعتناق الإسلام".
ويختم التقرير بالإشارة إلى قول هيث: "عرف والدي عن إسلامي بالصدفة، وكان وقع الخبر عليهما يشبه تلقيهما ضربا على الرأس. وشعر أصهاري بأنه يجب أن أرفع يدي وأعترف بأنني جيمي سافيل (مقدم البرامج المتهم بانتهاك الأطفال)، يمكنك أن تخبر الناس أنك أصبحت بوذيا، أو اتبعت ويكان (دين وثني)، أما الإسلام، فإن اعتناقه غير مبرر وصادم للقيم".
(المصدر: الإندبندنت 2016-02-03)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews