انزعاج حاملي السندات البرتغالية من فرض خسائر على المصارف
كانت هدية عيد ميلاد متأخرة غير سارة بالنسبة لعدد من أكبر المستثمرين في العالم. استيقظوا في الـ30 من كانون الأول (ديسمبر) الماضي، ليجدوا أن البرتغال تنوي فرض خسائر فادحة على نحو ملياري يورو من السندات الممتازة في نوفو بانكو، المصرف الذي تم إنشاؤه من أنقاض بانكو إسبيريتو سانتو.
هذه الخطوة التي تُعزّز التهديدات برفع دعاوى قضائية من بعض المستثمرين كانت الأحدث في سلسلة من عمليات الإنقاذ التي تم إطلاقها من أجل المصارف المُتعثّرة في اليونان وإيطاليا والبرتغال، في الأسابيع القليلة الأخيرة من عام 2015.
في كل حالة، كانت السلطات الوطنية تهرع لاستكمال عمليات إعادة التنظيم المالية قبل تطبيق قواعد أكثر صرامة في كل أنحاء الاتحاد الأوروبي في بداية هذا العام، التي تُملي كيف ينبغي إعادة هيكلة المصارف المُتعثّرة.
ألكسندر بيري، محلل الائتمان في ستاندرد آند بورز، يقول: "هناك تغيير في الحرس. السيطرة على العملية تنتقل إلى هيئة أوروبية".
لقد تم ترسيخ النظام الجديد، الذي يضع حاملي سندات المصارف في خطر فرض الخسائر بدلاً من ترك دافعي الضرائب يتحمّلون مسؤولية عمليات الإنقاذ، مع إنشاء مجلس الحل الواحد في الأول من كانون الثاني (يناير) الماضي. هذه الهيئة القائمة في بروكسل سوف تتولّى المسؤولية لاتخاذ القرار عند فشل أحد المصارف والإشراف على "عملية الحل" الخاصة به.
توماس هويرتاس، الشريك في وكالة إيرنست آند يونج والمُنظم البريطاني السابق، يقول: "من وجهة نظري، ما يقود اندفاع النشاط هذا هو القلق حول انتقال السلطة إلى مجلس الحل الواحد وبعيداً عن المنظمين الوطنيين. الأمر يتعلّق بالسلطة الجديدة فضلاً عن القواعد الجديدة".
يُحذّر بعض المستثمرين من أن الطريقة المُربكة وغير المُتناسقة التي تتعامل بها السلطات مع فشل المصارف في الأيام الأولى للاتحاد المصرفي الجديد في أوروبا، من المرجح أن تؤدي إلى رفع تكاليف التمويل بالنسبة للمصارف الضعيفة ويُمكن أن تؤدي إلى عمليات دمج.
في حين أن المصارف لا تزال بحاجة إلى إصدار مزيد من السندات التي يُمكن فرض خسائر عليها، إلا أن إصدار السندات بشكل عام في القطاع كان راكداً في أوروبا. حيث انخفض العام الماضي بأكثر من 10 في المائة ليُصبح 196 مليار يورو، باستثناء السندات المُغطاة. يقول محللون إن بيع السندات قد يرتفع هذا العام، جزئياً لتلبية المتطلبات الجديدة.
ديفيد سيرا، الرئيس التنفيذي لصندوق ألجيبريس الذي يستثمر في سندات المصارف، يقول: "إذا كنت مصرفاً أوروبيا صغيرا، فإن التكلفة التي ستتحملها على السندات الممتازة ينبغي أن ترتفع كثيراً. وهذا أيضاً ينبغي أن يؤدي إلى مزيد من عمليات دمج المصارف الصغيرة لأن كثيرا منها يُمكن أن يخرج من السوق".
ويقول إن المصارف سوف تتعرّض للضغط من أجل إصدار مزيد من السندات الثانوية "التي يمكن فرض خسائر عليها" لتكون بمنزلة مُخفف صدمات في حال حدوث أزمة. "كما سيرغب حاملو السندات الممتازة في جزء كبير من السندات الثانوية التي تحتها".
فيليب بودرو، مدير محفظة استثمارية في شركة بيمكو، واحدة من أكبر مستثمري السندات في العالم، يقول: "أنا أعتقد أن من المناسب تماماً أن حاملي السندات ينبغي أن يحصلوا على نصيبهم العادل من الخسائر عندما يفشل أي مصرف، وفي الواقع أنا أؤيد ذلك، لكن يجب أن تكون هناك قواعد عادلة للمشاركة".
"مبادئ فرض الخسائر مقبولة تماماً بالنسبة لنا، لكن من الناحية العملية، التنفيذ في كل أنحاء أوروبا حتى الآن كان فوضوياً".
في إيطاليا، اختارت الحكومة فرض الخسائر على حاملي السندات الثانوية، في أربعة مصارف إقليمية صغيرة كانت قد واجهت مشكلات. عمليات الإنقاذ استثنت أصحاب الودائع وحاملي السندات الممتازة، وفي الوقت نفسه ضخ 3.6 مليار يورو من صندوق حل الصناعة. تلك الخطوة تسبّبت في ضجة سياسية لأن كثيرا من السندات الثانوية في المصارف قد تم بيعها إلى مستثمرين أفراد كمنتجات ادّخار، بما في ذلك أحد المتقاعدين الذي أقدم على الانتحار في وقت لاحق.
هذا الجدل دفع الحكومة في روما إلى التعهد بإنشاء صندوق تعويض "الصعوبات".
في اليونان، تم إجبار المصارف الرئيسة الأربعة على جمع ملايين اليوروات من خلال بيع الأسهم وتحويل السندات إلى حقوق ملكية -كلاهما بأسعار منخفضة جداً- قبل أن تتمكن من الحصول على تمويل عملية إنقاذ من أوروبا.
في حالة كل من اليونان وإيطاليا، هرعت المصارف إلى إعادة الرسملة قبل أن يدخل نظام الاتحاد الأوروبي الجديد حيّز التنفيذ، الذي يُمكن أن يعني خسائر لأصحاب الودائع الكبيرة.
عندما تم فرض الخسائر على أصحاب الودائع من قبل -كما حدث في قبرص قبل ثلاثة أعوام- تسبّب ذلك في غضب عام وعدم استقرار اقتصادي.
في حالة البرتغال، كانت مصدر الاستياء الأكبر لدى المستثمرين، حيث اختار البنك المركزي خمسة إصدارات للسندات الممتازة من أصل 52 لنقلها من نوفو بانكو إلى "المصرف المُتعثّر" الذي أنشأته للاحتفاظ بأصولها السامة بعد عملية إنقاذ في عام 2014.
شعر المستثمرون بالانزعاج، حيث ادعوا أن البرتغال تمارس التمييز بين حاملي الفئة نفسها من السندات، مُنتهكةً بذلك مبدأ التساوي لمعاملة متساوية من أجل حماية حاملي السندات المحليين.
يقول مستثمرون إنه في حين أن البرتغال سارعت بالقيام بهذا الأمر قبل أن تدخل قواعد الاتحاد الأوروبي حيّز التنفيذ، إلا أن النظام الجديد لم يكن ليمنعها. المادة رقم 72 من قانون حل المصارف وتوجيه الانتعاش يستشهد بعدة ظروف، حيث إن "سلطات الحل ينبغي أن تكون قادرة على استبعاد أو استثناء المطلوبات جزئياً".
بالنسبة لكثير من المستثمرين، يبقى السؤال مفتوحا حول ما إذا كان نظام الاتحاد الأوروبي لإنقاذ المصارف سيشكل تحسينا على ما أصبح مجالا مثيرا للحيرة، ومعقدا بصورة متزايدة.
(المصدر: فاينانشال تايمز 2016-02-01)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews