مستثمرو العملات الأجنبية يحثّون على استبعاد «النظرة الأخيرة»
المستثمرون الذين يستخدمون أسواق صرف العملات الأجنبية يضغطون على المصارف وصنّاع السوق، لتبرير واحدة من ممارساتها الأكثر شيوعاً - وربما الأكثر إساءة من حيث الاستخدام.
الغرامة البالغة 150 مليون دولار المفروضة على بنك باركليز من قِبل دائرة الخدمات المالية في نيويورك الشهر الماضي، كانت بسبب انتهاك "النظرة الأخيرة" زادت من الشكوك حول الطريقة التي تضبط سوق العملات الأجنبية نفسها.
مراجعة أجراها بنك إنجلترا هذا العام شكّكت في الممارسة التي يحصل من خلالها صنّاع السوق على فرصة أخيرة، والتي تستمر بضعة أجزاء من الألف من الثانية، لرفض طلب بعد أن يلتزم العميل بالسعر المعروض، بكونه غير قادر على التحديد، دعا بنك إنجلترا لإجراء مزيد من الدراسة على "ما إذا كان ينبغي أن تبقى هذه ممارسة مقبولة في السوق".
تعمّقت الشكوك بعد الزعم أن بنك باركليز استخدم منصة تداول العملات الأجنبية الخاصة به لرفض التداولات غير المُربحة، والكذب على العملاء بشأن الأسباب. مسؤول تنفيذي كبير في بنك باركليز طلب من الموظفين "فقط القيام بالتشويش وإعطاء إجابات خاطئة" للمستثمرين الذين يشكّكون في التداولات المشبوهة.
هذه القضية ركّزت الاهتمام على الأعمال الداخلية لسوق العملات الأجنبية الإلكترونية للغاية. هوامش الربح في أسعار أشهر أزواج العملات في التعاملات (مثل الدولار في مقابل اليورو) معاً شحيحة للغاية بحيث تم تسعيرها على الأقل بأربع منازل عشرية. وحيث إنها ممارسة تهيمن عليها المصارف، فإن الأسواق تفتقر إلى مكان مركزي لاكتشاف الأسعار، لذلك يتم تقسيم التداولات بين المصارف والمنصّات المُستقلة.
مجموعة صغيرة فقط من المصارف وتجّار التداول عالي السرعة يُمكنهم بناء صورة مُركّبة للسوق. وهذا دفع صنّاع السوق وغيرهم من مزوّدي السيولة إلى خلق النظرة الأخيرة، وهي ميزة تختص بها تداولات العملات الأجنبية، على الرغم من أن هناك أدوات مماثلة موجودة في الأسواق الأخرى.
يقول كيفين ماكبارتلاند، رئيس قسم أبحاث هيكلة السوق في جرينيتش أسوسيتس، شركة استشارات أسواق رأس المال: "يعتقد كثير من الناس أن [النظرة الأخيرة] تمنح شعوراً زائفاً بالأمان حول ما هو سعر السوق فعلاً".
بالنسبة لمؤيّديها، تعتبر النظرة الأخيرة أداة مهمة لمنع الأسعار من التحرّك من قِبل تجّار التداول عالي السرعة تماماً قبل تنفيذ عمليات التداول، وفي نفس الوقت تسمح لصنّاع السوق بالحفاظ على هوامش ربح شحيحة على المناقصات المعروضة للعملاء.
يقول صندوق إدارة الاستثمارات المصرفية النرويجي: "إنها فعّالة في التعامل مع هذه المشكلة". النظرة الأخيرة "تخدم حاجة مشروعة ... ويُمكن أن تساعد على تحسين السيولة المتاحة للمستثمرين".
قضية بنك باركليز أثارت المخاوف من أن الأداة يُمكن إساءة استخدامها من قِبل صنّاع السوق، سواء من خلال القبول على نحو عشوائي أو رفض الطلبات استناداً إلى تحرّكات السوق بعد وضع الطلب، أو من خلال استباق طلبات الزبائن - أي استخدام المعلومات المتوافرة مُسبقاً للقيام بالتداولات الخاصة بهم.
في السوق العالمية، ستكون هناك قواعد جديدة تُضيّق الخناق على التداول الفوري في السوق. وهذا يترك الصناعة إلى حد كبير مضطرة إلى شرح نفسها.
هناك مسألة واحدة هي أن النظرة الأخيرة ليست موحّدة ولا تتمتع بالشفافية في السوق. كثير من منصات التداول المملوكة للبنوك، مثل منصة باركس في بنك باركليز، تسمح بالنظرة الأخيرة، كما تفعل بعض المنصات متعدّدة الوكلاء بما في ذلك هوتسبوت في باتس جلوبال ماركيتس وFXAll في تومسون رويترز. منصات الأخير تجمع الأسعار التي يُقدّمها عديد من السماسرة. يقول فيليب وايزبيرج، الرئيس العالمي لسوق العملات الأجنبية في وكالة تومسون رويترز: "أنا أعتقد أننا بحاجة إلى النظر في كلا جانبي القصة. الناس يُريدون [النظرة الأخيرة] في المقام الأول لزيادة الشفافية والسماح للسوق بأن تُقرّر الطريق الذي تُريد أن تسلكه. بعض الزبائن بحاجة إلى التأكد من الأسعار، والبعض يطلب تأكيدا أقل، والبعض لا يستطيع التعامل مع الأسعار التي تتذبذب بسرعة".
ويُضيف أن صُنع السوق أيضاً يأتي بأشكال مختلفة. "ليست جميع الاستراتيجيات تولد متساوية. بعض الناس يملك بصمة أكبر في السوق". بعض منصات التداول غير مقتنعة بضرورة النظرة الأخيرة. يقول ديفيد ميرسير، الرئيس التنفيذي في المنصة القائمة في لندن LMAX، إن هذه الممارسة "لم تعُد مطلوبة بعد الآن نظراً للتطورات في تكنولوجيا التداول".
ParFX وهي منصة تداول العملات الأجنبية التي تملكها شركة تراديشن، شركة الوساطة المالية بين التجّار في سويسرا، ليست لديها النظرة الأخيرة.
يقول دان ماركوس، الرئيس التنفيذي: "نحن لا نُشجّع السيولة ‘المائعة’ - فهذا من شأنه أن يُلغي تماماً ما يتعلّق بعملنا".
"قد يكون لدينا متداول واحد يقوم بعملية تداول مُهيكلة لأحد الزبائن، لكن لا يُمكننا وضع عملية التداول بالكامل على منصة العملات الأجنبية الفورية. مع ذلك، قد نقترح سعرا أو نستخدم المنصة للتحوّط".
كما يذكر صندوق إدارة الاستثمارات المصرفية النرويجي NBIM، بإمكان المستثمرين ببساطة الانتقال من منصة ذات متداول واحد إلى منصة متعددة المتداولين، التي قد لا تكون قادرة على التعامل مع حجم التداول الذي يُريده كبار المستثمرين.
يقول يزيد شرايحة، رئيس استراتيجيات التنفيذ في وكالة NBIM: "ميزة تجّار السماسرة هي أن التداول أكثر سهولة، وليس فقط من حيث تكاليف الربط التكنولوجي بل أيضاً من حيث حجم عملية التداول". كثير من مؤيدي النظرة الأولى يدعون إلى المزيد من الشفافية من صنّاع السوق وتركيز أقوى على مراقبة سلوكهم، لكن هل سيكون ذلك كافياً لإقناع الزبائن؟
يقول ماكبارتلاند، "إذا شعر كبار المستثمرين أنهم إذا تعرضّوا للظلم بسبب النظرة الأخيرة، فسينتقلون إلى منصة أخرى".
(المصدر: فايننشال تايمز 2016-01-31)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews