سوق العملات الأجنبية .. النرويج وكندا أكثر حساسية في لعبة النفط
النفط وجزء كبير من سوق صرف العملة الأجنبية زميلان تعيسان. العلاقة الوثيقة بين انخفاض أسعار السلع الأساسية واضطراب أسعار النفط الخام، كانت واحدة من حقائق سوق العملات الأجنبية المؤكدة للعام الماضي.
منذ تشرين الثاني (نوفمبر) العام الماضي، عندما زادت "أوبك" الإنتاج للقتال من أجل حصة أكبر من السوق، انخفض سعر نفط خام برنت بأكثر من 40 في المائة. وتبعه سعر النحاس والنيكل وغيرها من السلع الأساسية، التي تضررت من التباطؤ في الصين، وكذلك من التأثير المغناطيسي للنفط على هذا القطاع.
إذا نظرنا إلى بعض من أكبر البلدان المُصدّرة للسلع الأساسية والنفط في العالم، سنرى التأثير في العملات مقابل الدولار واضحا - فالروبل الروسي انخفض بنسبة 30 في المائة خلال نفس الفترة، وكرونة النرويج بنسبة 12.6 في المائة، ودولار كندا بنسبة 15.5 في المائة. أما نيجيريا، عضو منظمة أوبك، فقامت بتخفيض قيمة النايرا، العملة الوطنية، مرتين.
غير أن ضربة انخفاض إيرادات النفط بالنسبة إلى البعض خفّفتها السلع الأساسية التي يتم تسعيرها إلى حد كبير بالدولار، بالنظر إلى أنها صارت عملة أقوى بكثير، ولا سيما خلال الأشهر الـ 16 الماضية.
لننظر إلى روسيا، الدولة المُصدّرة للنفط المُهيمنة خارج منظمة أوبك: في حين إن الروبل ارتفع أخيراً، إلا أنه انخفض خلال العام بما فيه الكفاية ليعود بالفائدة على شركات إنتاج النفط في بلاده، لأنهم يدفعون مقابل إنتاج النفط بعملة الروبل، لكنهم يحصلون على الإيرادات بالدولار.
يقول سيمون إيفانز، مختص استراتيجية الأسواق الناشئة في بنك كوميرزبانك، "إن هذه هي الطريقة التي تريد حكومة بوتين أن يتم بها الأمر. وزارة المالية سعيدة لرؤية قيمة الروبل تنخفض، في الوقت الذي ينخفض فيه سعر النفط".
هناك دول أخرى غير محظوظة، هي تلك البلدان المُنتجة للنفط ذات العملات المُرتبطة بالدولار، بما في ذلك الدول أعضاء منظمة أوبك - عدا أكبر دولة مُصدّرة للنفط في العالم والقائدة الفعلية للمنظمة، وهي السعودية.
ويُشير بنك آر بي سي كابيتال ماركيتس إلى أن السعودية تعوض ذلك باللجوء إلى آلية الاستدانة عبر سوق السندات للحفاظ على المستويات العالية من الإنفاق العام.
إلا أن احتياطات العملات الأجنبية الصعبة ما زالت تراوح ما بين 746 مليار دولار إلى 647 مليار دولار في الفترة ما بين صيفي 2014 و2015.
وفي حين إن السعودية قادت سياسة المنظمة لتكثيف الإنتاج للحفاظ على حصة دول منظمة أوبك، في مواجهة المنافسين ذوي التكلفة المرتفعة، مثل مُنتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة، إلا أنها تستطيع أن تجادل بأنها كانت واحدة من الدول الأكثر تضحيةً، بالإبقاء على ارتباط عملتها التاريخي بالدولار، في ظل الانخفاض الحاد والقاسي لأسعار النفط.
هل ربط السعودية عملتها بالدولار أمر مُستدام؟ يقول كويجانو إيفانز "إذا استمروا في التمسّك بهذا الربط، واستمر انخفاض الأسعار بهذه الحدة، فقد يواجهون مخاطر الحصول على إيرادات أقل بكثير". الربط السعودي بالدولار تحمل حصته من أزمات أسعار النفط.
الكثير يعتمد على أين سيذهب سعر النفط من هنا. منذ آب (أغسطس) الماضي، كان يتم تداول معيار النفط الدولي إلى حد كبير بأقل من 50 دولارا للبرميل، وهو في سبيله ليصل إلى متوسط أدنى مستوى له منذ عام 2005، عندما بدأ نمو الصين في التسارع.
تستمر الصناديق في المراهنة ضد السعر، عن طريق زيادة تعاملاتها على المكشوف في خام برنت إلى أعلى المستويات هذا العام، حيث إن عددا قليلا منها يتوقّع أن تُجري منظمة أوبك تغييرا جذريا في الاتجاه.
هل انخفاض أسعار النفط يُعرّض أيضاً ربط العملة في نيجيريا المُنتجة للنفط للخطر؟ قامت نيجيريا بتخفيض قيمة النايرا مرتين، وفي الأمس القريب، خفّضت سعر الفائدة القياسي للمرة الأولى منذ ستة أعوام، بمقدار 200 نقطة أساس.
يقول أنجوس داوني من "إيكوبانك"، "هناك ما يكفي من احتياطات العملات الأجنبية لتدبير أمورهم، لكن ليس لفترة أطول من ذلك بكثير. إما أن سعر النفط سيرتفع بشكل حاد أو أنك ستتأقلم مع الواقع الجديد".
ويُضيف أن "السياسة النقدية الأكثر تساهلاً كانت غير تقليدية ومن شأنها خلق ضغوط إضافية على سعر الصرف".
بالنسبة إلى الدول المُصدّرة للنفط في مجموعة العشرة، فإن ارتباط العملات الأجنبية بسعر النفط ربما بدأ يتلاشى. النفط يملك تأثيرا بالفعل في الدخل القومي في كندا والنرويج، لكن مارفين بارث، الرئيس الأوروبي لأبحاث العملات الأجنبية في باركليز، يقول "إن صادراتهما من النفط لا تُمثّل سوى نسبة صغيرة من الناتج المحلي الإجمالي".
في الوقت الذي تتحرّكان فيه لتنويع اقتصادهما، قد تكون النرويج وكندا أكثر حساسية في لعبة النفط، وأكثر حرصاً وبالتالي ترقباً لمعرفة اتجاهات اجتماع منظمة أوبك الأسبوع المُقبل.
كيت جوكس، من بنك سوسييتيه جنرال، يتوقّع أن يكون متداولو العملات مُلتصقين بنتائج الاجتماع، نظراً للتأثير الكبير الذي أحدثه النفط في بعض من أكبر تحرّكات العملة في عام 2015، ويقول "سنراقب منظمة أوبك مرة أخرى بفارغ الصبر".
(المصدر: فايننشال تايمز 2015-11-27)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews