ارتفاع المخزون يزيد الضغط على الأسعار
انخفاض أسعار النفط يعزز الاستهلاك العالمي للنفط ويرفع معدلات تشغيل المصافي، لكن مع ذلك الزيادات في الإنتاج تفوق جميع الطلب الإضافي.
يذهب فائض الإمدادات عادة إلى الخزانات. في الشهر الماضي، ارتفع إجمالي مخزونات النفط الخام والمنتجات في الولايات المتحدة، وأوروبا واليابان بنحو 12 مليون برميل، ووصل إلى مستوى قياسي بلغ نحو 2.63 مليار برميل. معظم الزيادة في الخزين كانت في المنتجات، ولكن كانت هناك زيادة عشرة ملايين برميل في مخزونات الخام الأوروبية، التي عوضت عن سحب الخام في الولايات المتحدة. مخزونات النفط الخام والمنتجات في نهاية عام 2015 كانت أعلى من مخزونات العام الذي سبقه بنحو 200 مليون برميل، والحاجة إلى تخزين نواتج التقطير المتوسطة في الخزانات البحرية أدت إلى اتساع الفرق بين أسعار زيت الغاز الأوروبية الفورية والآجلة.
ورفع العقوبات عن إيران يمكن أن يضيف نحو 500 ألف برميل في اليوم أو أكثر إلى إمدادات النفط العالمية قبل نهاية هذا الربع من العام. لقد دفع فائض إمدادات النفط الخام المتزايد أسعار خام بحر الشمال برنت إلى ما دون 30 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ أوائل عام 2004. لكن أسعار المنتجات النفطية لم تنخفض بالسرعة التي انخفضت فيها أسعار النفط الخام، كما أن هوامش أرباح المصافي ـــ خصوصا المعقدة منها ــــ ظلت قوية بما يكفي لتشجيع معدلات التشغيل العالية. في عام 2015، وصلت معدلات تشغيل المصافي في الولايات المتحدة إلى 91 في المائة من الطاقة الكلية، وهذا أعلى مستوى لها في أكثر من عقد من الزمن، في حين ارتفع معدل إنتاجية المصافي الأوروبية في النصف الثاني من العام إلى أعلى مستوياته في ثلاث سنوات إلى 10.6 مليون برميل في اليوم. وفي العام الماضي، عززت هوامش المصافي القوية في سنغافورة معدلات تكرير النفط الخام في الصين، والهند وكوريا الجنوبية بنحو 900 ألف برميل في اليوم.
في نهاية شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، قامت مصافي النفط في الولايات المتحدة بخفض مخزونات النفط الخام للحد من الالتزامات الضريبية. لكنها ارتفعت في منتصف الشهر إلى أكثر من 490 مليون برميل، أي ما يعادل الرقم القياسي الذي وصلت إليه قبل ثمانية أشهر. انتهاء موسم الصيانة الخريفية أدى إلى ارتفاع إنتاجية المصافي إلى 16.6 مليون برميل في اليوم ـــ مسجلا رقما قياسيا جديدا في كانون الأول (ديسمبر) ـــ ولكن ارتفاع واردات النفط الخام عوض الزيادة في طلب المصافي. حيث، وصلت واردات النفط الخام الأمريكية إلى 7.8 مليون برميل في اليوم، أعلى مما كانت عليه في تشرين الثاني (نوفمبر) بنحو 380 ألف برميل في اليوم. معظم الزيادة جاء من كندا ومنطقة الخليج العربي. في الشهر الماضي أيضا، وصلت واردات الولايات المتحدة من السعودية، والعراق والكويت إلى أعلى مستوياتها في 18 شهرا قرب 1.8 مليون برميل في اليوم، في حين ارتفعت الواردات من كندا إلى 270 ألف برميل في اليوم بعد انتهاء الصيانة في وحدات تحسين القار Bitumen Upgraders. على أثر ذلك ارتفع مخزون النفط الخام في منطقة كوشينج، في ولاية أوكلاهوما إلى مستوى قياسي جديد قرب 63.8 مليون برميل، أي نحو 30 مليون برميل من المستويات التي كانت عليها قبل عام.
وقد بلغ متوسط مجموع مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة في العام الماضي 465 مليون برميل، ارتفاعا من متوسط 380 مليون برميل في عام 2014. الإنتاج المحلي ـــ الذي دعم من ارتفاع النفط الصخري ــــ هو الآن أقل من مستويات العام الماضي. ولكن، متوسط إنتاج عام 2015 عند 9.3 مليون برميل في اليوم، لا يزال أعلى من العام الذي سبقه بنحو 600 ألف برميل في اليوم، متجاوزا الزيادات في معدل تشغيل المصافي. وقد انخفض إنتاج الولايات المتحدة بنحو 400 ألف برميل في اليوم منذ بلغ ذروته عند 9.6 مليون برميل في اليوم في نيسان (أبريل)، ولكن معدل الانخفاض تباطأ في الشهرين الماضيين. وفي خزانات الحوض الأطلسي هناك فائض متزايد من نواتج التقطير، التي أدت إلى إضعاف هوامش أرباح وقود الديزل والطائرات على جانبي المحيط الأطلسي. بالفعل تراجعت هوامش الديزل في شمال غرب أوروبا إلى النصف منذ بداية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وهي الآن أقل من ثمانية دولارات للبرميل للمرة الأولى منذ ست سنوات. كما انخفضت هوامش ساحل الخليج في منتصف الشهر الماضي إلى أدنى مستوياتها في خمس سنوات إلى خمسة دولارات للبرميل. وفي الوقت نفسه، امتلأت الخزانات في أوروبا بنواتج التقطير عن طريق الاستيراد من روسيا وآسيا ـــ المحيط الهادئ، وكذلك من مصاف جديدة في منطقة الخليج العربي. كما ضغط المناخ المعتدل في الربع الأخير على مبيعات وقود التدفئة في الأسواق الرئيسة على جانبي حوض الأطلسي الشمالي، ما فاقم من فائض إمدادات نواتج التقطير. حيث تمت إضافة أكثر من 50 مليون برميل إلى مخزون دول الاتحاد الأوروبي 16 ــــ الذين يمثلون 15 دولة أعضاء قبل عام 2004 والنرويج ـــ في الأشهر الـ 12 الماضية، تاركا المخزونات عند مستويات قياسية جديدة. مع تشدد سعة التخزين في أوروبا تجد المصافي الأمريكية صعوبة في تصدير فائض الديزل، ومعظم إنتاجهم يذهب إلى التخزين، في الوقت الذي يتم فيه تشغيل المصافي عند معدلات عالية لإنتاج البنزين. إنتاج نواتج التقطير يفوق بكثير الطلب المحلي المنخفض، لذلك ارتفعت مخزونات نواتج التقطير الأمريكية في الشهر الماضي بنحو 380 ألف برميل في اليوم، لتنهي العام أعلى مما كانت عليه في كانون الأول (ديسمبر) 2014 بنحو 20 مليونا.
الطلب القوي على البنزين، ولا سيما في أسواق الولايات المتحدة وآسيا ـــ المحيط الهادئ، يمتص معظم الإمدادات الإضافية من المصافي ويدعم هوامش التكرير، في حين يجد البنزين الأوروبي أسواقا للتصدير في إفريقيا والخليج العربي، وهو ما ترك المخزونات في منطقة روتردام أقل بكثير من المستويات التي كانت عليها في الفترة نفسها من عام 2014. وقد ارتفعت مخزونات البنزين الأمريكية بحدة بعد تراجع الطلب الموسمي، ومع ذلك أنهت العام الماضي أقل بنحو عشرة ملايين برميل مما كانت عليه في نهاية عام 2014.
(المصدر: الاقتصادية 2016-01-27)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews