رفع العقوبات عن إيران لن ينقذها من أزماتها
رفع المجتمع الدولي العقوبات الاقتصادية عن إيران في مقابل تقديمها تنازلات نووية كبرى، وفق صفقة تم التوقيع عليها في الصيف الماضي.
إلا أن انخفاض أسعار النفط وسوء الأداء الاقتصادي في إيران، يوحي بأن هذا البلد لن يستفيد اقتصادياً كما يخشى منتقدو الصفقة، أو كما يأمل مؤيدوها.
لا نقطة تحول
من جانبهم، اعتبر مهندسو الصفقة النووية بأن لحظة رفع العقوبات تمثل "نقطة تحول" بالنسبة لإيران، فبين عشية وضحاها، رفعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قيوداً على نشاطات إيران المصرفية الدولية، وعلى مبيعات منتجاتها النفطية، وعلى سياراتها وموانئها وقطاعات شحنها وطيرانها.
ولكن لم يكن لهذه اللحظة أن تأتي في ظروف اقتصادية أكثر سوءاً بالنسبة لإيران، حيث انخفضت أسعار النفط لما دون 30 دولاراً للبرميل، ويتوقع محللون أن يكون لذلك أشد الأثر على اقتصاد إيران المعتمد أساساً على صادراته النفطية.
واليوم، وبعد رفع العقوبات، تسعى إيران لزيادة إنتاجها النفطي بمعدل 500 ألف برميل يومياً، ورفعه لكي يصل لمليون برميل يومياً في خلال عام، ما يضيف إلى سوق غارق حالياً بأكثر من 1.5 برميل إضافي من النفط يومياً، كما أن منافسي إيران من كبار منتجي النفط، مثل السعودية وروسيا، ليسوا مهتمين بإيجاد مكان لإيران في السوق.
ضربة أخرى
وتمثل سوء الأوضاع الاقتصادية في إيران ضربة أخرى ضدها، كما تصنف منظمة الشفافية الدولية إيران في المرتبة 136 من بين 175 دولة على مؤشر الفساد، وتأتي إيران أيضاً في مرتبة متقدمة على قائمة من الدول المشهورة بعمليات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
ولزيادة الطين بلة، قدم صندوق النقد الدولي تقريراً يشير لتوقعات غير متفائلة بشأن الاقتصاد الإيراني، حيث توقع في الشهر الماضي أن لا يرتفع مؤشر نمو إجمالي الدخل القومي لعامي 2015/2016 عن نقطة الصفر، وأن تزيد نسبة البطالة حوالي 1.5 %، وأن تنخفض نسبة الصادرات بنسبة 10%، كما لفت صندوق النقد الدولي الأنظار للدين العام، ولفوضى في نظام المصارف الإيراني.
جملة مخاطر
وهكذا، يتوقع أن تؤدي جملة مخاطر مرتبطة بإقامة علاقات تجارية مع إيران لامتناع المصارف الدولية عن المشاركة في هكذا علاقات، ومن الجدير بالذكر أن عدداً من البنوك الأوروبية المالكة لرؤوس أموال كبيرة غرمت بمليارات الدولارات جراء خرقها العقوبات الأمريكية، وباتت ممنوعة من العودة إلى العمل في إيران، وكان جزءاً من التسوية التي توصلت إليها تلك البنوك مع وزارة العدل الأمريكية، حيث شمل تعهداً بعدم توسيع نشاطاتها مع الدولة المارقة.
إيقاع فاتر وقلق
وبحسب تقرير سوف تتوسع العمليات التجارية مع إيران، وحتى في ظل بقاء شبكة من العقوبات الأمريكية، وتهديد واشنطن بفرض غرامات باهظة على المخادعين، ولذا سيركز الإيرانيون، ومن يرغبون في المتاجرة معهم، على عمليات سريعة الإيقاع وليست شديدة المخاطر، وهي بالتالي قد لا تكون ذات فائدة كبيرة.
وفي الولايات المتحدة، يخشى معارضو الصفقة النووية من أن يؤدي الإفراج عن 100 مليار دولار من الأموال الإيرانية المجمدة، والتي بدأت بالتدفق، وفق الصفقة في "يوم التطبيق"، لتمكين إيران من زيادة نشاطاتها في زعزعة استقرار المنطقة، وتعزيز دعمها للإرهاب.
ولكن حتى لو كان وزير التجارة الأمريكي، جاكوب ليو، مخطئاً في اعتقاده بأن معظم تلك الأموال محتجزة في قروض متعثرة، ويجب أن تستخدم لحماية الريال الإيراني، ولتطوير مشاريع بنية تحتية، فإنها بالمجمل متواضعة.
حاجة ماسة
وستكون إيران، مع 80 مليون إيراني وإجمالي دخل قومي لا يزيد عن 1.4 مليار دولار، في أمس الحاجة للعملة الصعبة لكي تواصل استعراض قوتها في المنطقة، وفي جميع الأحوال، فهي مرهقة جراء إنفاقها العسكري الضخم، ولن تستطيع مواصلة نشاطها في زعزعة استقرار المنطقة جراء محدودية مواردها الاقتصادية.
ورغم ذلك، هناك تحذيرات للمجتمع الدولي من عمليات تلاعب تجاري، وضرورة إبقاء العين مفتوحة على الأصول الإيرانية والتزاماتها.
(المصدر: ناشيونال إنتريست 2016-01-18)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews