ارتفاع إيجارات الشقق..مشكلة عاجلة
القاعدة الاقتصادية تقول إن سوق العقار من أهم الأسواق الاستثمارية التى تؤثر على أفراد المجتمع سلباً وايجاباً، وهو مقياس مهم وحسّاس، يعكس مدى قوّة النهضة التنموية في أي دولة من دول العالم.
وهنا في قطر، ساهم هدم العمارات القديمة،وبناء أخرى حديثة في الأعوام القليلة الماضية، في انعاش السوق العقاري بشكل كبير، الأمر الذي زاد من حدة التنافس بين شركات المقاولات والبناء، وبين رغبة الملاك ووسطائهم العقاريين،لفرض قيم ايجارية على من يريد الاستئجار لشقق في أملاكهم.
وقد لعب السماسرة دورا مؤثرا وقويا لصالح مالك العقار، الى جانب مصلحة الوسيط العقاري الذي يتقاضى نسبة من المؤجر والمستأجر، مع أنه من المفروض ان تكون عمولة الوسيط (المكتب) العقاري، أي السمسار،على صاحب الملك.
المستأجر وهو الحلقة الأضعف لغياب المظلّة القانونية التي تحدد العلاقة بين المؤجّر والمستأجر،يجد نفسه ملزما بالدفع في كل الأحوال، هذا بالإضافة إلى أن هؤلاء السماسرة قد يخلقون أوضاعا قانونية من خلال عقود الايجار، وصفها أحد المحامين بأنها عقود اذعان غريبة وعجيبة، فمعظم بنود هذه العقود تكون لصالح صاحب الملك.
الجدير بالذكر أن العلاقات الإيجارية كانت تخضع لشروط وأحكام قانون الإيجار رقم 4 لسنة 2008، وتعديلاته، التي ارتبطت بمدة عقد الإيجار ونسب زيادة القيمة، حيث كان يوجد طلب مرتفع على الوحدات العقارية سواء سكنية أو تجارية،ولا توجد عقارات أو وحدات سكنية تقابل هذا الطلب،الأمر الذى حدا بالمشرّع أن يتدخل باستخدام القانون لحماية مصلحة المجتمع الإيجارية واستقراره، وعدم اعطاء الفرصة للمؤجر بصفته الطرف القوى فى أن يتعسّف فى إنهاء عقد الإيجار بانتهاء مدته، أو رفع القيمة الإيجارية بإرادته المنفردة بشكل مبالغ فيه.
حقّق هذا القانون حينها مصلحة المالك والمستاجر لجهة حماية الثاني من أي اجراء تعسفي من المالك يقضي باخلائه العقار على قاعدة رفع وزيادة الايجار،والتوازن بين طرفى العلاقة الايجارية،وفي الوقت ذاته حقّق نوعا من الاستقرار النفسي والمادي لعائلات المقيمين،فكان المستأجر عند وقوع الخلاف، يورد قيمة ايجار الشقة التي يشغلها الى لجنة خاصة في المجلس البلدي سميّت لجنة فض المنازعات بين الطرفين،وتم تمديد العمل به لفترة زمنية لاحقة.
ما ذكر كانت مرحلة وانقضت، واستقر الأمر الآن على الإبقاء على الاستثناء الخاص بتحديد نسبة زيادة القيمة الإيجارية للعقارات المؤجرة لغير الأغراض السكنية فقط،أما العقارات السكنية والخدمية فقد ترك المشرّع أمر تحديد القيمة الإيجارية، ومدة عقد الإيجار لرغبة الطرفين، لذلك لا يوجد فى الوقت الحالى حد معين أو نسبة معينة تحكم القيمة الإيجارية، ويجوز للطرفين الاتفاق على القيمة الإيجارية دون قيد أو شرط قانونى.
ومن هنا تم اعادة انتاج المشكلة السابقة ذاتها،خاصة أن مدة العقد تمر كلمح البصر،وبات المستأجرالمقيم يعاني،ويجد نفسه أمام خيارين لا ثالث لهما،أن يوافق على الزيادة التى يفرضها ويحدّدها المؤجر،أو مكتب العقار اي الوسيط أو السمسار،دون أن يقابل ذلك تعهد باجراء صيانة وتصليحات للمأجور، أو أن يخلى العين ويسلمها للمؤجر عند انتهاء العقد، وتنفيذ أي من العرضين فيه اذعان غير مرغوب وغضب مكبوت لدى المستأجر، وتصيبه حالة من القلق وعدم الاستقرار، خاصة إذا لاحظنا أن زيادة القيمة الإيجارية تنتشر فى كل الأماكن كالنار التى يكتوي بها من يقترب منها.
في ظل هذا الوضع على المشرّع أن يتحرّك كما السابق،لحماية المستأجرين من جشع البعض من أصحاب العقارات وللحد من استغلالهم برفع قيمة الإيجارات بطريقة غير مبررة، ترهق رواتبهم التي لم تطرأ عليها أية زيادة منذ سنوات...والى الثلاثاء المقبل.
(المصدر: الشرق القطرية 2016-01-05)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews