خطوة واحدة من غزة إلى مصر معناها الموت
أثارت قصة إسحاق حسن (28 عاما) جدلا واسعا بين الفلسطينيين، وفتحت من جديد قضية الحصار المفروض على قطاع غزة. فكما يقول تقرير، فقد دفع أمر ما حسن للخوض في مياه البحر المتوسط في محاولة مستحيلة على الفلسطينين كلهم، وهي الهروب من غزة.
ويقول التقرير إن المسؤولين الفلسطينيين قالوا إن حالة حسن النفسية لم تكن سوية، في الوقت الذي أكدت فيه عائلته أنه كان في حالة عقلية جيدة عندما حاول اجتياز المياه الفاصلة بين بحر غزة ومصر. وتقول عائلته إنه كان يحاول ولأكثر من عام الدخول إلى مصر عبر الحدود، ولكنه لم ينجح، حيث كان يرغب بتلقي العلاج من جرح أصابه هناك.
وينقل التقرير عن شقيقه إبراهيم حسن قوله: "ظن إسحاق أن المصريين سيرحبون به، كما يفعل الأوروبيون، الذين يتعاملون مع اللاجئين السوريين، ويرحبون بهم".
وما حدث لإسحاق كان مختلفا، ففي اللحظة التي قطع فيها الحدود إلى مصر، أمطره حرس الحدود بوابل من الرصاص، رغم محاولات الحرس الفلسطيني لفت انتباه الجانب المصري بأن إسحاق يعاني من مشكلات عقلية.
ويشير التقرير إلى أن الفيديو الذي تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي أظهر، وبشكل لا يدع مجالا للشك، أن إسحاق لم يكن يشكل تهديدا على أحد، وعندما توقف إطلاق النار، سحب الجنود المصريون الجسد الميت من الماء، حيث سجلت الكاميرا تلك اللحظة في صورة تستحضر رحلات صور المهاجرين الغرقى في البحر المتوسط، ولكنها كشفت بشكل واضح عن حياة الفلسطينيين في غزة، الذين لا يستطيعون المشي ولو خطوات من حدودهم.
وخلال العامين الماضيين أصبح من الصعب اختراق الحدود مع مصر، وهو ما أدى إلى حالة من اليأس بين الفلسطينيين، الذين وجدوا أنفسهم عالقين بين إسرائيل ومصر، اللتين تقيدان حركة عبور الفلسطينيين، مشيرة إلى أن حكومة عبد الفتاح السيسي أبقت الحدود مغلقة لمدة 339 يوما هذا العام، بحسب وزارة الداخلية في غزة.
ويلفت التقرير إلى أن أكثر من 25 ألف فلسطيني ينتظرون العبور إلى مصر، ومنهم أشخاص يرغبون بالحصول على العناية الطبية أو الدراسة في الخارج. وقامت الحكومة المصرية بتدمير عدد كبير من الأنفاق، التي كانت تمثل معبرا بديلا للسكان للعالم الخارجي.
والسلطات المصرية، التي تتعامل مع تمرد قاتل في صحراء سيناء، بررت عملية الإغلاق بأنه إجراء ضروري يمنع تدفق المقاتلين والأسلحة، وأظهر حرس الحدود في الوقت ذاته استعدادا متزايدا لاستخدام القوة القاتلة ضد أي شخص يحاول العبور، لافتة إلى أن الجنود المصريين قتلوا 20 سودانيا كانوا يحاولون عبور الحدود المصرية مع إسرائيل في الأسابيع الستة الماضية.
ويكشف التقرير، عن أن السلطات المصرية رفضت التعليق على مقتل السودانيين، مستدركا بأن البعض يأمل بأن يؤدي مقتل إسحاق حسن إلى وضع ضغوط على الحكومة في القاهرة؛ كي تخفف من الحصار.
وينقل عن محمد اللباد، الذي نظم تظاهرة أمام السفارة المصرية في غزة، قوله: "ربما قام حسن بكسر الحصار بطريقته وحصل على السلام الأبدي".
وينوه التقرير إلى أن قناة "الجزيرة" في قطر كانت هي أول من بث شريط مقتل حسن، وقالت إنه كان يعاني من اضطرابات نفسية. وأكد المتحدث باسم وزارة الداخلية إياد البزم الأمر. وقال إن حرس الحدود الفلسطينيين حاولوا منع حسن لكنه هرب، وأضاف أن المصريين قتلوه بدم بارد، وقال: "هذه الجريمة التي وقعت في وضح النهار تعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي؛ لأن الرجل كان أعزل من السلاح، ويعاني من مشكلات نفسية".
ورفضت عائلته كل الاتهامات بأن حسن كان يعاني من اضطرابات نفسية، وقالت إنه كان يجهز بيتا ويبحث عن عروس، وكان يدرس اللغة الإنجليزية في منظمة أمريكية غير ربحية توفر التعليم المجاني في الشرق الأوسط. وأضافت العائلة أنه كان مصمما على الخروج من غزة، وأنه كان يعاني من آثار جرح أصابه عام 2007، عندما أصابته رصاصة أثناء اشتباك بين فصائل فلسطينية، وكان حينها في السوق.
ويقول شقيقه إبراهيم: "لم يكن يستطيع النوم ولو ليلة بسبب الألم". واستطاع إسحاق حسن السفر مرة واحدة إلى مصر لتلقي العلاج بعد إصابته، وحاول العودة هذا العام ثلاث مرات، ولكن المعبر كان مغلقا. مشيرا إلى أنه لهذا السبب قام يوم الخميس بخلع ملابسه، ووضعها على الصخرة عند الشاطئ. وقالت عائلته إنه خلع ملابسه حتى يعرف حرس الحدود أنه مدني وليس مسلحا.
ويورد التقرير أن عائلة حسن تتهم المسؤولين الفلسطينيين بالفشل في منع إسحاق من اجتياز الحدود، وتصف الحكومة المصرية بأنها تبدو أكثر قمعا من الحكومة الإسرائيلية. ويقول والد حسن: "ألمي عميق، بثوا صورته على (الجزيرة)، وأتساءل لماذا لم يمنعوه، ولماذا ظلت الكاميرا تصور".
ويقول البزم إن السلطات المصرية وعدت بإعادة جثة إسحاق خلال أيام، لكن عائلته تقول إنها لم تتلق بعد تأكيدات تفيد بوفاته. وتقول شقيقة إسحاق نعيمة إن عائلته لم تشارك في التظاهرة التي نظمت خارج السفارة المصرية، ولكنها ممتنة للتضامن معها.
ويختم التقرير بالإشارة إلى قول نعيمة: "هذه القصة ليست قصة إسحاق، ولكنها أصبحت قصة الجميع، وتشعر كل عائلة بأن ابنها قد يكون إسحاق في أي وقت".
(المصدر: نيويورك تايمز 2015-12-28)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews