Date : 19,01,2025, Time : 06:17:53 PM
9622 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الاثنين 16 ربيع الأول 1437هـ - 28 ديسمبر 2015م 01:44 ص

نحو إستراتيجية فعالة للأمن الغذائي العربي

نحو إستراتيجية فعالة للأمن الغذائي العربي
مصطفى عبدالرحمن

يعتبر الأمن الغذائي من التحديات الرئيسية في الوطن العربي، فعلى الرغم من توفر الموارد الطبيعية من الأرض والمياه والموارد البشرية، فإن الزراعة العربية لم تحقق الزيادة المستهدفة في الإنتاج لمقابلة الطلب على الأغذية، واتسعت الفجوة الغذائية وأصبحت الدول العربية تستورد حوالي نصف احتياجاتها من السلع الغذائية الرئيسية. وقد ازداد اهتمام الدول العربية بتوفير احتياجاتها من الأغذية في أعقاب الأزمة الغذائية العالمية الحادة التي بلغت ذروتها في عام 2008، وتمثلت في مضاعفة أسعار السلع الغذائية الرئيسية، وتقلص الواردات منها، مما دعا الدول العربية إلى اتخاذ إجراءات استثنائية مثل دعم أسعار الأغذية وتقنين تصدير السلع الغذائية وإلغاء الضرائب على الواردات وزيادة أجور العاملين.

و يعني مفهوم الأمن الغذائي، حسب تعريف منظمة الأغذية والزراعة الدولية (الفاو) "توفير الغذاء لجميع أفراد المجتمع بالكمية والنوعية اللازمتين للوفاء باحتياجاتهم بصورة مستمرة من أجل حياة صحية ونشطة". ويختلف هذا التعريف عن المفهوم التقليدي للأمن الغذائي الذي يرتبط بتحقيق الاكتفاء الذاتي باعتماد الدولة على مواردها وإمكاناتها في إنتاج احتياجاتها الغذائية محلياً. وهذا الاختلاف يجعل مفهوم الأمن الغذائي حسب تعريف الفاو أكثر انسجاماً مع التحولات الاقتصادية الحاضرة، وما رافقها من تحرير للتجارة الدولية في السلع الغذائية.

وتتحكم مجموعة من العوامل والمحددات في كميات الإنتاج الزراعي وحجم الفجوة الغذائية في الدول العربية تتمثل في قلة المساحة المزروعة وشح الموارد المائية وتدني آفاءة الري وقلة مساحة الأراضي المروية. أما يعاني القطاع الزراعي من "فجوة تكنولوجية" تتمثل في عدم تلبية مخرجات البحوث الزراعية لمتطلبات التنمية الزراعية، وتدني إنتاجية المحاصيل والثروة الحيوانية في أغلب الدول العربية. وتحتاج المناطق الزراعية إلى استكمال البنى الأساسية والخدمات الزراعية وزيادة نسبة الاستثمارات المخصصة للقطاع الزراعي.

وتعتبر زيادة إنتاج المحاصيل الزراعية لتلبية احتياجات الاستهلاك المحلي من السلع الغذائية إحدى المقومات الرئيسية للأمن الغذائي. وقد تمكنت الدول العربية من تحقيق الاكتفاء وفائض تصديري في بعض السلع الغذائية كالخضروات والأسماك. ورغم تحقيق زيادة في إنتاج الحبوب والمحاصيل الأخرى، إلا أن قيمة الفجوة للسلع الغذائية الرئيسية استمرت في الارتفاع.

واستمر العجز في عدد من المحاصيل الرئيسية، حيث تستورد الدول العربية حوالي نصف احتياجاتها من الحبوب، و63 في المائة من الزيوت النباتية، و71 في المائة من السكر. وقد شكلت هذه السلع حوالي 76 في المائة من قيمة فجوة السلع الغذائية الرئيسية في المنطقة خلال السنوات الأخيرة .

و مشكلة العجز الغذائي في الوطن العربي لها ارتباط كبير بحالة التجزئة التي يعيشها العالم العربي وانعدام التخطيط الإستراتيجي الإنمائي التكاملي على المستوى القومي خاصة في الميدان الزراعي. فبينما أصبح التكتل الاقتصادي الإقليمي والدولي أداة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بل والوحدة الاقتصادية والسياسية، لم تستطع الدول العربية حتى الآن - رغم ما تمتلكه من مقومات التكامل والوحدة الاقتصادية - أن تفلت من تحكم الطابع القطري على خططها الاقتصادية الإنمائية، وهو ما منع الوطن العربي من الاستغلال الكامل لما هو متاح من موارد طبيعية وبشرية ومالية وأدى إلى ضعف الكفاءة الإنتاجية لهذه الموارد وإلى ازدياد الفجوة الغذائية في معظم الدول العربية.

و من هنا فإن حل المشكل الغذائي في الوطن العربي لن يتحقق إلا من خلال الاستغلال الأمثل لما هو متوافر من موارد اقتصادية وبشرية على المستوى الوطني والقومي. فبالتوسع في الاستثمار الزراعي المنتج وبالتحكم في تطور التكنولوجيا الزراعية، يمكن زيادة إنتاجية الزراعة العربية بما يتماشى والزيادة الحاصلة في الطلب على الغذاء. وتحقيق ذلك يتطلب في الأساس دعم التكامل الاقتصادي الزراعي العربي والتنسيق بين السياسات والخطط التنموية والحدّ من حالة التنافر والتضارب بل والاعتماد على الإعانات الغذائية الأجنبية التي تطبع معظم السياسات الاقتصادية العربية.

و وفقاً لآخر تقرير نشرته وحدة المعلومات التابعة لـ"ذي إكونوميست" The Economist بعنوان "مؤشر الأمن الغذائي العالمي لعام 2014 " ظهرت الإمارات العربية المتحدة و الكويت بين الدول الـ 109 ذات المعدل الأعلى في مجال الأمن الغذائي. وحقّق البلدان أعلى معدلات أمن غذائي في المنطقة. إذ احتلت الإمارات المرتبة الثلاثين والكويت المرتبة الثامنة والعشرين عالمياً، والمرتبتين الثالثة والثانية على التوالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. و تشكّل معظم الدول الخليجية كالإمارات العربية المتحدة والكويت والسعودية مثالاً للدول التي سعت لتحقيق الأمن الغذائي، على الرغم من أنها الأكثر عرضة لأزمة غذائية لكونها دولاً مستوردة لا مصدّرة للسلع الغذائية. فقد توقّع تقرير وحدة المعلومات الاقتصادية، أن ترتفع واردات دول مجلس التعاون الخليجي الغذائية الى 53.1 مليار دولار بحلول 2020 مقابل 25.8 مليار دولار قبل عقد واحد. إلا أن استيراد السلع الغذائية، أو حتى ارتفاع الأسعار بسبب مواسم زراعية سيئة أو اضطرابات سياسية أو مشاكل في سلسلة التوريد، دفعت بعض دول مجلس التعاون إلى اعتماد سياسات ومبادرات عدّة.

ويتجسد بناء القوة الذاتية العربية في تحقيق إنتاج أكبر قدر من الاكتفاء الذاتي الغذائي وبالتالي تحقيق الأمن الغذائي العربي، وذلك من خلال تنفيذ الإستراتيجية العربية للتنمية الزراعية التي ترتكز على إعداد وتنفيذ خطط وبرامج مشتركة لحصر ومسح وتصنيف ورصد الموارد الطبيعية الزراعية واستصلاح الأراضي، وإقامة شبكات متطورة لرصد المياه السطحية والجوفية وتعزيز توفير المعلومات عنها على المستويين القطري والقومي، والاستغلال المشترك للأراضي والأحواض المائية المشتركة، والتوسع في الري الحديث، ووضع الخطط والبرامج لوقف انتشار التصحر واستصلاح الأراضي المتصحرة وصيانة الأراضي المعرضة للتصحر.

ومن جانب آخر فمن الممكن أن يتناول تنفيذ الإستراتيجية المذكورة إقامة مشاريع مشتركة على المستوى القومي في بعض مجالات البحث والتطوير التقني الزراعي، وإنشاء معهد عربي للتقنية الحيوية وهندسة الجينات، وبنك للجينات، وإقامة مشروع لإنتاج اللقاحات والأدوية البيطرية، وإنشاء شبكة إقليمية لربط هيئات ومؤسسات البحوث الزراعية العربية مع المؤسسات الإقليمية والدولية، وإعادة هيكلة مؤسسات الخدمات الزراعية. وختاماً.. يتطلب تحقيق الأمن الغذائي مواجهة التطورات والتحديات العالمية في مجال اقتصاد السوق وتحرير التجارة من خلال إقامة تكتل اقتصادي عربي لتقوية الموقف التفاوضي العربي مع الدول والتكتلات الاقتصادية الأخرى، وللاستفادة من المزايا والاستثناءات التي تتيحها الاتفاقات التجارية الدولية بما يحقق التنمية و الرخاء لشعوب المنطقة العربية.

(المصدر: الشرق القطرية 2015-12-28)




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد