المصيبة العراقية.. تطهير عرقي برعاية أمريكية
هل يحتمل ان تكون الولايات المتحدة تسمح في هذه الايام بتطهير عرقي وطائفي بحجم ملايين الاشخاص، وهكذا تقرر مصير الشرق الاوسط لعشرات السنين الاخرى من الصدمات؟ هذا بالضبط ما يحصل في العراق، عندما يطهر الشيعة مدن السُنة.
ظاهرا، يعمل الجيش العراقي ضد داعش في مدينة الرمادي في غربي العراق مثلما عمل في تكريت وبيجي السنيتين قبل اشهر من ذلك، بهدف طرد المخربين من هناك. الجيش العراقي اليوم في اساسه جيش شيعي، وهو يدرب ويدعم بشكل كامل من بضعة الاف من الجنود الامريكيين الذين يتواجدون هناك، ويرافقون المعارك بالمشورة والتوجيه. ومع الجيش العراقي تأتي ايضا ميليشيات شيعية عنيفة تسمى “الحشد الشعبي” وتعد نحو 50 الف مقاتل. وعندما يحرر الجيش العراقي منطقة ما، تأتي الميليشيات معه وتبدأ بالتخريب والحرق لبيوت السنة، طردهم وقتلهم. هكذا بالضبط فعلوا في مدينة بيجي، قبل بضعة اشهر وكنتيجة لذلك خرب 65 في المئة من بيوت المواطنين. وبعد ذلك يمنعون السُنة العودة الى مدينتهم وبيوتهم، هذا اذا ما تبقى لهم على الاطلاق مكانا يعودون اليه.
مثلما ادعى اردوغان بانه يقاتل ضد داعش ولكنه عمليا يقصف اعداءه الاكراد – هكذا ايضا يفعل الجيش العراقي الذي يقاتل داعش وعمليا يطهر العراق من ابناء الاقلية السنية. اجراء مشابه حصل في الشهر الماضي في البلدة اليزيدية سنجر، التي “حررت” من ايدي داعش. فقد بدأت بيوت السُنة تهدم، تسلب وتنهب على أيدي الاكراد واليزيديين، في ظل طردهم الاكراهي. وقبل المعركة يدعو الجيش العراقي السُنة الى اخلاء بيوتهم، مثلما كان في الاسبوعين الاخيرين في الرمادي، بدعوى ان من لا يهرب سيصاب بالاذى. مئات الالاف يغادرون ويتركون للميليشيات الشيعية الوحشية، الممولة من ايران – تطهير المكان.
من الصعب أن نفهم كيف لا يرى الامريكيون ما ينفذه حلفاؤهم في المنطقة، وكيف يساندون ذلك. عندما قاتل الجيش الاسرائيلي في العام 1982 ضد مخربي م.ت.ف في لبنان بالتعاون مع المسيحيين الموارنة، استغل الاخيرون الفرصة وذبحوا الفلسطينيين في مخيمي صبرا وشاتيلا. وقد وجهت الولايات المتحدة والعالم في حينه اصبع الاتهام الى من كان في الميدان، أي الى الجيش الاسرائيلي – وبالتالي لماذا كان الجيش الاسرائيلي مذنبا في حينه، والامريكيون ليسوا مذنبين اليوم؟ فبدون مساعدتهم، ما كانت المدن السُنية لتحتل باي شكل.
الدرس هو ليس للماضي أو الحاضر، بل وايضا للمستقبل، وليس فقط لاسباب اخلاقية بل وعملية ايضا. فمثل هذه التطهيرات تلزم الان السُنة بتأييد داعش ذلك لانه الجهة الوحيدة التي يمكنها أن تدافع عنهم في وجه الذبح. وكلما تعاظمت محاولة اقتلاع داعش هكذا ازداد التأييد له ولامثاله، من منظمات جهادية سُنية. اذا ما صفي داعش، ستقوم منظمات اخرى بدلا منه، تكون أكثر وحشية وثأرا؛ فتطهير ابناء طائفتهم سيصبح بالنسبة لهم أمرا للثأر. واضح أنه في مثل هذه الحالة لا مجال للحديث عن تعاون سُني – شيعي في العراق، وذلك لان السُنة يشعرون بانهم يقادون الى الذبح. هذا هو سبب العصبية المتزايدة لدى السعوديين والاكراد، بحيث يكونوا ملزمين بالانطلاق لمساعدة السُنة، والاشتعال سيزداد فقط كنتيجة لذلك. تركيا اليوم هي حليفة جبهة النصرة وبشكل غير مباشر حليفة داعش ايضا، بصفتهما منظمتين سُنيتين في محيط شيعي معادٍ.
إذن ما الذي يمكن عمله؟ وقف القصف الذي يدمر احياء كاملة في المدن السُنية واعادة المواطنين السُنة الى بيوتهم بعد طرد داعش لتشجيع المصالحة. كما يجب طرد الميليشيات الشيعية والحرص الشديد على من يقصف ومن يتعرض للقصف. فهذا بالضبط ما طالبنا به الامريكيون في غزة العام الماضي. لا يعقل ان تسمح الديمقراطيات الغربية، الولايات المتحدة وفرنسا بافعال كهذه.
يديعوت 24/12/2015
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews