ضرورة تحديث السياسات المالية
أشار وكيل وزارة المالية اخيراً الى أن هناك إمكانيات لاستحداث تعديلات على الرسوم التي تتقاضاها الدولة نظير الخدمات المتنوعة، وربما العمل على بناء أنظمة لجني المزيد من الموارد المالية من خلال الضرائب وغيرها. لا شك أن مثل هذه التصورات والأفكار أصبحت ضرورية في ظل تراجع أسعار النفط وانخفاض الإيرادات النفطية. وعندما تطرح مسألة رفع الإيرادات غير النفطية من مستواها الحالي والذي يقارب البليون دينار إلى نحو 4 بلايين دينار فإن ذلك يعني تعديلات مهمة على نهج الدولة ونظام الاقتصاد الريعي والتحول باتجاه المسؤولية المجتمعية وأهمية تحمل المواطنين، كل حسب إمكانياته وقدراته، جزءاً من تكاليف إدارة الدولة وتوفير الخدمات المتنوعة، التعليمية والصحية والإسكانية والأمنية. كذلك ان ما يطرح من قبل المسؤولين من اقتراحات بشأن إعادة النظر بمخصصات الدعم من أجل الترشيد يتطلب صياغة هذه المقترحات وطرحها كقوانين أو قرارات، مثل ما يتوجب، واعتمادها.. لا يجب أن تطرح المقترحات والأفكار ثم التراجع عنها أو الإعتذار، حيث ان الأوضاع المالية للدولة لا تسمح بالاسترخاء وترك الامور للزمن لعلاجها، أو الانتظار لتحسن أسعار النفط. هذه الأسعار يمكن أن تتحسن اعتماداً على تطورات العرض والطلب وعافية الاقتصاد العالمي لكن لايجب أن نتمادى في توقعاتنا المتفائلة. هناك ضرورة للتحرر من السياسات المالية التي تعتمد على إيرادات نفطية تزيد نسبتها عن الــ 90 في المئة من إجمالي إيرادات الخزينة العامة. وهكذا يتعين العمل على تحسين قيمة الإيرادات غير النفطية لتمثل ما لا يقل عن 40 في المئة من إجمالي الإيرادات، وربما ترتفع بعد حين...
من جانب آخر أن ترشيد الإنفاق يصبح مهماً ولا بد أن يوازي تحسين قيمة الإيرادات غير النفطية.. وغني عن البيان لابد من ترشيد الدعم والبدء بدعم المحروقات والكهرباء والمياه ورفع الأسعار لتقارب من التكاليف. كما يتعين أن ترتفع هذه الأسعار لتؤكد أهمية ترشيد الاستهلاك من المواطنين والمقيمين ومن المنشآت الاقتصادية والدوائر الحكومية والأسواق وغيرها.. وإذا تم ضبط إيقاع الدعم وخفضت مخصصاته فإن تحولات مهمة في سلوكيات الاستهلاك سوف تتأصل، بعد حين، بما يزيد من توفير الموارد وضبط الهدر الاقتصادي الناتج عن سياسات مالية غير مسؤولة.. وربما تدفع عمليات إصلاح السياسات المالية إلى دفع المواطنين إلى ترشيد إنفاقهم الترفي وغير الأساسي ودفعهم على مراجعة العديد من بنود انفاق الاسرة والتي تزيد من الأعباء عليهم دون مسوغات مقنعة.. ومن الامور التي تتطلب الاعتماد، وربما تشريع قانون بها، هو تحديد ضريبة قيمة مضافة، أو المبيعات، VAT، على المشتريات الترفية أو غير الضرورية، وكذلك الخدمات باهظة التكاليف.. وقد لا تكون نسبة هذه الضريبة من السعر عالية، وقد لا تتجاوز العشرة في المئة، إلا إنها ستكون محفزاً للمستهلكين لمراجعة قراراتهم الإنفاقية، وفي ذات الوقت سوف توفر للدولة إيراداً لا بأس به.
هناك حزمة من القرارات والإجراءات التي يمكن أن تساعد على تعديل تركيبة الإيرادات والنفقات في الميزانية الحكومية، والتي يمكن أن تخفف من قيمة العجز في الميزانية وتحديدها بنسبة معقولة من الناتج المحلي الإجمالي بحيث لا تتجاوز الخمسة في المئة.. أهم مما سبق ذكره هو أن تكون هناك إرادة سياسية لإنجاز هذه التعديلات وتوفير الآليات القانونية لتطبيقها.
(المصدر: القبس 2015-12-03)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews