يهود أوروبا: العنوان على الحائط
المذبحة ضد عشرات المواطنين في قلب أوروبا والتي نفذها ستة اشخاص مدربين، هي مؤشر لما يحمله المستقبل إذا لم يتم اتخاذ خطوات غير مسبوقة من اجل وقف هذه الموجة المقلقة التي تجتاح أوروبا. محظور خفض حدة الحديث عن مستوى الخطر لأن الصراع هو مع قوات أصبحت بالفعل بين ظهرانينا وتريد إعادتنا إلى العصور الوسطى. إلا أنه للأسف، هناك زعماء أوروبيون ما زالوا ينكرون وجود متطرفين أصوليين يريدون تدمير الغرب وفرض قوانين الشريعة. وسواء جاء هؤلاء المتطرفين من القاعدة أو من داعش أو إيران أو حزب الله أو حماس أو حتى السلطة الفلسطينية، فان القاسم المشترك بينهم هو كراهية الثقافة الغربية والمسيحية واليهودية.
الصراع الأساسي الأول مع الإرهاب الإسلامي خارج الشرق الأوسط كان في عمليات 11 ايلول 2001. وبعد ذلك ببضع سنوات، بعد قتل اسامة بن لادن، حاولت ادارة الرئيس أوباما أن تقنعنا بأن الخطر قد زال، وقامت بمحاولات لمصالحة الأصوليين الإسلاميين مثل الاخوان المسلمين والنظام الإيراني.
أوباما لا يتحدث عن «الإرهاب الإسلامي»، ولم يذك العلاقة بين الإسلام الأصولي وبين الإرهاب. ولكن حتى نصل إلى هذه النتيجة لن تكون هناك فرصة للتوحد من أجل مواجهة هذا الخطر وتدميره. الوضع في أوروبا كارثي، معظم الدول وخصوصا فرنسا، تستقبل اليوم جاليات كبيرة، بالذات إسلامية، حيث أن الجزء الأكبر من هذه الجاليات متطرف وغير ديمقراطي وهو يؤيد العمليات الإرهابية. في حين أن المسلمين المعتدلين الذين يحافظون على القانون هم أقلية في الدول الأوروبية. وعدد كبير من الشباب المسلمين في أوروبا تطوعوا عسكريا في سوريا وعادوا إلى أوروبا وهم مستعدين للموت. القشة الأخيرة هي تدفق اللاجئين الذين يوجد في اوساطهم راديكاليين لاساميين وجهاديين كثيرين. الأمر الذي من شأنه أن يغير الديمغرافيا في أوروبا.
في ظل هذه التحولات، وفي ظل الخوف من عمليات إرهابية جديدة، فان مستقبل يهود أوروبا يبدو صعبا، حيث أن اليهود منبوذين في معظم مناطق أوروبا، وقد وصل العداء للإسرائيليين في هذه الاثناء إلى الذروة. أغلبية الأوروبيين مقتنعين أن إسرائيل هي التهديد الأكبر على الأمن العالمي، أكثر من إيران وكوريا الشمالية. واغلبيتهم مقتنعون أن لإسرائيل نوايا دموية تجاه العالم العربي، وهم لا يميزون بين الإرهابيين الفلسطينيين وبين الضحايا اليهود للإرهاب، واحيانا يستنكرون الإسرائيليين فقط لأنهم دافعوا عن أنفسهم.
يبدو أنه رغم الهجمات الإرهابية، فان نظرة فرنسا لإسرائيل، التي تحاول إرضاء العرب، لن تتغير رغم الأقوال والتصريحات من قبل البرلمان ورؤساء الدول الغربية الذين يزعمون العكس. يبدو أن اللاسامية تُغرق القارة في هذه الأثناء. والمستفيد الأكبر من الوضع الحالي هو احزاب اليمين السياسي الراديكالي، الذي ما زالت أجزاء منه تشكل فروع لاحزاب النازيين الجدد.
من المتوقع أن تمر أيام صعبة على يهود أوروبا في ظل عدم الأمن حيث بدأت أوروبا تشبه المقبرة. لا شك أن الجاليات اليهودية ستبقى في القارة، لكن السؤال هو هل بالامكان تشريب القيم اليهودية للشباب اليهود في أجواء كهذه؟
إن الكثيرين من اليهود يفكرون في ترك أوروبا منذ سنين، الاحداث في باريس في العام الاخير وبالذات في الاسبوع الماضي، وموجة الهجرة الإسلامية الكبيرة في الاشهر الاخيرة، تزيد فقط من المخاوف المشروعة لدى اليهود. وكل يهودي نزيه يجب أن يفكر الآن في المجيء إلى إسرائيل، ومن لا يستطيع المجيء عليه أن يشجع أبناءه على القدوم إلى إسرائيل. هذا هو النداء الاخير ليهود أوروبا.
(المصدر: إسرائيل اليوم 2015-11-22)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews