كلمة السلام تبعث على السخرية والاستهزاء لدى الكثير من الروس في اسرائيل
المتحدثون بالروسية، الحداد الجماعي ذا الطابع الرسمي هو شيء مرفوض. “هذا يُذكرنا بعبادة الاشخاص في عهد ستالين”، قال أحدهم في مقال عن ليزا روزوفسكي في يوم الذكرى لاسحق رابين (“عندما تكون ذكرى رابين في الميدان، ينقل الروس المحطة”، “هآرتس″، 1/11). هذا هو التمثيل الذاتي الغير مؤسساتي للروس في اسرائيل فيما يتعلق بقتل اسحق رابين ومراسيم الذكرى الذي تم بيعه بنجاح لوسائل الاعلام الاسرائيلية. لكن الصلة بين الصورة المعارضة لمتحدثي الروسية في البلاد وبين الواقع كما هو في الحوار الروسي الاسرائيلي، ضعيفة. طريقة اغلبية الروس في اسرائيل تجاه الحداد الرسمي مرنة ويمكن أن تتغير حسب الهوية والمواقف الخاصة بالمتوفى.
منذ أكثر من عقد يسبق يوم ذكرى رابين يوم ذكرى رسمي آخر، يهدف الى احترام ميراث أحد أكبر العنصريين في اسرائيل، الوزير رحبعام زئيفي. يتضح أنه قبل أن تمتليء وسائل الاعلام الروسية بالبراهين حول “عبادة الشخصية” لمن سعى الى اقامة علاقات سلام مع الجيران الفلسطينيين، فان ذكرى الشخص الذي أيد طردهم هي انعكاس لتداخل التأييد والتعاطف بطريقة لا تقل عن عبادة الشخصية في الشيوعية.
نشر أحد البارزين في الصحافة الروسية في اسرائيل، الكسندر أباربوخ: “أحمل في ذاكرتي رحبعام زئيفي كشخص شجاع وساذج أخذ اقوال هرتسل بجدية… واعتقد أن الحل الوحيد للمشكلة هو الترحيل النابع من الرغبة، حاول غاندي بكل قوته منع سفك الدماء – مثل سياسي آخر، مهاتما غاندي، لذلك حظي زئيفي بلقبه”.
بعض المعلقين على هذه الاقوال غضبوا ليس بسبب عبادة الشخصية، بل بسبب تصوير غاندي “كحالم”. وحسب اقوالهم فقد كان زئيفي واقعيا وقدم طريق واقعية لتحقيق السلام الحقيقي. في الوقت الذي كانت فيه طريق السلام لرابين ستؤدي الى الدمار والخراب، فان طريقة الترحيل لغاندي ستحقق في نهاية المطاف السلام الحقيقي. لا يتحفظون من عبادة الشخصية لرابين بل يتحفظون من تغيير المحطة عندما يتم ذكر رابين وشخصيته وطريق السلام التي اختارها.
يبدو أنه في الاتحاد السوفييتي لم تكن كلمة مرفوضة أكثر من كلمة سلام. من جهة تحدثت قنوات الراديو من الصباح الى المساء عن سياسة السلام السوفييتية؛ ومن جهة اخرى – بالذات بعد أن بدأت التوابيت تصل من افغانستان – بدأ مفهوم السلام يفرغ من المضمون الى أن تحول الى أمر للسخرية والاستهزاء. “اذا تحدث الجميع عن السلام فهذا يعني أن الحرب في الطريق”، قال مغني الروك اندريه مكريفتش في نهاية الحقبة السوفييتية.
كان يمكن أن نتوقع بعد مرور ربع قرن على سقوط الاتحاد السوفييتي بأن المفاهيم والادوات من الماضي السوفييتي ستفقد أهميتها في وعي من يتحدثون الروسية. لكن في المجتمع الاسرائيلي المتفكك الذي يعني فيه التعدد الثقافي التعدد القبلي حيث تسود الاجواء التي تشجع الحفاظ على الطابع الثقافي الخاص، حتى وإن كان لبعض مركباتها قدرة على التأثير المدمر على مستقبل الدولة.
نعم، اندريه مكريفتش الذي سمعت اغانيه في الدعاية الانتخابية لاسرائيل بيتنا في الوقت الذي يظهر فيه المشاهدون بوجوه متقدة لمراسيم احياء ذكرى رجل الترحيل، فانهم يستمرون في الضحك عند رؤية رجل السلام في الميدان الذي يغني “اغنية السلام” قبل موته بلحظات.
(المصدر: هآرتس 2015-11-20)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews