هل تعجّل ضربات الإرهاب في حل الأزمات وفي انتخاب "رئيس تسوية" للبنان؟
هل يعجل الإرهاب الذي أخذ يضرب في كل مكان ينتشر فيه في حل الأزمات في المنطقة بعدما طال أمدها وتفاقمت، فكانت ضرباته الأخيرة في ضاحية بيروت وفي ضاحية باريس، وقد تكون هي البداية في حجمها، فيتقرر إقامة جبهة دولية واسعة تتصدى لهذا الإرهاب الوحشي؟ وهل يعجل أيضاً في انتخاب رئيس للبنان يحصن جبهته الداخلية في مواجهته فيعيّد اللبنانيون بانتخابه مع حلول عيد الميلاد أو عيد رأس السنة، فيكون كلام الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الذي كرر فيه الدعوة الى "تسوية شاملة" قد تُرجم، وكذلك كلام المسؤول الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الذي دعا الى العمل بخطى حثيثة لانتخاب رئيس للبنان؟
لقد كرر السيد نصرالله الدعوة إلى "تسوية شاملة" والتي تعني الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية وعلى الحكومة وعلى مشروع قانون جديد للانتخابات النيابية وعلى عمل مجلس النواب. وهذه الدعوة قد تكون أشبه بدوحة لبنانية بديلاً من الدوحة القطرية يعاد فيها توزيع الحصص بين القوى السياسية الأساسية في البلاد مع فارق أن القادة الذين ذهبوا إلى الدوحة بعدما كانوا قد اتفقوا على أن يكون العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، لكن انتخابه ظل متعثّراً إلى أن قرر مؤتمر الدوحة حلاً شاملاً لكل تشعبات الأزمة، أي تشكيل حكومة وحدة وطنية وتحديد حصة كل حزب أو تيار فيها، واعتماد قانون الستين معدلاً لإجراء انتخابات نيابية. فهل يتفق الأقطاب في لبنان على كل ذلك من دون مسعى خارجي جاد، وهو ما حصل عند تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام، وما حصل عند التوصل إلى تسوية لأزمة انعقاد جلسة مجلس النواب، وهذا يدل على أن لبنان هو بلد التسويات بامتياز عند مواجهة الأزمات المعقدة.
ثمة من يقترح توصلاً الى تسوية شاملة دعا إليها السيد نصرالله، وحاول الرئيس نبيه بري التوصل إليها من خلال طاولة الحوار، أن يكون ثمن الاتفاق على رئيس تسوية مقبول وعلى قانون للانتخاب مقبول أيضاً، تشكيل حكومة تسوية. وثمة من يقترح أن يكون العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية والرئيس سعد الحريري رئيساً للحكومة، وأن يتفق على قانون انتخاب عادل ومتوازن مقبول من الجميع. لكن هذا الاقتراح يعتبره البعض غير عادل وغير متوازن لأن مدة ولاية رئيس الجمهورية هي ست سنوات فقط، في حين أن لا مدة محددة لعمر رئيس الحكومة والحكومة، وهي خاضعة للظروف ولثقة الأكثرية النيابية غير المضمونة. وثمة من يقترح انتخاب رئيس للجمهورية يكون أقرب إلى 14 آذار منه إلى قوى 8 آذار شرط أن يكون قانون الانتخاب أكثر قبولاً من قوى 8 آذار لضمان فوز مرشحيها بأكثرية نيابية تجعلها تتحكم في تشكيل الحكومات وقراراتها وفي بت المشاريع المهمة في مجلس النواب. وقد يكون المقصود من اقتراح "تسوية شاملة" توزيع المكاسب والحصص، فمن تكون له رئاسة الجمهورية مثلاً يكون لغيره قانون انتخاب لا يقل أهمية عن رئاسة الجمهورية لأنه القانون الذي يأتي بمجلس نيابي يعيد تكوين السلطة ويظل ساري المفعول إلى أجل غير معروف، في حين أن رئاسة الجمهورية تنتهي ولايتها بعد ست سنوات والحكومات لا مدة لبقائها، وهو ما يجعل الصراع بين القوى السياسية الأساسية على قانون الانتخاب. ونظرا إلى اهمية ذلك يصر البعض على ربط الاتفاق عليه بالاتفاق على رئيس الجمهورية خلافاً لرأي آخر يقول بفصل موضوع الاتفاق على رئيس الجمهورية عن موضوع قانون الانتخاب الذي قد يحتاج التوصل إلى اتفاق عليه إلى وقت لا تتحمل البلاد انتظار حصوله كي يتم انتخاب رئيس للجمهورية فتبقى سدة الرئاسة شاغرة إلى أن يتم إقرار هذا القانون.
لذلك ليس من المقبول والمعقول أن يقر مجلس النواب مشروع قانون للانتخابات النيابية قبل انتخاب رئيس للجمهورية قد يكون له رأي فيه، وله حق رفضه أو قبوله. من هنا ينبغي ألا يكرر أهل السياسة خطأ مخالفة الدستور باسم التسوية الشاملة كما حصل في مؤتمر الدوحة، إنما التقيد بأحكام الدستور التي تدعو إلى انتخاب رئيس للجمهورية قبل أي عمل آخر، وبعد انتخابه تصبح الحكومة مستقيلة حكماً ويتم تشكيل حكومة جديدة تتولى وضع مشروع قانون تجرى الانتخابات النيابية على أساسه، ثم تشكيل حكومة منبثقة من تركيبة مجلس النواب الجديد، وليس إقرار قانون للانتخابات قبل انتخاب رئيس للجمهورية بذريعة أن مجلس النواب الحالي الممدد له لم يعد يمثل إرادة الشعب تمثيلاً صحيحاً، وان ما يبنى على باطل هو باطل...
فهل يمكن القول إن خطر الإرهاب المتمدد قد يعجل في الاتفاق؟.
(المصدر: النهار 2015-11-16)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews