لقاء أوباما ـ نتنياهو
الرئيس أوباما ليس لاساميا. بعيدا عن ذلك، فهو صديق العديد من اليهود في الولايات المتحدة ولهذا يصعب عليه أن يفهم ما هو هذا الاهتمام الذي لدينا بالدولة القومية. وهو لا يكره إسرائيل، بل يؤمن بأنه فقط لو كانت إسرائيل تريد، فقط لو كان نتنياهو يقرر، لكان ممكنا صنع السلاح ليسجل في صفحات التاريخ. مسألة ايمان، مثلما سار المسيح على الماء.
أوباما ليس مسلما، انه ببساطة ليبرالي متطرف يؤمن بالخير الذي في الانسان، في أن الجميع يمكنهم أن يكونوا هكذا. عندما تحدث في بداية ولايته الأولى في جامعة القاهرة عن حقوق الانسان وعن الإسلام كدين السلام، قصد ذلك من كل قلبه. ولهذا فقد سعى لان يحتوي، لان يمتنع عن الاحتكاك، لأن يتقرب. ليس هذا ذنبه في أنه بعد سبع سنوات انقلبت القاهرة مرتين، باسم الإسلام ذبح منذئذ مئات الالاف، تنظيم لمتعطشي الدماء باسم الدولة الإسلامية يقطع الرؤوس ويصفي (هكذا في الفظيعة الاخيرة) 200 طفل كي يوجه رسالة.
أوباما ليس غبيا، وكذا ايضا وزير الخارجية كيري. فقد وقعا على الاتفاق النووي مع الحكم الإيراني بعد أن قررا بأنه حان الوقت للتخلي عن المسرحية. لم يكن للولايات المتحدة أي نية لهجوم عسكري على إيران ـ لا في عهد بوش وبالتأكيد ليس في ولاية أوباما. كل ما تبقى هو ايجاد السلم للنزول عن الشجرة. بعد افغانستان، العراق والظل التاريخي لحرب فيتنام، لم يتبقَ للأمريكيين أي شهية لحروب كبرى وبعيدة. لأوباما، ومنذ اليوم الاول في منصبه، بعد جائزة نوبل للسلام، لا توجد هناك أي نية للخروج إلى الحروب.
ليس ثمة أي شيء يأتي بالصدفة في القرارات التي اتخذها أوباما منذ انتخب لمنصبه، ليس ثمة أيضا أي شيء مفاجيء. مثل فرانك سيناترا، فعل ذلك بطريقته حتى عندما وقف الإسرائيليون في طريقه. ها هو الفرق كله بين واشنطن والقدس: قانون الصدف. في إسرائيل تنشأ الحروب بالصدفة، الموظفون الكبار يعينون بطريقة «صديق يجلب صديقا»، الوزراء يتغيرون بين اليوم والغد والحكومات تسقط على نحو مفاجيء. إذا ما سقط احد الصواريخ الطائشة التي تسقط هنا وهناك في النقب لا سمح الله على روضة أطفال، فستندلع حملة عسكرية. إذا ما انتهت عملية واحدة بسفك دماء كبير، فان الاستراتيجية ستتغير. القرارات تصعد وتسقط بسرعة البوست على الفيس بوك. نسبة غير المرتقب تفوق المرتقب. ليس في أمريكا. ليس لدى أوباما. هناك الامر معاكس: ليس ثمة أي شيء صدفة في الاتفاق مع إيران، ليس ثمة أي شيء عاطفي أو متسرع بالنسبة لإسرائيل، توجد فقط مصالح. دوما كانت فقط مصالح.
بعد سبع سنوات في البيت الابيض يخيل ان لقاء أمس بين نتنياهو وأوباما كان الاول الذي تذوق فيه الرجلان من شجرة المعرفة. لا فرحا مثل نزع الشك، يقال عندنا. مشكوك إذا كان الفرح هو الوصف السليم للقاء أمس، ولكنه بلا شك تم بعد مسيرة طويلة من نزع الشكوك. فلو كان نتنياهو اعتقد ان الأمريكيين سيقومون نيابة عن إسرائيل بالعمل ازاء إيران فقد اكتشف أن لا. واذا كان اعتقد بان ارادات إسرائيل او السعودية في الصراع مع إيران هامة، فقد اكتشف بان ما هو مهم هي مصالح الولايات المتحدة. نتنياهو لا يستطيب أوباما، والرئيس الأمريكي لا يستطيبه. هذه حقائق الحياة. والاجوبة على الاسئلة من المذنب ومن بدأ ليست بهذه الاهمية. فها هو الرئيس بوش استطاب اولمرت ورغم ذلك في 2007، عندما جاء اليه اولمرت وداغان مع فكرة الهجوم على المفاعل في سوريا، بعث بهما إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبتعبير آخر: القى بهما كي يتدبرا نفسيهما بنفسيهما. الاستطابة ليست القصة في واشنطن، وكذا هو ايضا العداء المتبادل.
وبالنسبة للفلسطينيين ايضا، لم تتبقى شكوك. فلو اعتقد أوباما بان نتنياهو يخطط لخطوة بعيدة المدى للسلام، فقد فهم منذ الان بان هذا لن يحصل لديه. فجولات المفاوضات التي اديرت مع الفلسطينيين في السنوات السبعة الاخيرة كانت مصادفة بالضبط مثل الحروب معهم. نتنياهو يقول «دولتين للشعبين» ويشدد على دولة فلسطينية مجردة، ولكنه يقصد صيغة مختلفة تماما عما يقصده أوباما.
العلاقات بين الرجلين مهنية وأديبة، قال السفير شبيرو. وبكلمات اخرى: لا توجد قصة غرام، لا توجد مصالح كبرى يمكن الاتفاق او الشقاق عليها. تبقى المسرحية.
(المصدر: يديعوت 2015-11-10)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews