تقرير «موديز» أكثر دقة وشمولية
أعلنت «ستاندرد آند بورز» تقييمها للاقتصاد السعودي، حيث خفضت من تصنيف المملكة إلى A+ وترى أن احتمال استمرار تخفيض التصنيف وارد مرة أخرى، وتحدث التقرير عن أمور تتعلق بالاقتصاد السعودي وركز التقرير على أن انخفاض أسعار النفط في ظل الاعتماد عليه كمصدر رئيس للدخل كان سببا في تخفيض تصنيف المملكة الائتماني.
تقرير «ستاندرد آند بورز» يقابله تقرير «موديز» الذي ثبت تصنيف المملكة الجيد مع نظرة مستقبلية مستقرة، وأشار تقرير «موديز» إلى عوامل متعددة تدعم استقرار الاقتصاد السعودي وتعزز من كفاءة الاقتصاد الوطني وقدرته على تحمل تقلبات أسعار النفط.
الحقيقة أن هذه المؤسسات جهات معتمدة عالميا في تصنيف الائتمان لدى الدول والشركات والأوراق المالية إضافة إلى إسهامها بتقارير دورية تعتبر مؤشرا يستفيد منها المستثمرون في اتخاذ قراراتهم الاستثمارية، ولكن هذه التقارير تحتاج إلى العناية بقراءة التفاصيل خصوصا مع وجود تفاوت في نتائج تقارير شركات التصنيف، فتقرير «ستاندرد آند بورز» ركز على موضوع الانخفاض في أسعار النفط الذي سيؤثر في الناتج الوطني، والمستويات الحالية للدين.
ولكن يبقى أن هذه العوامل فقط لا تكفي في الحكم على مستقبل الاقتصاد الوطني إذ إن هناك عوامل تدعم الاقتصاد وتعزز من كفاءته حيث يمكنه أن يتحمل لفترة جيدة تقلبات أسعار النفط من خلال بعض البرامج التي تدعم الاقتصاد ولا تؤثر في مستويات النمو، فحجم الدين العام لا يزال في مستويات متدنية جدا مقارنة بمستويات الدين في كثير من دول العالم حتى المتقدمة منها اقتصاديا. إضافة إلى الاحتياطيات الضخمة التي يتمتع بها الاقتصاد الوطني، التي لها دور كبير فيما تحقيق الاستقرار وتعزيز كفاءة الاقتصاد في تحمل مستويات منخفضة من أسعار النفط.
الإشكال في تقرير «ستاندرد آند بورز» هو أنه ركز على عوامل محدودة ما جعل الصورة قاصرة ومن ثم نتج عن ذلك قرار تخفيض التصنيف، فالاقتصاد الوطني ما زال يحقق نموا جيدا والتوقعات بأن وتيرة النمو الجيدة ستستمر بسبب استمرار مستويات الإنفاق على المشاريع.
من المؤشرات الجيدة للاقتصاد الوطني العناية بكثير من المشاريع التنموية، التي سيكون لها أثر في تعزيز كفاءة الاقتصاد قريبا، وهذه المشاريع أوجدت نشاطا جيدا للقطاع الخاص، الذي أصبح اليوم ينمو ويشارك في تعزيز الناتج المحلي، وهو وإن كانت نسبة مساهمته محدودة حاليا إلا أنه ينمو بصورة جيدة فضلا عن الاهتمام الحكومي بالقطاع الخاص وهذا سيسهم أيضا في مساهمته الإيجابية في الناتج المحلي ودعم الاقتصاد.
من الأمور المهمة في هذا السياق هو موضوع العناية الحكومية بتوطين وظائف القطاع الخاص وهذا له أثر واضح في تنشيط الاقتصاد المحلي، وتحقيق نشاط جيد في السوق وتخفيف حجم التحويلات خارج دائرة الاقتصاد الوطني. أسعار النفط حاليا قد تكون بلغت الحد الأدنى مما يمكن أن تصل إليه – والله أعلم - باعتبار أن لها فترة طويلة نسبيا تتحرك بين مستويات محدودة، وإذا ما نظرنا إلى تقلبات أسعار النفط تاريخيا نجد أن احتمالات ارتفاع أسعار النفط قد تكون أكثر من احتمالات الانخفاض أو حتى الثبات أو الاستقرار، وبالتالي فالنظرة المستقبلية للاقتصادات التي تعتمد على النفط خصوصا دول الخليج ينبغي أن تكون مرتبطة بالتوقعات المتعلقة باتجاهات أسعار النفط، وليس على أساس أن احتياطاتها ستنخفض قطعا وستضطر للاستدانة دون أي شك.
من المهم أن يكون المجتمع مطمئنا على حالة الاقتصاد فرغم تخفيض التصنيف الذي ينتابه شيء من القصور إلا أن الاقتصاد ما زال في مستويات جيدة وتصنيفه ما زال جيدا أيضا، خصوصا مع وجود تصنيفات أخرى أكثر دقة ثبتت تصنيف المملكة مع نظرة مستقبلية مستقرة، كما أن الاقتصاد الوطني لديه مجموعة من الأدوات التي يمكن لها أن تعالج وجود أي قصور في مستوى العوائد أو الدخل.
فالخلاصة أن تقرير «ستاندرد آند بورز» الذي خفضت فيه تصنيف المملكة الائتماني فيه شيء من القصور في النظرة العامة للعوامل المؤثرة في الاقتصاد السعودي خلافا لتقرير «موديز» الذي يعتبر أكثر دقة وشمولية في العوامل المؤثرة في الاقتصاد، كما أن مثل هذا التقرير ينبغي ألا تهتز معه ثقة المستثمرين في الاقتصاد الوطني باعتبار أن التصنيفات ما زالت تعتبر جيدة، والاقتصاد الوطني ما زالت لديه مجموعة من الأدوات التي يمكن من خلالها معالجة احتمالات استمرار تقلبات أسعار النفط.
(المصدر: الاقتصادية 2015-11-07)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews