خيارات شركات النفط الصخري باتت محدودة
لقد قيل الكثير عن المكاسب الكبيرة التي حققتها شركات النفط الصخري في مجال تحسين الكفاءة والإنتاجية، حيث إن تقنيات الحفر الجديدة بما في ذلك عمليات التكسير الهيدروليكي الحديثة ساعدت على زيادة معدلات استخلاص النفط والغاز من الآبار الجديدة بصورة لم تشهدها هذه الصناعة من قبل. لكن حدود هذا النجاح أصبحت واضحة على نحو متزايد وخيارات الشركات باتت محدودة في هذا المجال.
بالفعل، انهيار أسعار النفط أجبر الشركات على اتخاذ بعض الإجراءات بما فيها زيادة كفاءة عملياتها، حيث تمكنت من حفر المزيد من الآبار من موقع واحد، وحفر خطوط فرعية أطول، وزيادة عدد وحجم الشقوق. هذه الإجراءات مكنت الشركات من أن تستمر في رفع الإنتاج على الرغم من استخدام عدد منصات حفر أقل بكثير.
لكن، مكاسب الكفاءة في كثير من الأحيان قد تكون محدودة، أو في أحسن الأحوال، مجرد تقدم تدريجي بدلا من تغيير جوهري. بدلا من تحقيق ابتكارات هائلة في أداء عمليات الحفر، كانت الشركات على الأرجح تقوم بخفض عدد العاملين، تضغط على موردي الخدمات، وتحفر في أفضل التشكيلات المتاحة لها – ربما جميع هذه الإجراءات كانت مفيدة في تقليص النفقات لمجابهة تراجع الإيرادات، لكن لا توجد دلائل على أن عمليات الحفر قفزت إلى مستوى جديد من الكفاءة.
في هذا الجانب، يوضح تقرير إنتاجية الحفر الأخير الصادر عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن مكاسب الإنتاجية لآبار النفط الصخري قد وصلت إلى مداها الأقصى. حيث إن مكاسب الإنتاج من الآبار الجديدة لأحواض الصخر الزيتي الرئيسية في الولايات المتحدة – الذي ارتفع إنتاجها بشكل مطرد على مدى السنوات الثلاث الماضية – قد وصلت إلى ذروتها. ويظهر هذا جليا في تسطح منحى إنتاجية الآبار الجديدة لتشكيلات باكن، النسر فورد، والعصر البرمي. كما أن خيارات شركات النفط الصخري الأخرى لضخ المزيد من النفط والغاز من آبارهم الجديدة قد بدأت تنفد هي الأخرى.
في هذه المرحلة، إذا ما أرادت شركات النفط إضافة إنتاج جديد سوف تحتاج إلى توظيف عمال جدد، وزيادة عدد منصات الحفر، وتوسيع رقعة الحفر. وهذا ما تقدم له عدد قليل جدا من الشركات بسبب انخفاض الأسعار. في الواقع، معظم شركات التنقيب تفعل العكس – حيث إن الشركات مستمرة في خفض عدد منصات الحفر العاملة وتسريح المزيد من العمال.
لذلك مع استقرار إنتاجية الآبار واستمرار تراجع عمليات الحفر، من المتوقع أن تنخفض مستويات الإنتاج المطلقة. في هذا الجانب، تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن ينخفض إنتاج النفط الصخري بنحو 93 ألف برميل في اليوم بين شهري تشرين الأول (أكتوبر) وتشرين الثاني (نوفمبر)، بقيادة حوض النسر فورد في جنوب تكساس الذي سينخفض بنحو 71 ألف برميل في اليوم.
تحدث هذه الخسائر بسبب الانخفاض الكبير في إنتاج آبار النفط الصخري الجديدة، التي تعاني من معدلات انخفاض Decline Rate عالية بمجرد أن تبدأ بالإنتاج. على سبيل المثال، تراجع الإنتاج من آبار حوض النسر فورد القديمة يفوق إنتاج الآبار الجديدة، والنتيجة النهائية هي انخفاض في إنتاج النفط في جنوب ولاية تكساس. مع مرور الوقت، تراجع الإنتاج من الآبار القديمة سوف يستمر بالتضخم، في حين أن كميات النفط المتدفقة من الآبار الجديدة سوف تنخفض بسبب تراجع عمليات الحفر. هذا هو بالضبط السبب في أن إنتاج النفط الأمريكي عموما آخذ في الانخفاض، وسوف يستمر على هذا الحال خلال العام المقبل أيضا. إن السبيل الوحيد لتغيير هذا الاتجاه هو حفر آبار جديدة كافية لتعويض التراجع في الإنتاج ومن ثم النمو.
انخفاض إنتاج النفط في الولايات المتحدة لم يقتصر تأثيره في القطاع الاستخراجي فقط بل بدأ يؤثر أيضا في قطاع التكرير. لقد كان أداء المصافي جيدا نتيجة التراجع في أسعار النفط الخام، الذي يتم تكريره لإنتاج المنتجات المكررة مثل البنزين، الديزل ووقود الطائرات، ومنتجات أخرى. لذلك نلاحظ أن خسائر شركات النفط المتكاملة، مثل شركات النفط الكبرى، كانت محمية من تحسن أرباح المصافي.
لكن الآن بعد أن تراجع إنتاج النفط الأمريكي – حيث انخفض من الذروة التي بلغها في بداية العام عند 9.6 مليون برميل في اليوم إلى نحو 9.1 مليون برميل في اليوم حاليا – تقلصت أرباح هوامش التكرير. لقد استفادت المصافي من وفرة النفط الخام المحلي المتداول في الولايات المتحدة، حيث إن الشركات غير قادرة على التصدير بسبب الحظر المفروض. لذلك كان خام غرب تكساس الوسيط – النفط القياسي في الولايات المتحدة – يتداول بخصومات كبيرة نسبة إلى النفوط القياسية العالمية مثل برنت. لذلك شركات التكرير تقوم بشراء خام غرب تكساس الرخيص وتكرره إلى منتجات تبيعها في الخارج بأسعار مرتبطة بخام برنت، وتحقق أرباحا جيدة.
لكن، انخفاض إنتاج النفط الخام قلص بعض النفط الفائض في الأسواق المحلية. نتيجة لذلك، تقلصت الفجوة بين خام غرب تكساس الوسيط وبرنت، وكذلك هوامش أرباح المصافي. في هذا الجانب، ذكرت وكالة بلومبرج أن الأرباح من تكرير النفط إلى بنزين قد وصلت أخيرا إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2010. كما خفضت "سيتي جروب" أخيرا سلسلة من منتجات التكرير، حيث إن توقعات قطاع التكرير في تراجع.
هذه التطورات لا تخدم أيضا شركات النفط المتكاملة، حيث إن أسعار النفط لا تزال منخفضة، والإنتاج في تراجع والآن هوامش التكرير في انخفاض هي الأخرى.
(المصدر: الاقتصادية 2015-11-04)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews