هآرتس تكتب عن: جبن الجنود وشجاعة الفلسطينيين
جي بي سي نيوز - : تحت هذا العنوان كتبت محررة جريدة هآرتس عميره هس المقالة التالية ، والتي رصدتها جي بي سي نيوز في القدس المحتلة :
عندما يجري الحديث عن الشجاعة والجرأة، فإن الشبان الفلسطينيين والمتظاهرين ينتصرون على الجنود الإسرائيليين وحرس الحدود على هذا الصعيد. فالشبان الفلسطينيون مسلحون بمرونتهم، وسرعتهم، والكوفية على وجوههم، وبالحجارة والزجاجات الحارقة، في حين أن الجنود الإسرائيليين مسلحون بتدريبات عسكرية، ووسائط نقل مدرعة، وطائرات بدون طيار، وخوذات، وأسلحة نارية قاتلة متنوعة وغاز مسيل للدموع وسام.
وإزاء شجاعة الشبان الفلسطينيين يبدو جبن الجنود الإسرائيليين عاريا تماما. لقد اعتاد هؤلاء الجنود الإحساس بالشجاعة والبطولة من الطائرات والدبابات وغرف الاعتقال والتحقيقات، وأبراج الحراسة، والتجهيزات الذكية التي بحوزتهم، والاقتحامات الليلية للمنازل، وبسحب القاصرين من سرائرهم، بسيارات الجيب المحصنة. بيد أنهم في مواجهة شبان الحجارة والكوفية والزجاجات الحارقة يبدون ضائعين ومهانين، لذا تتفجر مشاعر الانتقام الكامنة داخلهم.
وأنني أنصح القارئ الإسرائيلي أن ينفض عنه غبار وسائل الإعلام الإسرائيلية التي تشوه الواقع وتشوه رجال المظاهرات وحوادث خرق النظام، وأن ينظر إلى الأفلام التي تلتقط من ساحات المواجهات بين الجانبين، والتي تبث على الشبكات الاجتماعية والتي لا تخضع للرقابة الإسرائيلية، وسترون الجنود الإسرائيليين وهم يطيرون بسياراتهم الجيب نحو المتظاهرين ويدهسونهم، وجنود آخرون يقومون بإلقاء الغاز المسيل للدموع عليهم من مسافات قريبة جدا، بما فيها يرشون الطواقم الطبية التي تأتي لتخليص الجرحى، وجنود آخرون يهاجمون صاحب حانوت نظرا لأنه يدخل بضاعته في وقت الصدامات إلى حانوته، ويركلونه بصورة سادية للغاية.
إن الجبن العنيف الذي يعيشه الجنود الإسرائيليون ويمارسونه يأتي بأوامر من الكوادر العليا في الجيش والسياسيين، وهو جزء من واجبهم في الالتحاق بالجيش، ذلك الجيش الذي تتمثل مهمته الأولى في حماية التوسع الكولونيالي. أما شجاعة وجرأة الفلسطينيين، فتأتي رغما عنهم، لقد فرضت عليهم مثلما فرضت عليهم سطوة النظام الأجنبي، إنها جرأة وشجاعة تنتقل من جيل إلى آخر طالما أن الأسباب التي خلقتها لا زالت قائمة.
إن أي مسؤول عسكري أو سياسي أو أية أوامر أخرى لا ترغم الفلسطينيين على التوجه نحو الحواجز العسكرية، أو السور الفاصل في القرى التي تحاول منذ عقد الحفاظ على تقليد الحرب الشعبية وتنمي الشجاعة والجرأة. وإذا كانت هناك أوامر فلسطينية ذكية من قبل زعامة فلسطينية غير مرغوب فيها في أوساط الفلسطينيين، فهي تلك التي لا تسمح للمسلحين الفلسطينيين بالاقتراب من أماكن المظاهرات.
إن المتظاهرين الفلسطينيين يعرفون أن من المحتمل أن يقتلوا، أو يتم اعتقالهم، وتعذيبهم، وتقديمهم للمحاكمات الاستعراضية المهينة، ورغم ذلك فإنه يتسلحون بالعدل.
لن نقول شكرا للجنود لأنهم لا يطلقون النار بصورة هوجائية على الجماهير المتظاهرة ويقتلون العشرات منهم مثلما فعلوا في قطاع غزة، لأننا نفترض أنهم تلقوا أمرا بعدم قتل المتظاهرين، أي أن الجيش الإسرائيلي حينما يريد يتمكن من فض المظاهرات بدون قتل. ترى هل تلقى الجنود والشرطة أوامر بقتل كل من يوجد على بعد عدة أمتار متهم إذا شكوا بأنه يحمل سكينا؟ بما فيها طالب مدرسة دينية بدا لهم كأنه عربي؟.
مقابل الشجاعة والجرأة الفلسطينية هناك اليأس الذي يعيشه الآخرون. فالفلسطينيون ودون أن يتلقوا أوامر من الأعلى يركضون باتجاه الموت وهم يلوحون بالسكاكين، لأنه من الواضح للجميع أن الجنود الإسرائيليين في هذه الحالة يموتون رعبا، وإلا كيف نفسر قيام جندي إسرائيلي بإطلاق النار على جريح ملقى على الأرض، إذا لم يكن هذا هو الجبن بعينه، والقتل بعينه، وتنفيذ الأوامر أو كل ذلك معا ؟
( المصدر : جي بي سي نيوز - القدس المحتلة ) .
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews