ما بعد تسليح المعارضة السورية
تتجه الأوضاع في سوريا إلى المزيد من التصعيد، فبعد أسابيع من الظهور العلني لميليشيات حزب الله في المعارك الدائرة هناك، شهدت السياسة الأميركية إنعطافة حادة إثر قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما تسليح المعارضة السورية. وربما بدت الخطوة الأميركية مفاجئة بعض الشيء، لكنها تأتي في سياق مخاطر متزايدة على المدنيين، من فائض القوة الذي يمتلكه النظام السوري بمساعدة حلفائه الإقليميين والدوليين.
قرار التسليح بات في حكم المؤكد، حسب التصريحات والتحركات الدولية، وهو يأتي كخطوة لتحقيق التوازن مع النظام وإيجاد معادلة بين الطرفين بحيث لا يتفوق أحدهما على الآخر بشكل ساحق، ما يعني أن المرحلة المقبلة من الحرب ستكون طاحنة، وسيخسر النظام مواقع كثيرة.. كل هذا في السياق العسكري، لكن ماذا عن الجانب السياسي؟
يبدو أنّ جهود عقد مؤتمر «جنيف -2» تذهب أدراج الرياح، رغم استهلاكها الكثير من الوقت والمداولات السرية والعلنية، لحمل طرفي الصراع في سوريا إلى طاولة المفاوضات، إذْ إن «التوازن» الذي يتحدث عنه الغربيون قد يحتاج إلى شهور لتحقيقه، فضلاً عن أن تسليم السلاح قد يتخذ وقتاً طويلاً، لحين إزالة العقبات البيروقراطية في الدول التي تنوي تقديمه للمعارضة.
ودائماً يلعب التوقيت دوره الحاسم في التأكيد على صحة أو خطأ أي مبادرة تجاه سوريا، فلو أن الخطوة الأميركية تمت في وقت مبكر، قبل شهرين مثلاً، لأمكن تفادي معركة القصير ومحاصرة الأحياء المتبقية من حمص، وبالتالي لكان الطريق إلى «جنيف2» سالكاً بـ«التوازن» الميداني بين الطرفين.
وهذا التوازن الذي يتم الحديث عنه، لم يختل بسقوط القصير، لأنه سبق أن اقتحمت قوات النظام عدة مناطق استراتيجية تفوق في رمزيتها القصير، مثل بابا عمرو، وداريا، وحي صلاح الدين في حلب، ودوما في ريف دمشق.. وإن كان تسليح المعارضة سيحد من تقدم النظام وحلفائه. لكن ينبغي تكثيف الجهود منذ الآن لبلورة رؤية جديدة لحل سياسي قائم على حالة التوازن بين طرفي الصراع، إذْ لا يُعقل أن تتحول سياسة الحفاظ على التوازن ـ بمعنى استمرار القتال إلى ما لانهاية ـ بديلاً عن حل يضع نهاية لهذه المأساة، ويحقق تطلعات السوريين.
( المصدر : البيان الإماراتية )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews