تنمية موارد الشباب الخليجيين
توجيه الشباب في منطقة الخليج وإدارة أنشطتهم في إطار منظومة تنموية أمر ينبغي أن يعلو على مجرد الاستيعاب في وظائف بالقطاعين العام والخاص، فالتوظيف وتوطين تلك الوظائف وإن كان مطلوبا إلا أنه أقل أهمية من فهمهم لمتطلبات الدورة الإنتاجية والعمل في المشروعات الخاصة، الصغيرة والمتوسطة ومبادرات الشباب التي تستهدف أن يكونوا مستثمرين ومنتجين يمتلكون أدوات الإنتاج وطرق التمويل والرعاية والدعم اللوجستي المطلوب لنجاح مشاريعهم.
الاكتفاء بانتظار الوظيفة وطلبها بحسب الأمزجة الشخصية أوجد حالة من الخمول التي لا تتناسب مع نمو دول المنطقة، وفكرة تنمية الموارد البشرية لا تتوقف عند الثقافة الوظيفية والمهنية وإنما معنية بثقافة الإنتاج والعمل، وحين نظر في تجارب نهوض وتنمية في دول أخرى مثل الصين وماليزيا فإنها اعتمدت كثيرا على المشاريع الصغيرة والمتوسطة والأسر المنتجة، ولم تكن هناك وظائف كافية لملايين الشباب الذين تخرجوا في الجامعات فكانت الممارسة العملية المباشرة هي الخيار الذي منحهم فرصة لاكتساب الخبرات وتطوير الذات والمساهمة الإيجابية الفاعلة في حركة الاقتصادات الوطنية.
العناية بالشباب تبدأ من تحفيزهم للعمل الخاص قبل الوظيفة التي يمكن أن تكون خيارا تاليا وليس العكس، ومطلوب من هيئات وإدارات الموارد البشرية توفير المعطيات الإنتاجية التي تتعلق بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة وجعلها متاحة وميسرة بحيث تحمل معها الحوافز التي تجعل الشباب يبادرون ويكتشفون ذواتهم الاستثمارية والاقتصادية، فيصبحون أكثر فاعلية، ولكن توفير الوظائف فقط والتركيز عليها يجعلهم أكثر خمولا وسلبية، ولا يخدم تطوير قدراتهم، ولذلك ينبغي دراسة الحالة بصورة علمية ومنهجية قياسا على تجارب غيرنا من المجتمعات التي نجحت في ذلك وتوظيفها في مسار يراعي المتطلبات الخليجية.
اتجاه الشباب للوظيفة على حساب العمل الاستثماري والإنتاجي الصريح يضر بهم وبالتنمية الوطنية، فالعمل الخاص تجربة نموذجية يعرفون من خلالها الصواب والخطأ في الإدارة والحصول على المكاسب من خلال الفكر والجهد والكفاح، وحين يصلون ذلك فإنهم يصيبون قدرا من النجاح يؤهلهم لتجارب عملية وحياتية أكثر إنتاجية وقدرة على مواجهة جميع ظروف الحياة، وتختفي معها شروط الحصول على خبرات، تضعف آمالهم في الوظيفة التي يتطلعون إليها، فالأفضل أن يكون التركيز على الإنتاج المباشر من خلال كثير من الأنظمة الميسرة والتي تشرف عليهم منذ البداية وحتى ينطلقوا في مسيرة ناجحة يرتقون معها ويخدمون مجتمعاتهم وأوطانهم.
(المصدر: الشرق القطرية 2015-09-19)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews