أجندة كوربن تهدد العلاقات البريطانية الأمريكية
يرى البعض في أمريكا في الزعيم المنتخب الجديد لحزب العمال في بريطانيا، جيرمي كوربن، شبيها لبيرني ساندرز، وهو أحد مرشحي الحزب الديمقراطي للانتخابات التمهيدية للترشح لانتخابات الرئاسة الأمريكية.
ويشير تقرير إلى أن ساندرز نفسه قال إنه فرح لانتصار كوربن، مستدركاً بأنه "الانتصار الأكثر إدهاشا في انتخابات الزعامة لحزب بريطاني رئيسي في العصر الحديث"، لم يكن مجرد ضربة "للدخل العالي وعدم المساواة في توزيع الثروة"، كما وصفه ساندرز. ولكنه أكد أجندة مضادة للأجندة الأمريكية، قد تبرز ابتعاد بريطانيا عن الشراكة عبر الأطلسية.
ويبين التقرير أن كوربن يتبنى سياسة خارجية على مبدأ معارضة الولايات المتحدة وإسرائيل بالوسائل كلها. وهذا ما جعله يسمي قوى "سخيفة" مثل حركة حماس وحزب الله والحكومة الشعبية في فنزويلا بـ"أصدقاء"، وتقبل الدعم من مؤسسات وضعتها الولايات المتحدة على قائمة الجماعات الإرهابية.
ويلفت إلى أن كوربن أيد الثوار العراقيين الذين حاربوا ضد القوات الأمريكية، وساوى بين اجتياح تنظيم الدولة للمدن العراقية واجتياح القوات الأمريكية للفلوجة عام 2004. وقال إن واشنطن، وليست موسكو، هي المسؤولة عن الحرب الأهلية في أوكرانيا. وفي مقابلة مع التلفزيون الحكومي الإيراني وصف الهجوم الذي قتل فيه أسامة بن لادن بـ"المأساة".
وكوربن يبلغ من العمر 66 عاما، وأنه بقي عضوا في البرلمان منذ عام 1983، ويتبنى دون خجل الأجندة التي كان يتبناها حزب العمال قبل 30 عاما، فهو سيقوم بتأميم سكك القطار والغاز والكهرباء والخدمات العامة الأخرى، وسيزيد من الإنفاق الحكومي، وسيعيد فتح المناجم التي أغلقتها مارغريت ثاتشر؛ ولم يكن موضوع الاحتباس الحراري قضية مهمة في ثمانينيات القرن الماضي. ومثل زعماء حزب العمال في وقتها فهو يفضل انسحاب بريطانيا من حلف الناتو، وربما من الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى التخلي عن الأسلحة النووية من جانب واحد.
وتلك المواقف التي تسببت بخسارة حزب العمال لأربعة انتخابات عامة متوالية قبل أن ينتقل الحزب للوسط تحت زعامة توني بلير، الذي يتمنى كوربن أن يحاكمة بتهمة ارتكاب "جرائم حرب". ويقول مؤيدوه إن من أوصله للزعامة موجة من الشباب الذين سئموا من السياسة التقليدية.
ومن السهل المبالغة في حجم تلك الموجة؛ فقد استفاد كوربن من مادة جديدة في لوائح حزب العمال تسمح لأي شخص دفع اشتراك الحزب البالغ حوالي 5 دولارات، بالتصويت في انتخابات الحزب الداخلية، وحصل على ربع مليون صوت، أي ما يشكل نصف بالمئة من عدد الناخبين البريطانيين. ويرى معظم المحللين البريطانيين أنه من الصعب أن يبقى زعيما للحزب حتى الانتخابات العامة القادمة في 2020، وأنه إن بقي فسوف يتكبد حزب العمال هزيمة نكراء.
والسياسة البريطانية تبقى صعبة التوقع في زمن أصبح فيه الحزب الوطني الأسكتلندي هو ثالث الأحزاب في البرلمان، وحزب المحافظين الحاكم تمزقه الخلافات الداخلية. بالإضافة إلى أن الإجراءات التقشفية التي تسبب بها الركود الاقتصادي وردة الفعل ضد الحرب في العراق وأفغانستان، جعلت كاميرون يقرر تخفيض أداء بريطانيا دورا مهما على مستوى العالم.
ويتوقع أن يقود كوربن معارضة شديدة لجهود كاميرون الأولية في مشاركة بريطانيا للقتال ضد تنظيم الدولة، وسيعمل ما بوسعه لتخريب العلاقات مع واشنطن.
ويختم التقرير بالإشارة إلى أن كل ما يستطيع أن يأمله من يفضلون الشراكة الإستراتيجية بين بريطانيا والولايات المتحدة ألا يكون زعيم حزب العمال الجديد صوت جيل جديد، بل أن يكون الأنفاس الأخيرة لجيل مضى.
(المصدر: واشنطن بوست 2015-09-15)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews