الأمل الأخير الذي تبخر يدفع السوريين إلى أوروبا
لا يرى سهيل (23 عاما) أي أمل للمستقبل في سوريا. العامل الفني من دمشق يحاول جمع 2500 دولار لتمويل السفر المليء بالمخاطر إلى اوروبا من اجل الهرب من الحرب التي يبدو أن لا نهاية لها.
سهيل غير بارز بمظهره بين سكان دمشق أو بين مئات الآلاف من أهالي البلدة الذين يجتازون الحدود إلى لبنان، هناك يصعدون على متن الطائرات إلى تركيا ويواصلون السفر بالسفن والحافلات والقطارات إلى المانيا أو دول لجوء اخرى. «أريد عمل شيء مفيد في حياتي ولا مجال لأن يحدث هذا هنا»، هكذا يقول سهيل ويتحدث بالتفصيل عن خطته للانطلاق مثل الكثيرين من قبله. كان عمره 18 سنة عندما اندلعت الاحداث ضد الرئيس السوري بشار الاسد في آذار / مارس 2011. مرحلة شبابه كانت في ظل الصراع العنيف الذي كلف حياة 250 ألف انسان.
اربعة ملايين سوري تركوا الدولة، واقتلع ستة ملايين ونصف مليون من بيوتهم. ويقول سكان دمشق إن غير الطبيعي تحول هناك إلى طبيعي: اطفال يمدون أيديهم من اجل الطعام على أبواب المطاعم، وعلى بعد كيلومترات قليلة من هناك يحارب تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) ضد الجيش والميليشيات التابعة للحكومة، ووباء التيفوئيد انتشر في مخيم اليرموك للاجئين، اضافة إلى قطع الرؤوس والقصف، وكل ذلك جزء من حياة الدولة التي تتفكك.
«السبب الرئيسي هو الوضع الاقتصادي»، يقول سهيل عن سبب خروجه من الدولة. «أنا أكسب مئة ألف ليرة سورية في الشهر، لكني احتاج ضعف هذا المبلغ للعيش». السبب الثاني هو أن الحياة داخل الدولة مقيدة بسبب الحرب. «أحاول تجميع مجموعة من اجل السفر إلى المانيا». ويضيف «صحيح أن هذا مخيف، ولكن ما يحدث هنا مخيف أكثر».
الحصول على أمر التجنيد يشجع الكثيرين على ترك سوريا. نور، طالب عمره 21 سنة، يريد المغادرة، لكن شقيقه التوأم يفضل البقاء. إناس، وهي ممرضة، تريد أن يبقى أولادها في سوريا، لكنها باعت مجوهراتها عندما قرر ابنها سليم الذهاب إلى البرازيل، حيث حصل هناك على اللجوء بعد فشله في الوصول إلى الولايات المتحدة. «لم أرغب في ذهاب إبني من هنا»، تقول، «ولكن بعد أن قُتل أولاد الجيران من القصف وتفجير السيارات المفخخة، وافقت على سفره».
الخروج الجماعي من سوريا تتم مناقشته في كل مكان. وهناك الكثير من النكات السوداء. «أقترح تعليم السباحة بالمجان لكل من يريد الذهاب إلى اوروبا»، كتبت فتاة على الفيس بوك. آخرون قالوا إن التقاء الاصدقاء في المانيا أسهل من الالتقاء في دمشق.
السوريون يبيعون البيوت والسيارات من اجل تمويل السفر. الدولة تفقد الجيل الشاب. يبدو أن نسبة الهجرة في ازدياد. «موجة الهجرة هذه هي البداية فقط»، يقول أنس جودة وهو محامي يطالب الغرب بالتعاون مع الاسد في الحرب ضد الدولة الإسلامية.
اللاجئون السوريون لا يتركون الدولة لاسباب سياسية أو لأنهم لا يرون التغيير. سهيل مثلا يؤمن أن الاسد هو الرئيس الافضل لسوريا. ووهيب الذي يريد الوصول إلى المانيا أو السويد ومن هناك ترتيب سفر زوجته واولاده، يتهم السعودية وتركيا والغرب بدعم الإرهاب ـ اللقب الشامل لكل من يعارض النظام. الجميع يريدون أن يتركوا، والوضع اصعب كثيرا في المناطق التي يسيطر عليها داعش، «إنهم يجلدون كل من لا يصلي».
أنشئت في دمشق مهنة جديدة للمرشدين الذين يقدمون خدماتهم للسوريين الذين يريدون الخروج من الدولة. عدنان، محامي، ساعد في الاشهر الماضية 16 شخصا على ترك سوريا، و22 آخرين ينتظرون.
المجموعة الاكبر التي يساعدها تتراوح أعمار من فيها بين 17 ـ 25 سنة ومنهم طلاب ليس لهم فرصة لإيجاد عمل. ولديه ايضا زبائن أغنياء.
بفضل موجة الهجرة المتزايدة فان من يريد الهجرة لديه معلومات اكثر، واصبح التعلق بالمهربين أقل. ويبلغ ثمن السفر إلى المانيا الآن 2400 دولار، وثمن الهوية المزورة 500 دولار، ويمكن المساومة وتخفيضها إلى 200 دولار.
متابعة الزبائن اثناء الرحلة جزء من الخدمات التي يقدمها عدنان، ويتم ذلك عن طريق الهواتف الذكية والواتس آب وخرائط غوغل. ولديه رسم يدوي للطريق من ازمير مرورا بمقدونيا، صربيا وهنغاريا، اضافة إلى أجرة القطار والفنادق الرخيصة، وانتهاءً بالمانيا حيث رسم رجل صغير يلوح بالعلم اشارة إلى الانتصار.
لا يريد الجميع اللجوء إلى اوروبا. ميساء ديب، عالمة الآثار في المتحف القومي، تأسف لأن الكثير من اصدقائها تركوا سوريا. وهي تقول أنا متفائلة ولهذا لم أهاجر. ويقول عدنان: «طالما أنني قادر على البقاء في سوريا فلن أتركها».
(المصدر: هآرتس 2015-09-11)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews