Date : 19,01,2025, Time : 05:17:39 PM
5848 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الاثنين 23 ذو القعدة 1436هـ - 07 سبتمبر 2015م 03:14 ص

انفتاح الاقتصاد يعزز المنافسة ويحاصر الاحتكار

انفتاح الاقتصاد يعزز المنافسة ويحاصر الاحتكار
عبدالحميد العمري

ما انتشرت مظاهر الاحتكار في اقتصاد معين إلا أصابته في المقتل، ولا نتج عنه إلا اختلال خطير في التسعير، وانخفاض أخطر في مستوى جودة السلعة أو الخدمة المقدمة، وإيجاد نوافذ أوسع لتشكل عديدا من الظواهر الاقتصادية السلبية الأخرى، كالتستر التجاري وتفاقم أنشطة اقتصاد الظل، هذا إضافة إلى زيادة التباين في مستويات الدخل بين شرائح السكان.

لطالما كان هذا الملف أحد أكثر الملفات الاقتصادية والتنموية احتلالا للنقاش والحديث طوال الأعوام الماضية، وقد شهدنا جميعا ردة فعل ومقاومة أغلب الوكلاء التجاريين المحليين للإصلاحات التي اتخذتها وزارة التجارة والصناعة. هذا عدا ما قامت به الهيئة العامة للاستثمار من جهود ناجحة طوال الأعوام الثلاثة الماضية، لا تقل نجاحا ولا أثرا عما قامت به شقيقتها وزارة التجارة والصناعة. إنه لمن حُسن الطالع؛ أن يتزامن توجيه خادم الحرمين الشريفين بفتح المجال للشركات الأجنبية للاستثمار في قطاع تجارة الجملة والتجزئة لمنتجاتها، بنسب ملكية تتجاوز النسب الملتزمة بها المملكة في منظمة التجارة العالمية، والوصول بها إلى نسبة تملك 100 في المائة، وفقا للشروط والضوابط التي ستضعها الجهات المعنية.

يشكل سوق تجارة الجملة والتجزئة أحد أكثر الأسواق المحلية نشاطا، يقدر أن تكون إيراداتها قد تجاوزت سقف 600 مليار ريال بنهاية 2014، بهوامش ربحية ناهزت 240 مليار ريال، وتحت دراسة كل من وزارة التجارة والصناعة وهيئة الاستثمار لجميع الأنظمة التجارية والاستثمارية، التي تستهدف تسهيل عمل الشركات العالمية، وتقديم الحوافز لها بما فيها العمل المباشر في السوق المحلية، وتضمين عروض تلك الشركات الأجنبية لخططها المستقبلية للتصنيع، وفق برامج زمنية محددة، ونقل التقنية، والتوظيف والتدريب للمواطنين.

إن عمل الجهات المعنية بتنفيذ هذا التوجيه السامي، سيتركز حول ضرورة الوصول إلى أقرب نقطة من الأهداف التي وقفت وراء التوجيه، والمتمثل في استقطاب الشركات العالمية المصنعة مباشرة، وبيعها لمنتجاتها بطريقة مباشرة للمستهلك، والاستفادة من خدمة مميزة لما بعد البيع، وزيادة التنافسية، وفتح فرص جيدة للشباب السعودي، وتدريب وتنمية قدراتهم في مراكز تدريب تابعة للشركات المستثمرة، إضافة إلى تشجيع تلك الشركات على تصنيع منتجاتها محليا، وتحول الاقتصاد الوطني إلى مركز دولي لتوزيع وبيع وإعادة تصدير منتجات تلك الشركات.

يؤمل أن تبدأ آثار تطبيق هذا التوجيه مبكرا، وأن تنعكس على مستويات المعيشة بالنسبة للمواطنين والمقيمين على حد سواء، فالشركات الأجنبية التي تتوافر لديها هيكليا القدرة على فتح فروعها التسويقية وخدمات ما بعد البيع، أصبحت في حل من الالتزام مع وكيلها المحلي، والمأمول أن تتحقق على أثره ارتفاعا في جودة السلعة أو الخدمة، بالتزامن مع انخفاض تكلفتهما. أما بالنسبة للشركات التي قد لا تتوافر لديها القدرة السابقة نفسها، فهي في الوقت الراهن بعد صدور هذا التوجيه أمام خيارات واسعة، تتيح لها مزيدا من النفاذ للسوق المحلية، مع محاصرة الوكيل التجاري وإلزامه بشروط أعلى تكفل خفض الأسعار، وفي الوقت ذاته تحسين مستوى الخدمة قبل وبعد البيع، وهو ما لن يجد أمامه الوكيل فسحة كما كان قائما من قبل. كل هذه المعطيات الأولية تعتبر مبشرة إلى حد بعيد، وأفضل مقارنة بالوضع الراهن، الذي أدى للتأثير سلبا في المجتمع الاستهلاكي المحلي، بما يمكن القول معه إن من أهم نتائج هذا التوجه الجديد؛ أن الخيارات أمام المستهلك المحلي أصبحت أكثر مرونة مقارنة بتلك التي كانت متاحة لدى الوكيل التجاري!

الأمر الآخر الإيجابي؛ أن بيئة الأعمال التي سينتجها التوجه الأخير، ستكون بيئة أعمال أكثر كفاءة من حيث التسعير، ومن حيث الإنتاجية وتوظيف وتدريب العمالة الوطنية، إضافة إلى تحسين مستويات الأجور والدخل والتعويضات، كما ستكفل وجود كيانات تجارية وصناعية تعزز من الإيرادات الأخرى غير النفطية للميزانية الحكومية "الضرائب". وفي مجمل الصورة عدا المنافسة الشديدة التي ستواجهها الكيانات الوطنية، والتي قد تتسبب في انقضاء أعمال بعضها، إلا أنها مع تحسن هيكلية القطاع الخاص والاقتصاد الوطني عموما، ستتشكل لديها فرص استثمارية بديلة، سيكون عامل ارتفاع الإنتاجية وسيطرة التنافسية عليها هو المحك والاختبار الحقيقي، عدا ذلك فلا مجال أمامها للبقاء، وهو ما سيكفل تطورا حقيقيا منشودا لبيئة الأعمال المحلية، عوضا عما هو قائم في الوقت الراهن وطوال العقود الماضية، لم ينتج عنه سوى التلاعب بالأسعار، وتفاقم أشكال الغش التجاري، عدا التوظيف الوهمي للعمالة الوطنية، وتردي مستوى جودة البيع والخدمات.

الأمر الأهم أيضا؛ أن هذا التحول الكبير المتوقع مشاهدته على بيئة الأعمال لدينا، سينعكس إيجابيا على زيادة تنويع قاعدة الإنتاج المحلية، ويمنح الاقتصاد الوطني فرصا واسعة جدا للتقدم سريعا على هذا المسار، الذي كان بطيئا طوال العقود التنموية الماضية، وهو ما سيحرر الاقتصاد الوطني مستقبلا من الارتهان إلى النفط كأكبر مصدر للدخل، ولا شك أن تحقق مثل هذا الهدف المنشود سنرى أثره جليا على زيادة الدخل والقيمة المضافة للاقتصاد الوطني، إضافة إلى زيادة قدرة القطاع الخاص على توفير الوظائف المجدية والمثالية للباحثين عنها من المواطنين والمواطنات، وهو ما كان يفتقر إليه القطاع الخاص على صورته الراهنة، التي تعتمد في جزء كبير منها على الاستيراد بالجملة من الخارج والبيع بالتجزئة محليا، وفي جزء آخر يقابله تقريبا بالحجم نفسه بالاعتماد على مناقصات الدولة لتنفيذ المشروعات التنموية والحكومية، وكما أثبتت مؤشرات أداء الاقتصاد الوطني طوال الأعوام الأخيرة؛ أن كلا النمطين من أداء القطاع الخاص وفق هذه الصورة، لم يقدما ما يستحق في ميزان القيمة المضافة للاقتصاد الوطني، ولا على مستوى التوظيف وتنويع قاعدة الإنتاج، بقدر ما أنهما تسببا في زيادة التوظيف الوهمي، وتأخر تنفيذ المشروعات التنموية، وزيادة استقدام العمالة الوافدة غير الماهرة، والتسبب أيضا في زيادة التسرب المالي للاقتصاد الوطني، عدا دورهما في تفاقم أشكال التستر التجاري والممارسات التجارية المخالفة المرتبطة باقتصاد الظل، أكثر منه بتعزيز الاستقرار والنمو الاقتصاديين.

ينبغي النظر إلى هذا التوجه الجديد ضمن دائرة أكثر شمولا واتساعا، فالإصلاحات الهيكلية الاقتصادية والمالية والقانونية التي تتفاعل محركاتها في الوقت الراهن، تستهدف فعليا محاصرة مظاهر الاحتكار بصورة عامة، والسيطرة على مصادر تغذيتها من جانب، ومن جانب آخر تفكيك بيئاتها غير المجدية أصلا للاقتصاد والتنمية، بقدر ما أنها شكلت مصادر مقلقة جدا تهدد الاستقرار الاقتصادي، وتزعزع أسس تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.

وهذا يمتد إلى محاصرة أوكار تدوير الأموال والثروات والمضاربة بها في أي من الأسواق المحلية، كالمتاجرة على الأراضي البيضاء، أو عبر عقود الباطن لتنفيذ المشروعات والتسبب في تعثرها، أو تغذية مظاهر التستر والغش التجاريين. ننتظر جميعا ما ستسفر عنه دراسات وزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة للاستثمار في هذا الخصوص، التي لا تقل أهميتها القصوى عن التوجيه السامي، وضرورة أن تتسم بالمرونة الكافية تزامنا مع إحكامها قانونيا ورقابيا، بما يكفل تحقق الأهداف النهائية لمصلحة الاقتصاد الوطني والمجتمع على حد سواء. والله ولي التوفيق.

(المصدر: الاقتصادية 2015-09-07)




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد