سمعة.. المنتجات الصينى!
عندما ظهرت «تايوان» كدولة لها انتاجها الصناعى منذ أوائل الخمسينيات.. كنا نتندر من جودة ومدى سمعة هذه المنتجات التايوانى.. بل كنا نمزح ونسخر من هذه المنتجات، على اعتبار أنها إنتاج «درجة رابعة»، ومازال هذا الانطباع موجودًا حتى الآن.. رغم أن تايوان «فورموزا سابقًا» كانت فى مقدمة النمور الآسيوية.
<< وجاءت الصين - الأم الكبرى التى استعادت هونج كونج أحد هذه النمور - لكى تصبح فى مقدمة دول العالم الكبرى اقتصاديا.. ليس فقط بسبب مساحتها الهائلة.. ولكن بسبب سياستها الانفتاحية التى جعلتها تجذب الشركات الكبرى فى العالم، وبالذات من أمريكا إلى اليابان، مرورًا بدول أوروبا أيضاً، لكى تنتج منتجات هذه الشركات العالمية.. من داخل الصين.. وهكذا أصبحت الصين تمتلك أكبر اقتصاد فى العالم كله. وتحققت نبوءة نابليون بونابرت القائلة «ويل للعالم.. لو استيقظ المارد الأصفر».
<< وتنوع الانتاج الصينى من الزراعة إلى الصناعات الصغيرة.. ولعب الأطفال إلى الصناعات الثقيلة بل والحربية أيضًا، ومن المحمول إلى السيارات بل وإلى محطات الكهرباء والسفن العملاقة والقطارات المكيفة.
ولكن معجزة «المعجزة الصينية» تتركز فى قدرتها على تقديم السلعة الواحدة للأسواق، بعدة أسعار.. وشكلها الخارجى واحد، هو.. هو.. أما ما هو فى الداخل.. فهذا هو سر الصنعة الصينى.. أى هى المعجزة الصينى بعينها.
<< حتى أن الصين تطرح - فى كل سوق - ما يتفق مع امكانياته. أى ما تطرحه فى مصر وإفريقيا غير ما تطرحه فى أسواق دول الخليج، وما تطرحه أيضا فى أسواق غرب أوروبا، غير ما تطرحه فى أسواق شرق أوروبا.. أما ما تطرحه فى أسواق الولايات المتحدة الأمريكية وكندا فهو بالقطع من منتجات الدرجة الأولى. وكله بثمنه!! وفى أسواق أمريكا مثلاً أصبح المشترى الأمريكى يفضل المنتجات الصينية حتى على المنتجات الأمريكية نفسها من حيث الجودة والصنعة.. بل والعمر الافتراضى.
وهكذا نجد السيارة الصينى تغزو أسواق أمريكا والعالم. وتنافس ما كان متعارفًا عليه من جودة السيارة الألمانية ثم الفرنسية والإيطالية والآن.. السيارة اليابانية، وكل انتاج صينى يختلف «من الداخل» فى كل سوق.. عما يتم طرحه فى سوق أخرى.
<< وهنا يكمن سر المعجزة الصينى! وهو نفس السبب الذى جعل المستورد المصرى يتجه إلى الصين.. ويختار سلعًا معينة تتدرج أسعارها - مثلا - من 10 دولارات إلى 50 دولارًا. والشكل كله واحد.. ولكن بجودة تختلف وأيضا بمواد خام تختلف.
وأصبح معروفًا أن الشركة الصينية تسأل المستورد المصرى: بكم تريد سعر هذه السلعة، والآن التاجر المصرى يفكر فقط فى نصيبه من أرباح فإنه يختار السعر الأدنى.. وهنا لا يعترض المصنع الصينى.. وكله بثمنه!!
<< وهكذا نجد منتجات صينية فى أسواق مصر من الدرجة الرابعة أو حتى الخامسة.. وكله «عند العرب.. صابون» نقصد صينى! لأن الزبون، فى النهاية، يريد الأرخص.. حتى وإن ظل البعض يرغب فى المنتجات الألمانى.. أو الإنجليزى، ولكن: السعر غلاب ولذلك نجد فى أسواقنا - بكل أسف - الدرجة الأقل درجة من هذه المنتجات الصينية.. ما هو الحل إذن فى هذه المعضلة؟
الحل هو فى لجنة قومية، أو هيئة، للتوحيد القياسى تحدد مواصفات كل سلعة ومكوناتها.. ومن ثم أسعارها.. تمامًا كما يجب أن تتدخل لتحديد نسبة ربح المستورد والتاجر بكل المراحل، حتى نضمن وصول سلعة سليمة إنتاجيًا.. وحتى لا نتندر الآن بقولنا: يا عم ده.. صينى، كما كنا نتندر بما نستورده من تايوان!
<< نقول ذلك بمناسبة زيارة الرئيس السيسى الحالية للصين.. حتى لا نفقد الجودة المطلوبة.. على الأقل فى الصناعات الثقيلة أى من محطات توليد الكهرباء إلى القطارات وأى إنشاءات تتولاها الصين.. أى ببساطة: ليس السعر الأدنى - فقط - هو المطلوب بل الأكثر جودة والأفضل صنعة. وليس مثل الموبيليا الصينى والذهب الصينى.
<< وتلك هى المهمة الأولى التى يجب أن يتولاها وزير الصناعة والتجارة، العزيز منير فخرى عبدالنور.. مهما كانت تطلعات المستوردين.
(المصدر: الوفد 2015-09-03)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews