ميركل أظهرت قيادة حقيقية في أزمة المهاجرين
قليل ما يتحدث مؤيدو أوروبا ببصيرة هذه الأيام، وأي محاولة لوصف الاتحاد الأوروبي بأنه مشروع قائم على القيم ستقابل بالتهكم والسخرية، ولكن الموقف الشجاع لأنجيلا ميركل، المرأة التي لا يمكن السخرية منها بسهولة، تجاه أزمة اللاجئين، يستحق الاهتمام.
واتخذت المشتشارة الألمانية زمام المبادرة في قضية لم ينتج عنها لفترة طويلة سوى الخلافات بين أعضاء الاتحاد، وتغذية لدعاية الشعبويين، الذين يفضلون عزل بلدانهم تماما عن العالم الخارجي.
ويفر مئات الآلاف من مناطق الحروب والاضطهاد في أكبر أزمة تواجهها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. ألا يتغير الوضع قريبا، وترى أنه لذلك يجب الترحيب بوجود شخص ذي سلطة يتخذ موقفا أخلاقيا بدلا من الإذعان للديماغوجية.
وأعلنت ميركل بوضوح: "إن فشلت أوروبا في مسألة اللاجئين، فإن علاقتها بالحقوق المدنية العامة ستتحطم". وأرسلت ميركل هذه الرسالة القوية بعد أيام من اهتزاز الرأي العام الأوروبي لاكتشاف 71 جثة في شاحنة مغلقة على طريق سريع في النمسا.
ويكشف تقرير عن أن ميركل قد أخذت بزمام المبادرة عندما أعلنت أن بإمكان اللاجئين السوريين كلهم تقديم طلبات اللجوء في ألمانيا، من طرف واحد، وبعدم الأخذ بعين الاعتبار ما يدعى إجراءات دبلن، التي تقتضي أن يقدم اللاجئ طلب لجوئه في أول بلد يصله من الاتحاد الأوروبي.
ويتساءل التقرير، إذا كان ذلك يشكل نقطة تحول؟، وتقول: "هناك شعور متنام في جميع أنحاء أوروبا بأن على الجميع العمل معا في وجه أزمة أودت بحياة 2500 شخص خلال عام 2015. ولكن الرغبة المفاجئة في المساعدة تتصارع مع تنامي ظاهرة الخوف من الأجانب، وعدم الاكتراث لأولئك الذين يحتاجون المساعدة، ويكفي للدلالة على ذلك بعض التصريحات الشائنة من عواصم أوروبية بخصوص قبول لاجئين مسيحيين واستثناء المسلمين، وكذلك الأسيجة التي أقامتها المجر وغيرها لمحاولة وقف تدفق المضطرين".
ويضيف أن "بعض أقدم الديمقراطيات في أوروبا رضيت بالدوس على مفاهيم التضامن برفض الحديث عن اقتسام اللاجئين، ويبقى موقف بريطانيا كئيبا، حيث أعلنت عن استعدادها لقبول 1000 لاجئ سوري فقط، وكان من المشجع أن نرى النائب العمالية يفيت كوبر تنادي بمضاعفة ذلك الرقم إلى عشرة أضعافه يوم الثلاثاء".
ويرى أن المقصود ليس تحمل أوروبا مشكلات العالم كلها، مشيرا إلى أن "تأطير الحوار بهذا الشكل يشجع مثيري المخاوف، وهو ما نحتاج إلى هزيمته. فالمهمة هي إدارة أزمة ذات أبعاد غير مسبوقة بأسلوب إنساني وعملي، ولذلك بات من الضروري وضع سياسة أوروبية موحدة بخصوص اللجوء، وإيجاد الموارد اللازمة لدعم هذه السياسة".
وبالأهمية ذاتها يجب توفير القنوات القانونية لتقديم طلبات اللجوء دون دقغ اللاجئين إلى المغامرة بأرواحهم في البحر أو الشاحنات. لافتا إلى أن الحل طويل الأمد هو تطوير سياسات خاصة بأفريقيا والبلقان والمناطق الأخرى، التي تعاني من أوضاع اقتصادية سيئة، دافعة الشباب للاعتقاد بأن الطريق الوحيد لحياة أفضل هو الهجرة.
ويعتقد التقرير أن "على مؤتمر القمة للاتحاد الأوروبي خلال الأسابيع القادمة التعامل مع تفاصيل الموضوع، ولكن ميركل أرسلت إشارة في الوقت المناسب بأن تواجه أوروبا هواجسها البدائية. وذكرت أوروبا بأنها قامت على قيم، بما في ذلك القاعدة المهمة (لن يتكرر)، في إشارة إلى ذكريات اللاجئين اليهود من ألمانيا والنمسا في الثلاثينيات من القرن الماضي، الذين نبذتهم البلدان الأخرى".
ويقول إن البعض قد يرى أن هناك أسبابا أخرى لخطوة ألمانيا، مثل تسارع شيخوخة المجتمع الألماني، ما يزيد من الفائدة الاقتصادية لاستقطاب المهاجرين. مستدركة بأنه يجب عدم إهمال ما دعت إليه ميركل بأن تجتمع أوروبا على حل مشكلة استراتيجية لا يمكن إهمالها والتخلص منها بالتمني.
ويختم التقرير بالقول: "نحن بحاجة إلى المزيد من هذه اللغة وهذه الرؤية وهذه الشجاعة من قيادات أخرى، وليس مجرد شعارات رافضة لا تحل المشكلة ولا تأتي إلا بالعار الجماعي".
(المصدر: الغارديان 2015-09-02)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews