تدخّل جديد في ليبيا؟
يتسابق رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا "أنسميل" المبعوث الخاص للأمين العام برناردينو ليون مع الزمن. يحاول إقناع المتنازعين الليبيين بالتغلب على خلافاتهم وتأليف حكومة وحدة وطنية جامعة قبل انتهاء مهمته خلال الأسابيع المقبلة. على رغم تفاؤله المفرط، يدرك أن هذا البلد يواجه خطر الإنزلاق الى وضع يشبه الحال في العراق أو سوريا.
يتلافى كثيرون الحديث عن أن هذا الإنزلاق قد يرغم المتضررين من الفوضى العارمة على طلب التدخل الخارجي مجدداً في ليبيا. يبرر هذا الطلب عاملان أساسيان: الإرهاب والهجرة غير الشرعية.
على رغم الإرث المقيت من البطش والسياسات الألعبانية الذي تركه العقيد معمر القذافي بعد زهاء ٤٠ عاماً من حكمه، أسقطه الليبيون - بدعم خارجي حاسم - في مثل هذه الأيام من عام ٢٠١١. تمكنوا من العثور على حد أدنى من النظام العام البديل. غير أن الوقت لم يكن في صف الساعين الى إحلال الاستقرار في بلد يتطلع أهله الى عملية أصيلة للتحول الديموقراطي. قدموا لاحقاً الانتماءات القبلية والعشائرية والمناطقية على المصالح الوطنية. تركوا الحبل على غاربه لعقلية الثأر والانتقام. فوّتوا فرصة ذهبية بعدما هيّأ لهم المبعوث الدولي السابق طارق متري جواً ملائماً وأساساً واضحاً ومتيناً للحوار والتوافق. قدم لهم المشورة والمساعدة التقنية لانتخابات اعترف العالم بنزاهتها. أعد لهم خريطة طريق دستورية. حضهم على تعزيز سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان، وفقاً للالتزامات القانونية الدولية لليبيا.
بنى الديبلوماسي الإسباني برناردينو ليون على هذه الأسس. يجهد لمساعدة الليبيين على إنجاز وثيقة توافق وطني. نال موافقة البرلمان في طبرق على النسخة الرابعة المنقحة من الاتفاق الذي صاغه. يسعى الى استرضاء المؤتمر الوطني العام في طرابلس بملاحق. غير أن أعضاء المؤتمر العام يعتقدون أن الاعتراف الدولي الحالي بالبرلمان سيصير غير ذي شأن في تشرين الثاني المقبل حين تنتهي ولايته. إذذاك لن تكون أفضلية "شرعية" لهذا الطرف أو ذاك. لذلك لا يبدو أمر الاتفاق الذي ينشده برناردينو ليون قبل انتهاء تفويضه الشهر المقبل سهل المنال.
الفرصة سانحة الآن كي يترفع الليبيون عن العصبيات القبلية والشخصية. يتيح لهم برناردينو ليون فرصة استثنائية قد تكون الأخيرة قبل طي صفحة هذه المرحلة.
بغير ذلك، ينعم الإرهاب بأرض أكثر خصوبة. تعشش في ليبيا المزيد خلايا "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" و"أنصار الشريعة" و"الدولة الإسلامية - داعش". أفادت من الالتحاق المتزايد للقذاذفة، أكانوا بالدم أم بالروح، بصفوفها. صارت سرت - المكان الذي ولد فيه معمر القذافي - معقلاً للإرهابيين. هكذا ارتدى البعثيون في العراق ثوب "داعش". هكذا يفعل البعثيون السوريون، أو يكادون. أما الوجه القبيح الآخر، فيتمثل في ازدهار عصابات الجريمة المنظمة والإتجار بالبشر وتهريبهم و"تصديرهم" عبر ما صار يسمى "مراكب الموت" في البحر الأبيض المتوسط.
المرحلة التالية توفر كل عناصر التدخل الخارجي.
(المصدر: النهار 2015-08-31)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews