قناة السويس الجديدة: معركة أمل
تتوارد التحليلات والتوقعات بعد افتتاح قناة السويس الجديدة، حاملة الأمل والتساؤلات عن قدرة هذا المشروع الذي تم إنجازه في عام واحد، كمعين لاقتصاد مصر في مواجهة التحديات الحاضرة والمستقبلية. إن تحويل قناة السويس من ممر ذات صفة تجارية، إلى مركز صناعي ولوجيستي أي تنمية محور قناة السويس الذي سيضم ثلاث محافظات: السويس، الاسماعيلية وبور سعيد.
هذا المشروع التنموي يقوم في الأساس على إدراك واستشراف مغايرين عن الماضي، وأن الأمور في الساحة الاقتصادية التي سارت عليها مصر في هذه المنطقة الحيوية طيلة سنوات كثيرة، أصبحت غير قادرة على خوض غمار المنافسة التي يعيشها عالم الاقتصاد إلا بقارب جديد لمواجهة عواصف المنافسة المتأتية من اقتحام التكنولوجيا وانفتاح الحدود. وليس خافيا على المتابع لحركة الملاحة في قناة السويس، إن بين 8 – 12 من حجم التجارة العالمية المنقولة بحرا تمر عبر قناة السويس، و35 بالمائة من حجم التجارة التي تعبر بين موانئ البحر الأحمر والخليج العربي، 20 بالمائة من التجارة العابرة بين موانئ الهند وجنوب شرق آسيا، إضافة إلى 39 بالمائة من حجم التجارة من وإلى جنوب شرق آسيا. لاشك إن هذه الارقام تثير اللعاب وتجعل
الطرق البحرية المنافسة للقناة «طريق راس الرجاء الصالح، طريق بحر الشمال، طريق رأس اقولاس» ومشاريع النقل المنافسة الأخرى «قناة البحر الميت، خط السك الحديد الاسرائيلي، خط السكك الإيراني بين إيران واذربيجان وروسيا، خطوط انابيب البترول» تنتظر تراجع وعدم التطوير في هذا المجرى الحيوي المصري للانقضاض عليه وتقليص حصته كممر مائي تمر منه التجارة والنفط، ويضعف بالتالي موقف مصر اقتصاديا ووضعها الاستراتيجي والأمني.
لا شك إن توسعة وتعميق هذا المجرى سوف يضاعف المورد المالي المتحصل من رسوم العبور والتي لا تتجاوز 5.3 مليارات دولار في عام 2014 إلى أكثر من 13 مليار كما هو متوقع لها في عام 2023، نتيجة فقط زيادة مضاعفة عدد السفن العابرة للقناة من 49 سفينة حاليا إلى 97 سفينة في 2032 وتحسين وكفاءة الملاحة عن طريق تقليل ساعات الانتظار التي سوف توفر من التكاليف ومبالغ التأمين على ملاك السفن.
إلا ان مشروع قناة السويس يضم تحت جناحيه مركزا صناعيا ولوجستيا فهو يشكل نظرة جديدة في العمل الاقتصادي التنموي من أجل تعظيم دور هذا المجرى الحيوي كقطب جذب للاستثمارات في مختلف المشاريع الصناعية والعمرانية والتجارية والسياحية، وخاصة ان الاقتصاد المصري في حاجة لاستعادة قوته بعد ان اضعفته الهزات في السنوات الماضية حيث جرت الجنيه المصري إلى مستويات دنيا وادت الى تدهور في المعيشة واتساع دوائر التفاوت في الدخل وزيادة في البطالة بصورة عامة وبين الشباب بشكل خاصة تشكل بؤر اضطرابات اجتماعية مستقبلا.
لاشك إن تدافع وتهافت افراد الشعب المصري إلى الاكتتاب في شهادات الاستثمار تمويلا لهذا المشروع الذي تخطت تكلفته 8 مليارات دولار في فترة قصيرة وتنفيذه في سنة واحدة، يعتبر كسبا معنويا للمجتمع المصري أمام عيون العالم، ولكن التحديات ليست بالهينة أيضا حيث يحتاج هذا المشروع لتحقيق أهدافه الاقتصادية الطموحة إلى مضاعفة حجم التجارة العالمية العابرة في مياه القناة وهذا لن يأتي بصورة آلية بعد توسعة وزيادة عمق القناة، بل ستبرز الحاجة لحملات ترويجية كبيرة. كما إن الاستثمارات لن تتدفق دون العمل على تجديد وتطوير القواعد القانونية للاستثمار وحمايته وتقليص البيروقراطية على ان تكون هذه الاصلاحات قادرة على مواكبة التطور الحاصل على الساحة العالمية في هذا الميدان.
و إن كان هذا المشروع الحيوي يشكل بصيص أمل في خلق قطب تنموي في محور قناة السويس بما يحمله من طموحات صناعية ولوجستية وتكنولوجية والذي شارك فيه المصريون بفخر تمويلا وتنفيذا وحماية لبقائه واستمرارا لموقع مصر على الخريطة العالمية، إلا ان التحديات ستظل حاضرة في مدى إمكانية تأمين الاستثمارات الضرورية لخطة تنمية قناة السويس المكونة من 42 مشروعا والقادرة على خلق مليون فرصة عمل التي تمثل جزءا من صمام الأمن والأمان.
(المصدر: الايام البحرينية 2015-08-16)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews