«النووي» الإيراني.. ظل كوريا الشمالية
لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً، ولكن طبقاً لوكالة الأنباء الكورية الشمالية، فإن الكوريين الشماليين يشعرون بخيبة الأمل من الصفقة النووية مع إيران ما يعني أن من غير المرجح أن تحذو كوريا الشمالية حذو إيران. لقد ركز الإعلان الكوري الشمالي على التفريق بين برنامج نظام بيونغ يانغ والبرنامج الإيراني، كما قام باستخدام عبارات صحفية مستهلكة مضمونها أن الأسلحة النووية ضرورية من أجل مكافحة «السياسات العدائية» للولايات المتحدة الأمريكية. إن من المرجح أن القادة الكوريين الشماليين وغير المعروفين بتطوير طريقة تفكيرهم، سوف يصرون على موقفهم وهم يتجهون لمستقبل لا يقدم شيئاً يذكر لشعبهم المضطرب والقلق.
إن العديد من المنتقدين للاتفاقية النووية الإيرانية يقارنون السلوك الإيراني بالسلوك الكوري الشمالي، ويجادلون بأن الصفقة لن تصمد بسبب أن الصفقات مع كوريا الشمالية لم تصمد كذلك وفي الواقع هناك فعلاً بعض التشابه.
لقد تم تحدي إيران خلال السنوات الماضية للإفصاح عن الحقيقة في ما يتعلق ببرنامجها النووي، والأهم من ذلك أن تكون واضحة في ما يتعلق بأهدافها وغاياتها. إن سلوك إيران في الشرق الأوسط بشكل عام - خاصة دعمها للمجموعات الإرهابية في المنطقة - يبدو أنه يتناقض مع ادعائها بالسعي للاستقرار الإقليمي والتنمية الاقتصادية، وبينما تشعر معظم بلدان العالم بالاشمئزاز من السلوك الكوري الشمالي، يبدو أن إيران تنظر لهذا البلد على أنه شريك تجاري وصديق مقرب.
لقد وافقت كوريا الشمالية في ستبمبر/أيلول 2005 في بيان مشترك مع شركائها الخمس خلال ما يطلق عليه المحادثات السداسية، على دعم هدف نزع السلاح النووي، حيث التزمت على وجه الخصوص «بالتخلي عن جميع الأسلحة النووية والبرامج النووية الحالية والعودة السريعة لمعاهدة عدم الانتشار المتعلقة بالأسلحة النووية وضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وفي المقابل تلقت كوريا الشمالية تأكيدات من الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الجنوبية أنه لم يتم نشر أية أسلحة نووية في كوريا الجنوبية، إضافة إلى تأكيدات انه لا توجد نية بمهاجمة كوريا الشمالية بأسلحة نووية أو تقليدية.
إضافة إلى ذلك، فقد تم إبلاغ الشمال بإن الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الجنوبية على استعداد للتفاوض على معاهدة سلام دائمة والاعتراف الدبلوماسي والمساعدة المالية (بما في ذلك برنامج حكومي كوري جنوبي في مجال الطاقة) واعتراف ضمني بحق كوريا الشمالية بالحصول على برنامج نووي مدني.
مقارنة بالتفاصيل غير العادية للصفقة النووية مع إيران فإن البيان المشترك في سبتمبر/أيلول 2005 كان أقل تفصيلاً بكثير، فلم يطلب من كوريا الشمالية اتخاذ إجراءات محددة مقابل مجرد وعود، كما أنها لن تتلقى كل شيء طلبته مقدماً، كما ادعى العديد من منتقدي هذا الترتيب. لقد كانت الاتفاقية عبارة عن برنامج تدريجي «خطوة مقابل خطوة» ولا يوجد طرف بما ذلك كوريا الشمالية يمكن أن يوفي بالتزاماته في غياب التصرفات المقابلة.
لقد شكك الكثيرون في قدرة كوريا الشمالية على الوفاء بوعدها بالتخلي عن برامجها للأسلحة النووية ولم يخيب الكوريون الشماليون آمال هؤلاء وفي النهاية قرر نظام بيونغ يانغ أنه غير مهتم، وخرج مبتعداً ولا تزال كوريا الشمالية غير مهتمة، وأكبر إنجاز دبلوماسي حققته منذ ذلك الوقت هو زيارة لاعب كرة سلة أمريكي سابق لا يستطيع تقدير الأمور.
البعض يجادل بأن الاتفاقية الأخيرة مع إيران سوف تلقى المصير نفسه، لأنها أيضاً تمثل انتصار الأمل والسذاجة على الواقعية والخبرة، ولكن هذا الادعاء يخبرنا الكثير عن منتقدي صفقة إيران أكثر من كونه مقارنة موضوعية بين البلدين.
إيران هي بلد ذات ماض مضطرب، وهي تعاني أزمة سياسية وتفتقد توافقاً واسعاً على كيفية المضي قدماً، سواء بالنسبة إلى الوطن أو لدورها الإقليمي والعالمي،وبالنسبة إلى الكثيرين فإن تصرفاتها في المنطقة توحي باستمرار المنافسة مع العالم العربي على الزعامة. أما على الصعيد الدولي فإن عبارة «الموت لأمريكا» (وهي عبارة تبدو أكثر دهاء بالفارسية) توحي بأن إيران هي عبارة عن بلد لا يتصرف بجدية على الصعيد الدولي.
بالنسبة إلى الإيرانيين من جميع المشارب فإن معنى الصفقة النووية هو أكثر تعقيداً وعمقاً مما ينقله النص، وبينما نفكر ملياً كيف سوف تكون ردة الفعل على الاتفاقية على الصعيد العالمي، خاصة بين السياسيين المتنافسين في الولايات المتحدة الأمريكية أو بين القادة العصبيين والقلقين في «إسرائيل» والدول العربية، فإن السؤال المهم هو ما إذا كان الإيرانيون يدركون أن الاتفاقية تمثل لحظة حاسمة في تاريخهم الطويل. إن بإمكان إيران أن تصبح حضارة المستقبل وليس الماضي.
(المصدر: بروجيكت سنديكت 2015-08-09)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews