الجوانب الاقتصادية في الاتفاق الإيراني
أبرم الأعضاء الخمسة الدائمون لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إضافة إلى ألمانيا، صفقة مع إيران لرفع العقوبات الاقتصادية وفتح المجال أمام الاستثمارات مقابل القيود المفروضة على البرنامج النووي. وبينما قد تبقى الشكوك حيال استعداد إيران لمتابعة الاتفاق قائمة، يتوجب على الدول الغربية التحول سريعاً وبشكل ممنهج من العقلية الأمنية التقليدية إلى عقلية الأمن الاقتصادي.
الأمن الاقتصادي مرادف للأمن القومي، ويعد العصر الحالي أكثر من أي وقت مضى عصر الأزمات المالية المستمرة، ولهذا السبب فإن الوثائق الاستخبارية السرية والعرضية التي سربها إدوارد سنودن تقدم أمثلة لدول تتجسس على اقتصادات بعضها بعضاً.
الوضع الإيراني فريد من نوعه، حاول أن تتذكر المرة الأخيرة التي انفتح فيه اقتصاد دولة قومية على الغرب من أجل أنشطة الأعمال. وأول ما يتبادر للذهن هو الاتحاد السوفييتي بعد سقوطه عام 1991، ولنتذكر كيف أن الروس كانوا مغرمين بهوليوود وسراويل ليفاي. لقد أصبح بعض الروس بين عشية وضحاها رواد أعمال.
ويطلق على هؤلاء اسم الأوليجاركيين، وقد قسم الكرملين أصول الشعب، وأعطاها إلى عدد قليل من المحاسيب. وعندما رحبنا نحن في الغرب بالروس، كانت موسكو قد تبنت الرأسمالية، وطالما أنه لم يعد ينظر إلى روسيا على أنها تهديد عسكري لم يبد أن الغرب مهتم بهذه النسخة من الرأسمالية التي لم تكن أكثر من مجرد ثرثرة.
ويكتب على صناديق الحبوب تعليمات أكثر تفصيلاً بشأن الألعاب المرفقة بها، مقارنة بتلك التي يعطيها الروس عن الرأسمالية المستعادة أكثر من أي وقت مضى، ولقرابة 24 عاماً خلت واصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين محاولاته توجيه نسخة وليدة من الرأسمالية الروسية بعيداً عن أميركا، وهذا هو الخطأ الذي يتعرض الغرب لخطر الوقوع فيه مع إيران، على غرار أخطائه في كثير من اقتصادات ما بعد الصراع.
وتمثل الصفقة النووية مع إيران منفذاً للغرب لتصدير الرأسمالية، وليست الرأسمالية المحسوبية الخاصة بوول ستريت وإنما الرأسمالية الحقيقية، ويجب على الحكومات الغربية أن تسهل قدر الإمكان لرواد الأعمال الدخول إلى السوق الإيراني، إلا أنه يجب على هذه الحكومات المساعدة في غرس الأمن عبر المشاركة الاقتصادية للقياس والربح، وهذا يعني أن الانفتاح على إيران ليس لتوسيع الشركات المساهمة فقط، وإنما للرأسمالية الفردية التي تسعى إلى الخروج إلى جبهة جديدة للبحث عن الفرص والذهب على غرار أسلوب غود راش.
وعلى الرغم من علم الحكومات الغربية علم اليقين أن الأمن الاقتصادي أساسي لاستقرار طويل الأمد، فإنها عادة ما تعامل على أنها عمليات عسكرية ثانوية، وبالتأكيد، فإن العمليات العسكرية تمول الاقتصاد أيضاً ولكن ليس إلى الأبد، ويمكن النظر إلى التجربة الروسية التي تشير إلى كيف أن الاعتماد بشكل كبير على الاقتصاد العسكري يمكن أن يلائمهم.
وكان الغرب يعمل على فترة طويلة على أساس الصراع الساخن، ومع هذا فهذه طريقة للانتقال الهائل بالتركيز بعيداً عن الأمن التقليدي (الزائد عن الحاجة في الغالب)، والتوجه إلى الاستقرار من خلال التفاعل الاقتصادي الأجنبي.
وبالنظر إلى الأمثلة الحديثة، مثل العراق وأفغانستان وليبيا، فإننا خضنا في هذه الدول على أساس عسكري وفشلنا في التحول إلى الاستقرار الاقتصادي بعد الاستثمار بمليارات الدولارات في الحرب.
تخيل إذا ما وضع الجهد معظم الوقت على ما اعتبر حتى هذه اللحظة قتالاً غير ناجح ضد الإرهاب عبر البحار، حيث طبق ذلك على طرق سير الأمور اللازمة لإشراك الاقتصادات الناشئة في مرحلة ما بعد الصراع. وقد يكشف أحد المرشحين الكثر المتقدمين للفوز بالرئاسة الأميركية والنمو الاقتصادي الواعد كيفية قيادة هذا التغيير نحو الاتجاه المطلوب في فترة قصيرة، يفضل أن يستفيد المقربون من المال الناتج عن ذلك.
(المصدر: البيان 2015-08-03)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews