أسئلة أساسية تحدد فرص نجاح رواد الأعمال

هناك أربع خصائص لابد أن تتوافر لدى رجال الأعمال، أو أحد شركائهم قبل مباشرة الأعمال.

يواجه رواد الأعمال العديد من الصعوبات في بداياتهم، ويتعرض العديد منهم للفشل خلال السنوات الأولى، كما يحاول البعض توسيع الأعمال في وقت مبكر جدا أو بعد فوات الأوان. وقد يعاني آخرون بسبب نقص السيولة، ما قد يضطرهم إلى إغلاق الأعمال قبل أن تواجههم المشكلات. ولكن سيواصل الأشخاص أصحاب الإرادة ما بدأوه بغض النظر عن التحديات التي يواجهونها.

بحسب تصريح هيان جوه، أحد المؤسسين في شركة آسيان فوود تشانيل AFC وخريج كلية إنسياد يجب على رواد الأعمال عدم الاستسلام قبل خوض غمار التجربة. جاء تصريحه هذا عن خبرة شخصية حيث أسس شركة AFC في 2005، قبل فترة وجيزة من وصول تأثير الأزمة المالية العالمية إلى صناعة الإعلام في جميع أنحاء العالم، وأصبحت الشركة معروفة في جميع أنحاء المنطقة. وعلى الرغم من الوضع الاقتصادي غير المستقر آنذاك، إلا أنها أثارت اهتمام شركة الإعلام الأمريكية "سكريبس نيتووركس" التي استحوذت عليها في 2013.

وكمثال حي آخر عن أشخاص استطاعوا الصمود وتحقيق النجاح، هناك روجر إيجان، الرئيس التنفيذي وأحد المؤسسين لموقع التسوق "ريد مارت" في سنغافورة، الذي يتيح لمستخدميه التسوق عبر الإنترنت وكأنهم في متجر بقالة، حيث شهد روجر طلبا كبيرا على هذه الخدمة فاق التوقعات.

شارك جوه وإيجان تجربتها خلال حلقة نقاش في كلية إنسياد مع كل من: فيرونيكا، أحد مؤسسي موقع "هيلينت"، وجاني روتياينن أحد مؤسسي موقع "بروبرتي جورو".

استهل النقاش "تشاتري سيتيتونج"، أحد رواد الأعمال في كلية إنسياد، ومؤسس "وان تشامبيونتشيب" أكبر وسائل الإعلام الرياضي في آسيا. حيث أوجز الخصائص الأربع الأساسية التي تساعد رواد الأعمال على الصمود:

هل أتسم بالمرونة؟

يدرك سيتيتونج بعض الأمور عن المرونة، فخلال فترة دراسته لماجستير إدارة الأعمال في كلية هارفارد، أفلست عائلته وتخلى عنهم والده. الأمر الذي اضطر والدته لمشاركته غرفته في السكن الجامعي. ولم يكن بقدرته الحصول على أكثر من وجبة واحدة في اليوم. يعلق سيتيتونج على تجربته: "أعتقدت أن السعادة تكمن في الحصول على الكثير من المال".

قضى سيتيتونج قبل تأسيسه شركته الخاصة، بضع سنوات في العمل في مجال الاستشارات والاستثمارات. وفي نهاية المطاف بدأ إدارة صناديق التحوط في وول ستريت. تقاعد بعمر 37 سنة ليتفرغ لشغفه في الحياة وهو رياضة فنون الدفاع عن النفس. وشرح قائلا "لم أكن آنذاك أشعر بأنني أقوم بعمل ذي تأثير".

قام في وقت لاحق بتأسيس "وان تشامبيونشيب" متجاهلا مناشدات معلميه والأصدقاء والأقارب بعدم خلط العمل بالعاطفة. ولكنه نجح في الوصول إلى مليار منزل حول العالم.

"يعزو الجميع سبب فشل الشركات الناشئة إلى نقص السيولة، ولكني لا أوافقهم الرأي. ففي اعتقادي أن الفشل سببه نقص السيولة بيد مؤسس الشركة واستسلامه. جميعنا حاصل على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال، وبإمكاننا الحصول على وظيفة أخرى بسهولة، فهل أخوض غمار المخاطر وأغامر بجميع مدخراتي أم أتخلى عن الفكرة ببساطة؟ من جهتي رفضت الاستسلام، وتعرضت للرفض آلاف المرات، كما كنت على مشارف الفشل مرات عدة، ولكن رغم ذلك أتممت ما بدأت به".

هل أستعين بمهارات الآخرين؟

المهارات هي النقطة الثانية التي أشار إليها سيتيتونج. وفي نظره يلعب الشركاء في العمل دورا حاسما في حال عدم امتلاك المهارات المطلوبة. ووافقه الرأي أغلبية الحاضرين، حيث أشار جوه إلى أنه كان محظوظا بشراكته لماريا براون، التي كانت تعمل في "بي بي سي" وعلق على ذلك بقوله: "هي شخص يعرف الكثير عن آلية العمل في التلفاز، في حين كانت جداول البيانات في برنامج (إكسل) هي الشيء الوحيد الذي أتقنه. من ناحية التنوع فأنا من سنغافورة وهي بريطانية الأمر الذي جعل عملنا منطقيا، حيث كانت لدينا وجهات نظر مختلفة حول ما يعني الغذاء للناس. وفي اعتقادي يعطينا مثل هذا التنوع فرصة لنفكر بطريقة أكثر ذكاء، فلم أكن لأستطيع أن أحقق ما وصلت إليه من دونها".

وافقتهم تشو الرأي، مع العلم أن لدى شركائها في العمل خلفية تقنية وافية وأيضا في مجال الأدوية، التي تكتمل خبرتها في مجال الأجهزة الطبية، وكان ذلك كافيا لتأسيس وإدارة شركتهم التي تعمل في مجال التحليلات الرقمية الخاصة بالرعاية الصحية.

هل أستطيع إضافة قيمة؟ يقول سيتيتونج: "ما الذي يجب على الشركات الناشئة فعله بعد انتهاء مرحلة التأسيس والبدء في كسب الزبائن؟ اتفق سيتيتونج وجميع أعضاء الفريق على ضرورة الاستمرار في تطوير قيمة إضافية". فمهمتك كرائد أعمال التركيز على مواصلة النمو بتطوير القيمة بحيث لا يمكن لأحد اللحاق بك".

يجب أن تأتي مهمة إضافة القيمة في صميم استراتيجية الشركة، وينبغي على رواد الأعمال أن يأخذوها بعين الاعتبار في جميع الخطوات التي يتخذونها. فالشركات الناشئة تتأسس عندما تتجلى لدى مؤسسي الشركة فكرة واضحة عن متطلبات السوق، وكيفية تلبيتها، ولكن غالبا ما ينصرف اهتمامهم عنها عند التنفيذ. وفي حين تعتبر المرونة والمهارات أمورا أساسية، لكن تبقى الاستراتيجية والقيمة المضافة هي التي تحدد إمكانية الفشل أو النجاح من وجهة نظري.

هل يعد حجم السوق عاملاً مؤثراً؟

أما الخاصية الرابعة التي تأتي على القدر نفسه من الأهمية فهي إيجاد مساحة للنمو. وكما رأينا لدى جميع الشركاء استراتيجية مماثلة تتجلى في إيجاد سوق جديدة. فهناك "ريد مارت" الرائدة في مجال التسوق عبر الإنترنت في بلد معروف بحب الناس لاستعراض ممرات متجر البقالة. هيان فتح المطبخ الآسيوي على العالم، في حين ابتكر جاني منصة حيوية للبحث عن العقارات؛ أما شو فقد تناول قضية أساسية في الرعاية الصحية وجعلها في متناول الجميع. سيتيتونج فعل الشيء ذاته في منطقة لديها 4000 سنة تاريخ في فنون الدفاع عن النفس ولكنها كانت بعيدة عن اهتمام الإعلام الرياضي. وبحسب قوله: " وجود سوق كبيرة يتيح لك الحرية وارتكاب الأخطاء مع بقاء فرصك في النجاح".

أود أن أضيف أن ذلك يتوقف على طموحك، فإذا امتلكت الخبرة في سوق مشبعة لديك الفرصة لدخوله، ولكن يجب على رواد الأعمال الأخذ بعين الاعتبار التطور المستمر والاستراتيجيات المتعددة لدخول السوق، من أجل النمو والحفاظ على القيمة المضافة التي يقدمونها. فنجاحك يتوقف على مدى صدقك مع نفسك منذ البداية بخصوص المهارات التي تتمتع بها، وعلى مدى مرونتك. ويبقى شريكك هو الداعم لك في مرحلة التأسيس والعكس بالعكس، ويعد مصدرا لوجهات نظر متعددة. ولكن إضافة القيمة والسوق المستهدف ظاهرتان متطورتان باستمرار، ويتوقف نجاحك بحسب قدرتك على مجاراتهم.

(المصدر: الاقتصادية 2015-07-28)