النفط بعد الصفقة النووية
الاتفاق الذي وقعته مجموعة الدول الست مع إيران سوف يؤدي إلى رفع العقوبات المفروضة عليها. ولهذا نرى البلدان المستهلكة والمنتجة للنفط تضرب أخماساً بأسداس حول مدى تأثير تلك الصفقة على أسعار النفط، خصوصاً وأن إيران لا تخفي عزمها على زيادة حجم إنتاجها من الذهب الأسود. فالصين، التي تستهلك أكثر من 10 ملايين برميل في اليوم، نراها جدلة مسرورة بالاتفاق الذي ترى أنه سيساهم في خفض فاتورة مشترياتها من مصادر الطاقة. وذلك على العكس من روسيا التي تخشى أن ينجم عن تلك الترتيبات انخفاض العائدات من صادراتها النفطية.
بالفعل فإن الاتفاق قد خلط العديد من الأوراق ومن ضمنها بالتأكيد الأمور المتعلقة بالطاقة والتي أتمنى أن تكون بقية الأوراق على منوالها. لأن تأثير إيران على ميزان الطاقة العالمي ليس كبير جداً. فنحن إذا نظرنا إلى الطلب العالمي في الربع الثالث الذي نحن فيه فإن التقديرات تشير إلى أنه سوف يكون عند 94.5 مليون برميل يومياً، في حين أن إيران تنتج 2.87 مليون برميل يوميا، أي 3% فقط من ذلك الطلب.
ولكن إيران تطمح لزيادة حجم إنتاجها بمقدار مليون برميل ليصبح انتاجها 3.87 ملايين برميل في اليوم أو أكثر. فهل سيكون لهذه الزيادة تأثير جوهري على ميزان الطاقة العالمي؟ كلا بالطبع. فأولاً أن العقوبات لن ترفع عن إيران صباح الغد. فهناك العديد من الإجراءات التي لا بد على المجتمع الدولي وإيران القيام بها قبل ذلك. وحسب التوقعات فإن إيران لن تصبح متحررة من القيود المفروضة عليها إلا في نهاية العام الحالي بداية العام القادم. وعلى هذا الأساس فإنه من الأهمية معرفة حالة العرض والطلب على النفط ليس اليوم وإنما في العام القادم الذي سوف يتاح فيه لإيران زيادة إنتاجها. فكما تشير التقديرات فإن الطلب العالمي على النفط سوف يرتفع عام 2016 بنحو 1.2 مليون برميل يوميا. وهذا بدوره إذا تحقق من شأنه أن يقلل من تأثير المليون برميل الإضافية التي سوف تضخها إيران في السوق.
من ناحية أخرى ومثلما نعلم فإن إنتاج إيران قبل تقييد صادراتها قد وصل في منتصف عام 2008 إلى 4.23 ملايين برميل في اليوم. ولكن ذلك لم يؤثر على أسعار النفط التي كانت حينها عند 140 دولاراً للبرميل. الأمر الذي يعني أن تأثير الإنتاج الإيراني على أسعار النفط محدود. فهناك عوامل أخرى لها تأثير أكبر وعلى رأسها يأتي حجم الطلب الذي يخضع لعدة عوامل من ضمنها الدورة الاقتصادية في البلدان الصناعة المستهلكة للطاقة بكميات كبيرة وعلى رأسهم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجنوب شرق آسيا بما فيهم الصين واليابان. فتعافي الاقتصاد في هذه المجمعات الصناعية الضخمة هو الذي يحدد النسبة الكبيرة من الطلب على الطاقة. ويلعب الاقتصاد الأميركي في هذا المجال الدور الحاسم. وذلك على أساس أن نمو الاقتصاد الأميركي وتحسن ميزان مدفوعات هذا البلد يحدد سعر صرف الدولار. وهذا الأخير له تأثير كبير على أسعار النفط التي يباع بالعملة الخضراء. فأسعار النفط خلال الفترة القادمة سوف تتأثر بسعر الفائدة على الدولار أكثر من تأثرها بزيادة إيران لإنتاجها.
(المصدر: الرياض 2015-07-25)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews