بقاء سعر البترول أقل من مئة دولار يخفّض احتياطيات العالم
ليس جديداً أن نقول إنه يوجد فرق كبير بين القدرة التكنولوجية والقدرة الاقتصادية فليس كل ما يمكن انتاجه تكنولوجياً يمكن انتاجه اقتصادياً. وجود الرغبة والقدرة على دفع الثمن (القوة الشرائية) هي التي تعطي السلعة صفتها الاقتصادية. كمثال: بإمكان شركات صناعة السيارات تكنولوجياً ان تنتج الآن ملايين السيارات الكهربائية لكن تكاليفها العالية (عدم قدرة المشترين تحمل ثمنها وتكاليف تشغيلها) تجعلها غير اقتصادية. لكن لو استطاعت الشركات أن تنتج السيارات الكهربائية بتكاليف انتاج وتشغيل السيارات التي تستخدم البنزين فستتحوّل السيارات الكهربائية من مجرد سلعة يمكن انتاجها تكنولوجياً (notional supply) الى سلعة اقتصادية يتم تداولها في الأسواق (effective supply).
كذلك بالنسبة لكمية البترول الكلية oil in place الموجودة في باطن الأرض ليست العبرة بالقدرة التكنولوجية على انتاجها بل العبرة بالرغبة والقدرة الشرائية على دفع ثمنها.
لقد قرأت قبل 25 سنة عدة مراجع (منها كتاب للبروفيسور Odell) تقول ان تقديرات البترول الكلية الموجودة في كوكب الأرض قد تتجاوز ال 18 تريليون برميل (أي عشرة أضعاف الاحتياطيات المعلنة الآن) لكن رغم انه من الناحية التكنولوجية يمكن نظريا استخراج نسبة كبيرة منها الاّ أنه اقتصاديا لا يمكن استخراج نفس النسبة في ظل التكنولوجيا المتاحة للبشر والأسعار السائدة.
لقد درجت جميع المراجع المعتمدة التي اعتادت أن تنشر احتياطيات البترول (منها نشرة الشركة البريطانية BP) أن تنص أحيانا بشكل صريح وأحيانا ضمنيا ان كمية الاحتياطي المعلنة هي وفقا للأسعار السائدة خلال فترة تقدير الاحتياطي أي بعبارة آخرى ان انخفاض السعر الى أقل من سعر الفترة التي تم فيها تقدير الاحتياطي سيؤدي تلقائيا الى خروج جزء من الاحتياطي المؤكد – يتناسب مع نسبة انخفاض السعر – ليصبح غير اقتصادي (اي تكاليف استخراجه أعلى من سعر بيعه).
لقد كان تقدير احتياطي البترول المؤكد في العالم حتى نهاية عام 2013 وفقا لنشرة الشركة البريطانية BP يبلغ 1.701 تريليون برميل (تقليدي وغير تقليدي) منه 167.1 مليار برميل بترول الرمال الكندي و220.5 مليار برميل بترول فنزويلا الثقيل جدا (حوض اورينوكو).
ثم خفّضت (بل بقي تقريبا كما هو) تقديرها لاحتياطي البترول المؤكد لعام 2014 حيث قالت انه يبلغ 1.7001 تريليون برميل أي ان الفرق هو مجرد خردلة لا داعي للإصرار على ذكرها واعطائها صفة التغيير في كمية الاحتياطي لا سيما ان جميع التقديرات هي أرقام تقريبية.
هذا يعطينا فكرة عن مدى تشبث (بل تناقض) الجهات التي تقوم بنشر تقديرات احتياطيات البترول فهي تتظاهر بأنها دقيقة لا يفوتها خفض برميل واحد تم انتاجه بينما تغض الطرف عن ذكر ما يطرأ من العوامل التي تؤدي الى انخفاض كبير في الاحتياطي كانخفاض الاسعار عن مستواها الذي لولا ارتفاعها لما تم ادخال غير التقليدي والمياه العميقة الى الاحتياطي المؤكد.
ماذا نريد أن نقول في هذا المقال؟ نريد أن نُذكّر فقط أن الحيادية تتطلب من النشرات التي أخذت على عاتقها نشر احتياطيات الموارد الناضبة (سيّدها البترول) أن تُشير ولو بملاحظة في آخر قوائم الاحتياطيات أن انخفاض الأسعار عما كانت عليه وقت التقدير (سنة الأساس) سيخفّض تلقائيا الاحتياطي فمثلا الانخفاض الحالي للبرميل من فوق 100$ الى أقل من 70$ بالتأكيد سيؤدي على الأقل الى خروج بترول اورينكو والجزء غير المطوّر من الرمال الكندية.
لكن قد نجد عذرا لهذه الجهات وهو ربما أنها تتوقع (من غير أن تُفصح) ان انخفاض السعر الآن هو انخفاض موقت لن يلبث طويلا حتى يبدأ معاودة الارتفاع.
(المصدر: الرياض 2015-07-19)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews