Date : 23,11,2024, Time : 07:42:46 AM
15740 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الاثنين 19 رمضان 1436هـ - 06 يوليو 2015م 02:08 ص

الهجرة إلى أوروبا.. مشكلة بلا حل

الهجرة إلى أوروبا.. مشكلة بلا حل
برانكو ميلانوفيتش

تتفاقم مشكلة الهجرة إلى أوروبا، إذ تجاوز عدد المهاجرين حتى الآن 100 ألف شخص (بزيادة 15٪ على السنة القياسية المنصرمة)، كما تجاوز عدد المهاجرين الذين فقدوا حياتهم أثناء المحاولة عدة آلاف على الرغم من ضبابية الإحصاءات، لأن أحداً لا يملك الدافع الحقيقي لإجرائها وتجميعها.
إنّ كلاًّ من الدول الأوروبية، تريد، في أحسن تقدير، أن تكون نقطة عبور للمهاجرين، وليس بينها مَن تريد أن تكون مستقرّاً لهم. ولذا، يحاول كلٌّ منها تمرير «حبة البطاطا الساخنة»- أي موضوع الهجرة العويص- إلى الدولة المجاورة.
والطريقة الوحيدة لضمان عدم اضطرار الدولة إلى قبول حبة البطاطا الساخنة، هي بناء جدار على حدودها، كما فعلت بلغاريا، وكما تخطط هنغاريا. ولم تُشيَّدْ بعدُ، أو يُخطَّطْ لتشييد جدران بين دول الاتحاد الأوروبي، ولكن ذلك أيضاً لا يمكن استبعاده.
ومن المفارقات الغريبة أن الدول التي كانت تشتكي أكثر من غيرها من وجود الأسيجة الحدودية والجدران، والتي آلت على نفسها هدمها إلى الأبد، تنهمك الآن في بنائها. ولعل من الغريب في نظر المراقب المحايد، أن تكون أوروبا الغنية التي يزيد عدد سكانها على نصف مليار نسمة، عاجزة عن تحمّل مئة ألف مهاجر ولاجئ، بينما قبلت تركيا الأفقر بكثير 1.7 مليون لاجئ من سوريا، وقبلت باكستان وإيران عدة مئات من الألوف من أفغانستان والعراق على التوالي.
تعكس موجة الهجرة، حتى لو نجح الأوروبيون في السيطرة عليها هذا الصيف (وهو أمر مستبعد)، عوامل عميقة ودائمة، ولا يُتوقع أن تخف حدّتها في وقت قريب. وهذه العوامل، هي الفوضى السياسية في الشرق الأوسط، وأهمّ منها، الفجوات الهائلة في مستوى الدخل بين أوروبا وإفريقيا. ومع العولمة أصبحت معرفة هذه الفجوات، إضافة إلى الوسائل العملية لجَسْرها بالهجرة إلى بلد غنيّ، ميسورة أكثر من أي وقت مضى. وتبدو هذه التوجهات أصعب مراساً بالنسبة إلى أوروبا عندما يلقي المرء نظرة أبعد مدى، ويدرك أن عدد سكان دول جنوب الصحراء الإفريقية الذي يزيد حالياً بقليل عن عدد سكان أوروبا، من المتوقع أن يصبح أكبر بستّ مرات بحلول عام 2100. ولذا فإن الهجرة الاقتصادية لا بُدّ أن تزداد.
ثم إن الصعوبة التي تواجهها اوروبا في استيعاب المهاجرين، لا تعود فقط إلى الفوارق الثقافية أو الدينية وحسب، بل إلى أن أوروبا (خلافاً للولايات المتحدة وكندا وأستراليا) تفتقر إلى تاريخ من كونها أرض هجرة (أي مستقبِلة للمهاجرين). وعلى الرغم من أن بعض الدول استقبلت لاجئين سياسيين بأعداد كبيرة (من الأمثلة التي تتبادر إلى الذهن، استقبال فرنسا لاجئين من الحرب الأهلية الإسبانية، أو استقبال العديد من دول الاتحاد الأوروبي، في وقت أقرب، لاجئين من البوسنة)، فإن أوروبا كانت عموماً قارّةً مهاجِرة (أي يهاجر الناس منها لا إليها). يضاف إلى ذلك أن نقص النموّ الاقتصادي وتباطؤ أعداد العمالة المحلية وارتفاع معدلات البطالة في جنوب أوروبا، تجعل توفُّر الوظائف الحقيقية للمهاجرين، مهما تكن متواضعة، وفرص العمل المتاحة لهم منخفضة.
كذلك فإن الاتحاد الأوروبي في السنوات القليلة الماضية، ارتكب عدداً من الأخطاء السياسية التي أدت إلى تفاقم الأزمة، وأوجدت عدم استقرار على حدوده. ومن بين هذه الأخطاء، الإطاحة الطائشة بالقذافي، الذي حلت محلّ نظامه قبائل متناحرة وفوضى شاملة أفضت إلى انعدام أي سيطرة على الحدود الليبية، سواء في الجنوب وفي الشمال.
وبعد ذلك الإنذار النهائي، الذي لا يقلُّ طيشاً، للحكومة الأوكرانية السابقة، (بالتحديد، إصرار ألمانيا على أن يكون الشرط لتوقيع اتفاقية التجارة، هو إطلاق سراح يوليا تيموشنكا من السجن ومعالجتها في ألمانيا؛ وقد أدى ذلك إلى إطاحة حكومة يانوكوفيتش، والتدخل الروسي في أوكرانيا، والحرب الأهلية. وأخيراً، فإن المأزق الحالي بشأن اليونان، الذي ينذر بخلق حالة من الفوضى، لا على حدود الاتحاد وحسب، بل في داخله أيضاً. وهكذا فإن الاتحاد الأوروبي في حاجة إلى أن يفكر مليّاً في ما إذا كان يمرّ بمرحلة تحوّلٍ عبْر مزيج من الغطرسة وعدم الكفاءة، من مصْدر للاستقرار إلى مصْدر للفوضى السياسية والاقتصادية.
كما إن الوضع مع الهجرة بالحالة التي هي عليها حالياً، يزيد من نفوذ الأحزاب اليمينية، المعادية للأجانب في كثير من الأحيان. فحتى عندما لا تشارك هذه الأحزاب في الحكومة، فإن أفكارها وبرامجها السياسية، يتم تبنّيها من قبل أحزاب الوسط أو يمين الوسط، كما حدث في فرنسا وهولندا والدنمارك والسويد. وشيئاً فشيئاً يصبح الطيف السياسي برمته «مصاباً»: وتصبح السياسات المناهضة للهجرة سائدة.
من الواضح أن الاتحاد الأوروبي لا يملك على الإطلاق حلاًّ لأزمة الهجرة الأخيرة. فهو ضائع ببساطة: من دون استراتيجية، ولا سياسة ولا أفكار. ولا يعني ذلك أن المشكلة سهلة الحلّ. ولكن النهج الوحيد الذي قد يؤدي إلى شيء يشبه الحلّ، سيكون متعدد الأطراف، ولا يقتصر على أعضاء الاتحاد الأوروبي (كما في الفكرة الحالية المثيرة للجدل، التي تقترح تقاسم المهاجرين في ما بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي)، بل يشتمل كذلك على الدول الإفريقية التي ينطلق منها المهاجرون. ويبدو أن خلق نظام عام للحصص ينتظم الدول المُصْدرة والدول المستقبِلة، هو الطريقة الوحيدة لفرض بعض النظام والاستقرار. وقد لا يتمكن نظام الحصص من التعامل مع الأحداث العشوائية مثل الحرب الأهلية السورية، ولكنه سيكون قادراً على التعامل مع الهجرة الاقتصادية. فمع وجود نظام منهجيٍّ للحصص، قد يفضّل شخص يفكر بالهجرة من مالي إلى فرنسا، أن ينتظر بضع سنوات، وأن يحصل على إذن رسمي للاستقرار هناك، بدلاً من أن يدفع لأحد المهربين مقابل دخول لفرنسا غير مضمون.
ولكن مثل هذا النهج التعددي يتطلب أولاً، قدْراً كبيراً من التنسيق والنيّة الحسنة في ما بين الدول الأوروبية ذاتها، وفي ما بينها وبين الدول الإفريقية؛ وثانياً، إقرار الأوروبيين بأن عليهم أن يتقبّلوا تدفقاً من السكان الأفارقة، تمليه الديموغرافيا والفجوات الاقتصادية. ولكنّ أيّاً من هذين الشرطين، للأسف، ليس قريباً من التنفيذ، ولذا فإنّ المشكلة - في غمار ارتجال سياسي دائم- سوف تستمرُّ في التفاقم.

(المصدر: الخليج 2015-07-06)




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد