دروس فشل اليونان في اليورو
من يقرأ ما يحدث باليونان خلال السنوات الماضية ولليوم وغدٍ، يتعلم كثيراً من الدروس والعبر، فاليونان دولة تحت مظلة الاتحاد الأوروبي ودول اليورو الموحدة، غرقت بالديون لسبب أنها اقترضت الأموال بهدف تحقيق النمو والتنمية، ولكن الذي حدث أن القروض تتزايد مع فوائدها، ولم تتحقق التنمية أو العائد المتوقع من هذه القروض، وتراكمت مع الزمن، حتى وصلت إلى ما وصلت له بدون أن أخوض بالأسباب عن عدم تحقق الأهداف من الاقتراض فهذا موضوع آخر تفصيلي موسع. الآن وصلت المرحلة من انسداد الطريق بين اليونان ودول الاتحاد الأوربي والبنك الأوروبي وكل الممولين لطريق مسدود، حتى أن وزير المالية النمساوي وصل لقناعة أن اليونان سوف تخرج من اليورو، وكثير من المحللين وحتى دول وصلت لهذه القناعة، واليونان يعاني أكثر وأكثر يوما بعد يوم، فزاد سن التقاعد، وقلص وتقشف حتى ارتفعت نسب الانتحار، وأصبحت البلاد تمر بمرحلة صعبة جداً اقتصادياً لا نظير لها، قد تعود لعملتها "الدراخما" وهذا يعكس أن اليونان وصلت لمرحلة اللاحل رغم وجود دول كبرى اقتصادياً كألمانيا وفرنسا، ولكن القروض تتزايد، ألمانيا لوحدها لها ما يقارب 58 بليون يورو، لدول الاتحاد الأوروبي ما يزيد عن 180 مليار يورو من دول وبنوك ماذا إذا توقفت عن السداد؟! مصاعب أكبر وخسائر وإفلاسات متوقعة.
الدرس الذي نتعلمه من اليونان وما حدث بها برأيي أضع نقطتين أساسيتين والدروس كثيرة، ولكن أركز على مسارين، الأول أن الوحدة النقدية ما لم تكن الدول متجانسة اقتصادياً وتتبع سياسات موحدة لن تنجح الوحدة النقدية، وهذا الحدث ماثل أمامنا في اليونان وقد تتبعها دول كأيرلندا والبرتغال وأسبانيا أكثر ديوناً ولكن نسبة للناتج القومي اليونان أسوأ. فالوحدة النقدية لها أسس وقواعد مهمة يجب أن يكون هناك نسيج اقتصادي وسياسات مالية ونقدية موحدة وليس العملة فقط توحد، وهذا يحتاج شرحاً مسهباً. العامل الآخر هو أن تحقيق النمو المتسارع والسريع مضر أكثر من التباطؤ، فالنمو السريع يعني قروضاً أكثر تضخماً، والسؤال هل كل السكان دخلهم يتحمل التضخم المتسارع أو نمو الدخل سيوازي ذلك؟! يجب أن نعيد قراءة ذلك، وايضا النمو السريع بقروض يعني أن العائد للمشاريع والنمو يجب أن يفوق بارتياح كبير نسب القروض وفوائدة، وإلا تحول لعبء وديون قاسية كما هي اليونان، التوازن هو المطلب، وليس القوة والنمو، وحين تحقق نموا اقتصاديا عاليا يفوق مثلا 7 أو 9 % يعني أن تستمر بهذه الوتيرة والنمط وإلا أي تراجع سيكون تفسيره تباطؤ النمو وأثره السلبي على فرص العمل وعجلة الاقتصاد.
كل شيء بثمن، والحلول تأتي بالتوازن، فلا القروض الضخمة ولا النمو السريع هو الحل السحري، وأن تطلب مراحل معينة من الزمن يمكن تحقيق ذلك، لكن لا يكون نمطاً ثابتاً في المستقبل.
(المصدر: الرياض 2015-07-01)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews