العمل ضمن تكتلات اقتصادية أكبر
العمل المفرد لا يعطي نفس مردود العمل الجماعي. ولهذا رأينا أوروبا تتحول من العمل الحرفي المفرد إلى الورش التي تجمع فيها الكثير من الحرفيين ومن ثم إلى المعامل فالمصانع التي يعمل بها الآلاف. كذلك هو حال الدول. فنحن نرى مثلا مجموعة السبع التي عقدت اجتماعها الأسبوع الماضي، والتي تضم الولايات المتحدة، كندا، بريطانيا، فرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان، تواصل العمل مع بعضها منذ سبعينات القرن المنصرم.
وإصرار الولايات المتحدة على العمل والتنسيق مع غيرها رغم امكانيتها للعمل لوحدها يعني أنه حتى زعيمة العالم لا تفضل العمل بمفردها. وأمريكا ليست هي الوحيدة في هذا الشأن. فالعملاق الصيني هو الآخر يفضل العمل مع روسيا، الهند، البرازيل وجنوب أفريقيا ضمن مجموعة بريكس BRICS المتباعدة عن بعضها جغرافياً. كما أن هناك دول آسيا والمحيط الهادي التي تعمل ضمن منتدى التعاون الاقتصادي إبيك APEC والذي يضم 21 بلداً تفصل بين بعضها المسافات.
وأنا هنا لن أشير إلى مجموعة ال 20 التي نشارك فيها بفعالية، فهذه المجموعة تهتم بحل القضايا الاقتصادية العالمية، كما أني لن أتطرق إلى الاتحاد الأوروبي ولا إلى اتفاقية التجارة الحرة لشمال أمريكا النافتا أو اتحاد دول أمريكا الجنوبية “أوناسور” ولا إلى بقية التجمعات الإقليمية وذلك لأننا مع جيراننا في الخليج يضمنا مثل هذا التجمع وهو مجلس التعاون الخليجي. ولا اقصد هنا التقليل من شأن التجمعات الإقليمية. بالعكس فهذه الأخيرة قد أثبت نجاحها وأهميتها خلال السنوات الماضية. ولكن بلدنا بما لديه من إمكانيات اقتصادية وموارد متعددة يمكن أن يعمل وينسق، كما يبدو لي، ضمن إطار تجمعات أخرى بالإضافة إلى مجلس التعاون.
فنحن لدينا النفط والغاز والبتروكيماويات التي تعتبر عصب اقتصادنا وأساس مداخيلنا من العملة الصعبة. وهي نفس القطاعات الاقتصادية التي لدى بلدان مجلس التعاون. ولهذا فإن تكاملنا مع هذه البلدان من الناحية الاقتصادية ربما غير ممكن. فنحن لا نحتاج إلى نفط وغاز شقيقاتنا في دول المجلس لأن لدينا ما يكفينا منه والعكس بالعكس. ولذلك فإن تحقيق أهداف خطط التنمية بتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط ربما يتطلب مبادرة منا لإنشاء تكتل اقتصادي جديد يمكننا التكامل والتنسيق مع بلدانه كمصر، تركيا، باكستان واندونيسيا. بل أنه يمكن احتواء إيران ضمن هذا التكتل إذا ما التزمت بالقوانين الدولية وضوابط العمل المشترك.
إن صناعتنا البتروكيماوية التي تشكل النسبة الكبرى من مساهمة الصناعة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي وكذلك نصيب الأسد في صادراتنا من غير النفط لا تزال تقتصر على إنتاج الطوابق السفلى من الصناعة البتروكيماوية. وهذا يناسبنا لأن هذه الطوابق مكثفة للطاقة ورأس المال والتكنولوجيا وقليلة الاعتماد على اليد العاملة.
من ناحية أخرى فالصناعة البتروكيماوية تعتبر من الصناعات الأساسية العالمية التي لا تستغني عنها معظم الصناعات كإنتاج السيارات والطائرات والسفن وكافة الالكترونيات وغيرها. ولذلك فإننا نحتاج إلى العمل مع بلدان أخرى ذات موارد بشرية ضخمة كتلك التي أشرت إليها أعلاه من أجل التعاون معها لإقامة بقية الطوابق العليا من الصناعات البتروكيماوية على أرضها وبرأسمال مشترك معها.
(المصدر: الرياض 2015-06-13)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews