الأسهم الأمريكية تتوقف عن الارتفاع
هل هي القمة؟ إذا كانت كذلك، كيف يمكننا معرفتها؟ لم يثق أي أحد تماما بسوق الأسهم الأمريكية طوال مسيرة ست سنوات. والأسبوع الماضي، تضافرت عدة أجزاء مختلفة من المعلومات لدعم التكهنات القائلة إن السوق توقفت عن الارتفاع أخيرا.
في الشهر الماضي، الحجم الإجمالي لعمليات الاندماج والاستحواذ في الولايات المتحدة تجاوز أخيرا رقمه القياسي السابق، الذي تحقق في صيف عام 2007، تماما قبل أن تسحب أزمة الائتمان البساط من تحت سوق الأسهم. كان يغلب على الخبر أن يقابل بشيء من الخوف بدلا من شيء من الفرح.
جاء هذا عقب أعلى رقم قياسي في نيسان (أبريل) المتعلق بعمليات شراء الشركات لأسهمها الخاصة، الذي تفوق مرة أخرى على رقم قياسي سابق تحقق تماما قبل أزمة الائتمان. عندما تعيد الشركات شراء الأسهم الخاصة بها، فهذا يعني ضمنا أنها لا تمتلك أية فرص للنمو، للاستثمار فيها ـ وتتصرف بصفتها من المشترين ذوي القيمة لدعم السوق.
من ثم، كانت هناك دراما في سوق السندات، قادها التحرك التصاعدي في عائدات سندات الخزانة الألمانية. قبل أسابيع قليلة كانت عائدات هذه السندات لأجل عشر سنوات بالكاد تصل لأعلى من الصفر. يوم الخميس الماضي، وصلت تقريبا إلى نسبة 1 في المائة، بعد أكبر زيادة ليومين منذ تشرين الأول (أكتوبر) 1998.
لم يكن هذا تماثلا محظوظا. جاء الارتفاع عام 1998 بعد انهيار شركة لونج تيرم لإدارة رأس المال. ومع ارتفاع العائدات، أدلى ألان جرينسبان، الذي كان حينئذ رئيس المصرف الاحتياطي الفيدرالي، بواحدة من الخطب الأكثر مدعاة للقلق خلال فترة ولايته. قال عندما يكون البشر خائفين "فإنهم ينفصلون" ما يعني بالضرورة انخفاض الأسعار.
في الأسبوع الماضي كان ماريو دراجي، رئيس البنك المركزي الأوروبي، هو المصرفي المركزي الذي أحدث دويا في الأسواق. كان رجاء الكثيرين هو أنه سيحاول الإقناع بتراجع العائدات، بدلا من ذلك، أخبر المستثمرين صراحة أنهم ينبغي أن يكونوا مستعدين لمزيد من تقلبات سوق السندات، في نبوءة تحققت فورا.
في سابقة مثيرة للقلق أيضا، كان هناك تحرك آخر صاعد مفاجئ في عائدات سندات الخزانة في صيف عام 2007، الأمر الذي أشعل فتيل أزمة الائتمان. هذا يبدو منطقيا. إن حركة مفاجئة في عائدات السندات ينبغي أن تدق ناقوس الخطر في أسواق الأسهم، لأن هذا يرفع المعدلات التي يجب أن تحكم خصومات عائدات الشركات المستقبلية ويقلل من قيمتها.
أما بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي الآن، تم التعامل مع تقرير الوظائف القوية الذي صدر يوم الجمعة، الذي يظهر نمو متوسط العائدات بأسرع وتيرة خلال عامين، وكأنه تقرير سلبي، لأنه يزيد من فرصة حدوث زيادة مبكرة في سعر الفائدة الرسمي من الاحتياطي الفيدرالي، التي يخشى بعضهم أنها علامة على وصول مستوى التوظيف إلى القمة.
أخيرا كان هناك إنذار بأن أقوى مصرف في وول ستريت، جولدمان ساكس، اعتبر تقريبا أن الأسعار وصلت إلى أعلى مستوى لها. واستشهد جولدمان بالبروفيسور روبرت شيلر، من جامعة ييل، وآخرين، بأن سوق الأسهم الآن أعلى من قيمتها الحقيقية بكثير، وهاجم إعادة الشركات شراء أسهمها. لم يكن في ذلك جديد. ما كان جديدا هو أن جولدمان القوي قرر نشرها.
ربما أحد من الأسباب الأخرى التي تدعو إلى القلق أن سوق الأسهم في الولايات المتحدة تبدو فقدت اتزانها. مؤشر ستاندرد آند بورز 500 هو الآن بالكاد أدنى من مستوى القمة، لكنه ليل الخميس الماضي لم يكن أعلى من مستواه الذي وصل إليه في 29 كانون الأول (ديسمبر) 2014. لقد بقي ثابتا أساسا طوال العام. ولا توجد الآن قوة دفع إلى الأمام.
لذا، هل يشير كل هذا إلى الوصول إلى أعلى مستوى؟ ليس بالضرورة. أولا، توقيت وصول الأسواق للقمة هو أمر صعب للغاية. بإمكان الأسواق التحرك بسهولة من حالة عدم العقلانية إلى حالة حتى أشد من عدم العقلانية. ثانيا، التقييم أمر غير مجد هنا. أتفق مع البروفيسور شيلر وآخريين، أن الأسهم الأمريكية مبالغ في سعرها، لكنها كانت أصلا باهظة الثمن منذ سنوات عديدة. وتشير المغالاة الخطيرة إلى أن الهبوط في نهاية المطاف قد يكون أمرا رائعا، لكنه لا يعني أن السوق ستتصدر القمة في أي لحظة الآن. ويقترب مؤشر الاندماج والاستحواذ من الذروة، لكن بالقيمة الحقيقية لا يزال بعيدا عن وصول مرحلة الذروة التي سجلها لعام 2000 أو2007. وتعد عملية الإحياء بمنزلة إشارة إلى أن هذا الاندفاع يمر في مراحله الأخيرة أكثر من كونه وصل إلى ذروته.
على أية حال، من الصعب استخدام مؤشرات المشاعر، لأن هذا الاندفاع بأكمله كان أمرا غريبا. ليس هناك شيء يماثل الغبطة التي تحيط بمؤشر الاندماج والاستحواذ بحيث يصل في نهاية المطاف إلى الذروة. كثيرون لا يثقون بهذا الاندفاع. ولم يصبح معظم الأمريكيين أغنياء بسببه. هذا يجعل الأسهم أكثر عرضة للانخفاض - لكن هذا كان صحيحا منذ سنوات.
أخيرا، والأهم من ذلك، ربما تكون القفزات الكبيرة التي حدثت في الآونة لعائدات السندات قد سببت المتاعب، لكنها كانت بعيدة كل البعد عن الوصول إلى القمة. في كل من عامي 1998 و2007، دفعت هذه القفزات بالاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة، ما منح الحياة للأسهم. في عام 1998، خفض جرينسبان أسعار الفائدة بعد أسبوع من خطابه الذي فجر المرحلة النهائية المجنونة من اندفاع موجة الدوت كوم. لكن تبين أن القمة كانت على بعد 18 شهرا.
حتى في عام 2007، عملت استجابة الاحتياطي الفيدرالي على العلامات الأولى لأزمة الائتمان على تعريض سوق الأسهم إلى مستوى جديد مرتفع (وأثارت اندفاعا نهائيا نحو أسهم الأسواق الناشئة). وأنكر كثيرون في وول ستريت أن الأسهم كانت تستعد للدخول في سوق هابطة مباشرة حتى إفلاس بنك ليمان براذرز، بعد مرور أكثر من عام.
لذلك، هنالك سبب كبير يدعو إلى القلق من طريقة تحرك المشاعر. التقييمات المرتفعة تعرض الأسهم الأمريكية لعمليات بيع كبيرة. لكن حالتي الطفرة والانهيار الأخيرتين تبينان أن المنطق الاقتصادي يحتاج إلى وقت أطول لتأكيد ذاته، وأن بإمكان البنوك المركزية تأخير لحظة الحساب. مع الأسف، يبقى صحيحا كما هو دائما أنه لا يوجد ما هو أهم من الخطوة التالية التي سيقوم بها الاحتياطي الفيدرالي حيال أسعار الفائدة.
(المصدر: فاينانشال تايمز 2015-06-07)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews