بداية تحرك لتحريم الأسلحة النووية
في كل لحظة من كل يوم، تحتجز البشرية بأسرها رهينة من قبل الدول النووية التسع. وهذه الدول هي الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن الدولي وأربع دول مسلحة نووياً بصورة غير مشروعة، هي الهند، وباكستان، وكوريا الشمالية و«إسرائيل».
وجميع هذه الدول تتبنى نظرية الردع الوهمية، التي غذت سباق التسلح النووي منذ بدايته، والتي تقوم على أساس أنه إذا كان لدى دولة سلاح نووي واحد، فإن خصمها سيحتاج إلى إثنين، وهكذا دواليك، إلى درجة أنه أصبح يوجد في العالم اليوم 15،700 سلاح نووي جاهز للاستخدام الفوري وتدمير الكوكب.
ولا تبدو في الأفق نهاية لسباق التسلح هذا، على الرغم من التزام الدول النووية قانونياً قبل 45 سنة بالعمل لإزالة جميع الأسلحة النووية، وفقاً لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. وفي الواقع، العكس هو ما يحدث، حيث اعتمدت الولايات المتحدة الآن برنامجاً ل«تحديث» أسلحتها النووية على مدى 30 سنة بكلفة تبلغ تريليون دولار. وهذا يستدعي حتماً رداً «رادعاً» من كل دولة نووية أخرى.
وفي هذا الوضع الخطير، اختتمت الدول ال 189 الموقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي في مايو/أيار مؤتمر المراجعة الدوري في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، الذي استمر شهراً. وكان هذا المؤتمر فشل فشلًا واضحاً بسبب رفض الدول المسلحة نووياً تأييد إجراءات مقترحة لنزع الأسلحة النووية. وبذلك أثبتت الدول النووية رفضها الاعتراف بالخطر المهلك الذي يواجهه كوكبنا، واستمرارها في المقامرة بمستقبل البشرية.
وخلال المؤتمر، أدت الدول النووية تمثيلية مصطنعة عبرت فيها عن «قلقها» إزاء التهديد النووي، وتبادلت الاتهامات بشأن المسؤولية عن استمرار هذا الوضع. وهي في الواقع تواصل صنع وتخزين الأسلحة النووية، وتتجاهل أحدث الأدلة العلمية التي تثبت أن تأثير هذه الأسلحة على البشرية أكثر خطورة مما كان يعتقد من قبل. ورفضت الدول النووية الاعتراف بأن هذه الأدلة يجب أن تشكل الأساس لتحريم وإزالة الأسلحة النووية.
ولحسن الحظ، ظهر خلال مؤتمر المراجعة رد إيجابي وقوي. إذ إن الدول غير المسلحة نووياً، التي تمثل أغلبية الشعوب التي تعيش على الكوكب، والتي تشعر بالإحباط إزاء تعنت الدول النووية، اتحدت وطالبت بتحريم قانونين للأسلحة النووية على غرار تحريم كل أسلحة الدمار الشامل الأخرى، الكيماوية والجرثومية، وكذلك الألغام الأرضية.
وهذه الدول أخذت ترفع صوتها. وفي أعقاب تعهد النمسا في ديسمبر/كانون الأول 2014 بالعمل لسد الثغرة القانونية (في معاهدة حظر الانتشار النووي التي لم تحرم هذه الأسلحة)، انضمت إليها خلال مؤتمر المراجعة الأخير 107 دول. وهذا الالتزام يعني العمل لإيجاد أداة قانونية ستحرم وتفرض إزالة الأسلحة النووية. ومثل هذا التحريم سيجعل الأسلحة النووية غير مشروعة، ويتهم أي دولة تواصل الاحتفاظ بهذه الأسلحة بأنها خارجة على القانون الدولي.
وقالت كوستا ريكا في كلمتها الختامية في مؤتمر المراجعةإن «الديمقراطية لم تأت إلى معاهدة حظر الانتشار النووي، ولكن الديمقراطية أتت إلى نزع الأسلحة النووية».
والدول المسلحة نووياً أخفقت في إثبات جديتها بشأن نزع أسلحة شامل، وهي في الحقيقة لا تنوي إطلاقاً أن تفعل ذلك. ويتعين عليها الآن أن تتنحى جانباً وتترك أغلبية دول العالم تعمل بصورة جماعية من أجل مستقبل البشرية.
وقال جون لوريتز، المسؤول في «الحملة الدولية لإزالة الأسلحة النووية» (منظمة أهلية دولية ): «الدول المسلحة نووياً تقف على الجانب الخاطئ من التاريخ، والجانب الخاطئ من المبادئ الأخلاقية، والجانب الخاطئ من المستقبل. ومعاهدة التحريم آتية، وعندئذ ستكون هذه الدول على الجانب الخاطئ من القانون».
(المصدر: الخليج 2015-05-31)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews