«المركزي الأوروبي» يرفع صوته لإبقاء اليورو تحت السيطرة
يعتقدون أن كل شيء قد انتهى. حتى الأسبوع الماضي، هدد انتعاش غير متوقع في اليورو بالإخلال بخطط البنك المركزي الأوروبي، الذي يريد عملة ضعيفة لإحياء منطقة اليورو.
لكن بعد الارتفاع إلى أعلى مستوى منذ ثلاثة أشهر وبلوغه 1.1467 دولار في أواخر قبل الأسبوع الماضي، حصل اليورو يوم الثلاثاء على واحد من أكبر انخفاضاته في يوم واحد منذ أربعة أعوام.
إيان ستانارد، رئيس قسم النقد الأجنبي الأوروبي في مورجان ستانلي، يقول إن اليورو مقابل الدولار، بعد أن تراجع بنسبة 25 في المائة في العام الماضي، عاد إلى الاتجاه الهابط. "الانتعاش اكتمل".
لكن هل انتهى الانتعاش بالفعل، أم أنه توقف فقط؟ مسار اليورو كان أي شيء باستثناء كونه سلسا في الآونة الأخيرة، مع نوبات حادة من تصويب الأوضاع تتناوب بالقدر نفسه مع عمليات تصفية قوية.
وهذا، جزئيا، نتاج بيانات أمريكية ضعيفة تؤدي إلى تخفيض الدولار، وتفاؤل بشأن النمو الاقتصادي في منطقة اليورو.
مشاعر أكثر إيجابية كانت واضحة يوم الجمعة، بعد أن أعلن معهد أيفو الاقتصادي ـ مقره في ميونيخ ـ عن مستويات ثقة أعلى من المتوقع بين رجال الأعمال الألمان. وهذا أدى إلى إحياء اليورو لفترة وجيزة، حتى عملت بيانات التضخم الأمريكية القوية على تخفيضه مرة أخرى. واقترب انخفاض العملة الموحدة خلال الأسبوع من 3.9 في المائة.
يقول بول لامبرت، رئيس قسم العملة في صندوق إنسايت للاستثمار، التابع لـ "بي إن واي ميلون": "ما يحدث هو قصة بيانات تتكشف".
لكنها أيضا قصة حول كيف أن برنامج التسهيل الكمي في منطقة اليورو يتكشف. ماريو دراجي، رئيس البنك المركزي الأوروبي، أراد عمليات شراء أصول على نطاق واسع - تم إطلاقها في آذار (مارس) - لإبعاد منطقة اليورو مرة أخرى عن حافة الانزلاق الانكماشي، من خلال إضعاف العملة وتخفيض تكاليف الاقتراض.
لكن هناك نتيجة غير مقصودة، لا تروق للبنك المركزي الأوروبي، هي التقلب الكبير في عائدات السندات. الارتفاع في التفاؤل بشأن النمو الاقتصادي في القارة الأوروبية - وما نتج عنه من ارتفاع في اليورو - تزامن مع ارتفاع في عائدات سندات الخزانة الألمانية، التي تتحرك عكسيا مع الأسعار. ويكاد يكون من المؤكد أن عمليات البيع كانت مدفوعة إلى حد كبير بالعوامل الفنية - بما في ذلك كثير من المساهمين الذين يفترضون أن برنامج التسهيل الكمي سيؤدي إلى تخفيض تكاليف الاقتراض الحكومية.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها البنك المركزي الأوروبي بصراحة. فقد عمل دراجي على دفع اليورو إلى أدنى في كثير من الأحيان هذا العام. فمنذ بدء انتعاشه في منتصف آذار (مارس)، عندما وصل إلى أدنى مستوياته خلال 12 شهرا مقابل الدولار، أدت تعليقات رئيس البنك المركزي الأوروبي - مثل نفي احتمال "تخفيف" وتيرة برنامج التسهيل الكمي - إلى تأثير قصير الأجل لوقف انتعاش اليورو.
في الأسبوع الماضي، خطاب بينوا كوريه، العضو في المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي، أثار عملية بيع حادة لليورو. قال كوريه إن الانعكاس في أسواق السندات لم يكن هو ما أثار قلقه، لكنه حجم تقلبات السوق. وقال أمام جمهور في لندن: "سرعة الانعكاس هي التي تثير قلقي أكثر".
وأضاف أن البنك المركزي الأوروبي ربما يعجل عمليات الشراء عبر برنامج التسهيل الكمي في الأسابيع المقبلة، الأمر الذي يجعله قادرا على تقليص نشاطه خلال عطلة الصيف، حين يتوقع أن تكون سيولة السوق ضعيفة.
يقول لامبرت: "يمكنك بالتأكيد الاستماع إلى البنك المركزي الأوروبي. فلديهم تاريخ جيد جدا بجلب اليورو إلى المكان الذي يريدونه".
ستيفين بارو، مختص استراتيجية مجموعة العشرة في بنك ستاندرد، يقول إن البنك المركزي أكثر حساسية للتقلب في أسواق السندات والأسهم مما هو في اليورو. "لن يرغبوا في أن يصبح اليورو أعلى إلى حد كبير، لكنهم سيهتمون باستمرار بالعائدات الأعلى بشكل حاد، بسبب العواقب على أسعار الفائدة على سندات الشركات".
وكانت أسواق السندات الأوروبية هادئة الأسبوع الماضي، لكن المعارك لاحتواء سوق السندات واليورو أبعد ما تكون عن الفوز بها.
وتبقى أسواق السندات في المنطقة عالقة بين قوى متنافسة. فمن ناحية ينبغي أن تؤدي توقعات النمو الأقوى والتضخم الأعلى إلى ارتفاع العائدات - الأمر الذي يشجع على المزيد من تعزيز اليورو. لكن من الناحية الأخرى عمليات الشراء الكبيرة التي ينفذها البنك المركزي الأوروبي للسندات الحكومية وغيرها من السندات تبقي الضغط النازل على العائدات.
يقول إيان ستيلي، مدير الدخل الثابت في جيه بي مورجان لإدارة الأصول: "إنها لعبة شد الحبل. ما رأيناه حتى الآن [فيما يتعلق بالسندات] كان تصحيحا سليما يظهر أن العائدات يمكن أن تتحرك في اتجاهين. لكني اعتقد أن عوامل العرض والطلب ستستمر في الهيمنة، ولا سيما خلال فصل الصيف".
وسيكون صافي إصدار سندات منطقة اليورو - بعد الأخذ في الحسبان الاسترداد ودفعة الفائدة السنوية على السندات - سلبيا بشكل كبير في تموز (يوليو)، الأمر الذي يمكن أن يجبر البنك المركزي الأوروبي على تقديم عروض أكثر قوة على الأسعار، حتى إذا أدى ذلك إلى تقليص عمليات الشراء. وهذا يمكن أن يؤدي إلى تخفيض العائدات مرة أخرى.
على الرغم من الانتعاش في اقتصادات منطقة اليورو، إلا أن المتوقع أن يستمر البنك المركزي الأوروبي في برنامج التسهيل الكمي، كما هو مقرر، على الأقل حتى أيلول (سبتمبر) 2016.
وربما ستبدأ الأسواق بالتكهنات عن الانسحاب التدريجي، فقط إذا تم الحفاظ على النمو الاقتصادي الأقوى وعاد معدل التضخم ضمن حدود هدف البنك المتمثل في معدل سنوي أقل 2 في المائة لكن قريبا منها.
والاحتمالات بالنسبة للعام الحالي هي مزيد من مشاعر اللبس. ومن المرجح تماما أن يؤدي هذا إلى مزيد من التدخلات من دراجي وزملائه.
(المصدر : فاينانشال تايمز 2015-05-25 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews