سياستنا النفطية.. تعظم حصتنا السوقية
إن مرونة سياستنا النفطية قادتها إلى التعامل مع متغيرات السوق الجديدة والمتوقعة على أساس اقتصادي بحت يحدد ميكانيكية العرض والطلب العالمي من أجل تعظيم حصتها. فما التزام السعودية بحصتها السوقيه إلا مؤشر على اختلال آلية السوق بزيادة المعروض بمعدل أعلى من معدل الطلب لتكون الأسعار عند مستوياتها الدنيا في الأشهر الماضية مع تحسنها أخيرا نتيجة لتلك السياسة الاقتصاديه التي ضغطت على جانب العرض ودعمت الطلب في الأسواق العالمية. إن استمرار تلك السياسة على المديين المتوسط والطويل وارتكازها على تباين تكاليف الإنتاج الإجمالية بين المنتجين يحدد أفضل الاسعار عند الحد الادنى من التكاليف وليس الأسعار المربحة للمنتجين عند الحد الاعلى من التكاليف بما يهدد حاضر ومستقبل العائد على استثماراتنا.
ان تغير سياستنا النفطية لها ايجابيات وسلبيات ولكن الاهم ان تكون ايجابياتها أعظم على المديين المتوسط والطويل من أجل تحييد المنافسة واختراق الاسواق العالمية نحو حصص سوقية أكبر وأسعار افضل واستثمارات مستدامة تحقق لنا ايرادات مجزية من خلال تلبية احتياجات الاسواق العالمية. فكما يبدو لنا ان الانتاج الامثل لنا يتراوح عند (10) ملايين برميل يوميا لما له من أثر على توازن الأسواق العالمية، حيث كان في الماضي خفض الانتاج بأكثر من مليون برميل يوميا يؤدي الى موازنة السوق عند الاسعار المستهدفة أما حاليا فالعكس تماما فزيادة انتاجنا بنفس كمية خفض الانتاج التاريخية يؤدي الى توازن الاسواق عند اسعار تعكس تكاليف الانتاج وهي الافضل.
ففي الاسبوع المنتهي في 1 مايو 2015 تراجع المخزون التجاري الامريكي بمقدار 3.9 ملايين برميل مقارنة بالأسبوع الذي سبقه، حيث تراجع إنتاج داكوتا الشمالية من ذروته عند 9.6 ملايين برميل يوميا في فبراير مع التراجع الحاد في انخفاض ابار الحفر. فقد اشارت بعض التقارير ان كمية النقص في انتاج النفط الصخري الذي لم يتم احتسابه وصل الى 200- 300 ألف برميل يوميا في أبريل الماضي، بينما توقعت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري، ان ينخفض انتاج النفط الصخري بمقدار 210 ألف برميل في الربع الثالث. هكذا ارتفع سعرا غرب تكساس وبرنت الى أكثر من 60 دولارا و 65
دولارا على التوالي الاسبوع الماضي بما نسبته اكثر من 3.7% قبل ان تتراجع مرة اخرى. كما ان روسيا ابدت رغبتها في التعاون مع الاوبك بعد ان تكبدت خسائر كبيرة جراء الانخفاض الحاد في تلك الاسعار. ان هذا يشير الى نجاح السياسة النفطية لأعضاء الاوبك بالمحافظة على حصصها السوقية أو زيادتها الى أكثر من مليون برميل يوميا فوق سقفها الانتاجي المحدد عند 30 مليون برميل يوميا كما يحدث حاليا.
ان استراتيجية المملكة الاستثمارية كأكبر مصدر للنفط ليس فقط الدفاع عن حصتها السوقية بل توسيعها من خلال استثماراتها المشتركة في المصافي الآسيوية وإمداد المصافي الاخرى التي يديرها عملاؤها لما تمتلكه من ميزة تنافسية يعطيها مرونة لرفع أو خفض انتاجها في وقت قصير. لذا خفضت علاوة اسعارها لمتوسط دبي وعمان إلى آسيا 10 مرات خلال 18 شهرا الماضية، حيث ان اسيا تستهلك 31.2 مليون برميل يوميا يتجاوز ما تستهلكه الأميركتين بمقدار 100 ألف برميل يوميا وسوف يصبح نمو طلبها يعادل ثلثي نمو الطلب العالمي في 2015م (وكالة الطاقة الدولية).
انها سياسة نفطية متوازنة تخدم مصلحتنا الاقتصادية المستقبلية رغم تراجع ايراداتنا على المدى القصير، لأنها سياسة تظهر مدى قدرة المملكه على المنافسة واختراق اسواق النفط العالمية من اجل خلق طلب على نفطها وليس الاكتفاء بحصتها السوقية الحالية. فالمملكة تدرك حقيقة اسواق النفط العالمية وحدة منافستها ولا بد لها ان تستغل ميزاتها النسبية من حيث التكلفة والطاقة الانتاجية والاحتياطي لبيع نفطها مباشرة الى الاسواق او من خلال مشروعاتها المشتركة وعملائها الدائمين.
(المصدر: الرياض 2015-05-12)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews