هآرتس : الاحداث في اليمن وفي سوريا ومصر ليست بسبب الصراع الطائفي بين السنة والشيعة
ان القرار السعودي بترأُس ائتلاف من عشرة دول عربية لعمل عسكري في اليمن، كان مفصليا بالنسبة للملك الجديد، سلمان بن عبد العزيز، بالتعاون مع دول الخليج العربية وغطاء من دول غربية كثيرة، تعمل السعودية عسكريا ضد المتمردين الشيعيين – اليزيديين “الحوثيين” الذين سيطروا على مناطق استراتيجية في اليمن ويحصلون على مساعدة وغطاء من ايران. في كل صراع تكون فيه لايران والسعودية صلة في سياق المنافسة على الافضلية الاقليمية، يلاحظ الصراع الطائفي بين الشيعة والسنة. الصراع في العراق، الاشتعال السياسي في البحرين، الصراعات في لبنان – كل هؤلاء يعكسون شرائح عميقة من العنف الطائفي المشتعل، الامر الذي تسبب بالقضاء على جماعات عاشت بجانب بعضها البعض اجيال كثيرة. وعلى ضوء حقيقة ان الحوثيين هم اقلية طائفية مع ارتباط بالشيعة، والعاملين بتأييد مباشر من ايران، ضد حكومة الاغلبية السنية التي تحظى بغطاء سعودي وخليجي سني، الميل هو رؤية ما يحدث في اليمن بشكل مشابه.
لكن الصراع بين الحوثيين والنظام لم يبدأ كصراع طائفي بين السعودية وايران. اضافة لذلك لا يوجد في اليمن ارث من الصراع الطائفي بين السنة والشيعة. صحيح ان اليزيديين على علاقة بالشيعة لكنهم الاقرب الى السنة من بين جميع القوى الشيعية. ومن اجل فهم جذور المشكلة يجب أن نتذكر بان اليمن دولة فقيرة، تملأها الصراعات على المصادر الاساسية، والحكومة توزع المصادر القليلة بشكل انتقائي مع تفضيلات قبلية. والحوثيون 35 في المئة من السكان، يحملون الغضب منذ سنوات بسبب المعاملة تجاه لواء صعده، الذي يعيش فيه معظمهم.
تعتبر اليمن صاحبة احتياطي الماء الاقل في العالم العربي. والوصول الى المياه الصالحة للشرب أمر صعب، والمستوى الصحي متدني. مثل عدة دول جنوب الهلال الخصيب في افريقيا. وفي المناطق الجبلية لليمن ومن ضمنها لواء صعده شمال غرب الدولة، الامر صعب بشكل خاص، حيث أن سكان اللواء هم الاكثر معاناة من غياب المياه في الدولة. وكل مرة يصيب فيها الدولة الجفاف هم اول من يتعرض للجوع في الدولة. واستثمارات الدولة بتطوير وحفظ شبكات المياه والصحة في قرى اللواء لم تكن حقيقية حتى الان. وبدون مساعدة منظمات مثل الصليب الاحمر، كان من الممكن ان تنشأ ازمة انسانية. اضافة لذلك فان سكان هضبة اليمن هم الاكثر فقرا مع نسبة بطالة هي الاكبر في الدولة، التي تعاني اصلا من الفقر ونسبة ولادة عالية.
المبرر لجولة العنف الحالية والتي أدت الى طرد الرئيس عبد ربه منصور هادي، كان غضب الحوثيين على نوايا الحكومة التقليص بدعم المحروقات في آب 2014، باعقاب نقصان احتياطي النفط في الدولة. وبسبب توزيع غير متساوي يفضل المقربين من النظام. يجب الاخذ بعين الاعتبار ان للحوثيين وعي متطور للسلطة. حتى الثورة عام 1962 كان الأئمة الزيديين هم المسيطرون على الدولة والحكم خلال الف عام. لذلك فان الابعاد عن السلطة والتمييز في توزيع الموارد هي أمور صعبة ومرفوضة من قبلهم.
تميل وسائل الاعلام الى البحث عن دوافع منهجية أو رومانسية للاحداث التي تمت في اطار “الربيع العربي”. كثير من المحللين عزوا الهبات الجماهيرية التي بدأت عام 2011 في مصر وسوريا لاسباب ثورية وحماسية، مثل إلهام الاحداث التي سبقت ذلك وفرصة الوصول الى المعلومات عن طريق الانترنت. ومشاعر اليأس لدى السكان من الفساد والدكتاتورية وهكذا، لكن مثلما في اليمن في سوريا ومصر ايضا، فان الانتفاضات اشعلها الفقر والنقص: في سوريا كان ذلك الجفاف الذي طال مناطق زراعية مليئة بالفقر والبطالة. وتقليص الدعم الحكومي للقطاعات الضعيفة. وفي مصر تقليص الدعم الحكومي الامر الذي ادى لغلاء الخبز، المحروقات والكهرباء. لا، النار لم تندلع بسبب التوترات بين السُنة والشيعة، وايضا ليس الحديث عن ثورة ضد الدكتاتورية. ان مصدر الحريق هو أولا وقبل كل شيء الفقر والامراض الاقتصادية. هآرتس - نتانئيل افنيري - 30/4/2015
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews