لاغارد.. بين الرقص الشرقي والرقص على الحبال الصينية
تنشر السيدة الأنيقة ذات الشعر الأبيض في محيطها جواً من الهيبة، تعاظمه سطوة ارتبطت بمقر صندوق النقد الدولي في ذاكرة الناس لعقود، مبنى ينطلق منه المفتشون الدوليون يتأبطون ملفات الشعوب الخائبة.. هذا تائب جازت له المساعدة وهذا سنتركه يموت.
لسنوات طويلة استمد الصندوق مكانة خاصة من حاضنته واشنطن العاصمة، فأضاف لها بدوره عمقاً اقتصادياً ومالياً تخجل أن تدعيه مدينة أميركية أخرى في حضرة الظل النيويوركي لوال ستريت.
قام الصندوق منذ نشأته عام 1945 على نظام الثقل التصويتي المرتبط وفق معادلة حسابية خاصة بحصص الأعضاء، التي يفترض أن تعكس حجم البلد في الاقتصاد العالمي.
لكن المعادلة أفرزت تدريجياً استئثار القوى التقليدية بالقرار على حساب الاقتصادات الصاعدة التي رفعت الصوت، فإذا بالصندوق يعد عام 2010 لائحة إصلاحات تعزز قوة تصويت الدول الناشئة.. إصلاحات لم ترَ النور بعد بانتظار مصادقة الصوت الأميركي.
وخلال اجتماعات الربيع للمؤسسة الدولية في واشنطن، هذا الشهر، بدت مديرة الصندوق، كريستين لاغارد، حريصة على إيصال رسائل مطرزة بعناية ومحسوبة على حدود اللياقة التي تفرضها قواعد الدبلوماسية.
لكن المقربين يعلمون جيداً أن لاغارد خلف الأبواب الموصدة تخسر ابتسامتها، وقد ضاقت ذرعاً بالمراوحة الأميركية. في نوفمبر الماضي، قالت السيدة الرصينة إنها مستعدة لتأدية رقصة شرقية إن كان ذلك يدفع الكونغرس لتمرير الإصلاحات المعلقة.
أمران استرعيا انتباهي أثناء حضوري جلسات عدة للاغارد في واشنطن: حرصها على التذكير بضرورة أن تقوم الولايات المتحدة بدورها، وحماسة أبدتها لمبادرة بيجينغ بإنشاء بنك آسيوي للاستثمار في البنى التحتية، مشروع فقدت فيه واشنطن كثيراً من ماء الوجه حين فشلت في ثني حلفائها عن الانضمام إليه.
«إن لم تمرر الولايات المتحدة الإصلاحات فإننا نخاطر بأن تقدم مؤسسات على غرار البنك الآسيوي خيارات بديلة عن المؤسسات القائمة».
وفي المسافة بين الاستياء من السلبية الأميركية ومجاملة المشروع الصيني المنافس، يظهر تسليم لاغارد بأن عالم اليوم لم يعد يشبه في شيء العالم الذي ولدت فيه المؤسسة، وهي تتعامل على هذه الخلفية مع مطلب بيجينغ إدراج الرمنبي ضمن وحدات السحب الخاصة، أي عملة الصندوق المتمثلة بسلة فيها الدولار الأميركي والجنيه الإسترليني واليورو والين، إدراج من شأنه أن يشكل منعطفاً تاريخياً في حياة العملة الصينية.
«المسألة ليست حول إمكانية حدوث الأمر وإنما حول توقيته»، هكذا علقت السيدة الرشيقة على المطلب الذي يبحث في أكتوبر، مدركة أنها ستقضي الأشهر المقبلة راقصة على حبال الدبلوماسية الدولية.
(المصدر: الإمارات اليوم 2015-04-29)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews