بيئة الصندوق النرويجي
كثر الحديث عن الصندوق السيادي النرويجي في مجتمعنا والذي يستثمر للأجيال القادمة، وان على حكومتنا ان تستثمر عوائدها النفطية أو فوائضها في صندوق للأجيال القادمة باستنساخ الصندوق النرويجي. لذا سوف اوضح بعض المعلومات المهمة والتفصيلية عن ما يتعلق بهذا الصندوق لعلنا نتعلم شيئا ونتفهم الفروقات بيننا وبين النرويج.
فقد تم اكتشاف النفط في النرويج في عام 1969م ووصل انتاجها الى قمته (الذروة) في عام 2001م، حيث انخفض من 3.4 ملايين برميل يوميا الى 1.5 مليون برميل يوميا في عام 2015م ويبلغ احتياطيها 5.5 مليارات برميل وتصدر منه ما نسبته 80% او 1.19 مليون برميل يوميا. وتراجع انتاجها من الغاز الطبيعي من 4.16 تريليونات قدم مكعب في 2012 الى3.97 تريليونات قدم مكعب حاليا بينما تصدر منه 3.8 تريليونات قدم مكعب حاليا أو ما نسبته 96% ليكون احتياطيها 72 تريليون قدم مكعب، وقد بدأت النرويج في 1905، استخدام الطاقة الكهرومائية بنسبة 97% لإنتاج الطاقة الكهربائية بدلا من النفط أو الغاز.
وقد ساهم هجرة مليون مواطن نرويجي في عام 1890م وانخفاض معدل النسل في تقليص حجم سكانها الى 5.1 ملايين فرد، مما رفع دخل الفرد الى 97 مليون دولار من اجمالي الناتج المحلي (500.2 مليار دولار) ليكون الاعلى في المرتبه الثانية عالميا وبنمو نسبته 2.2% العام الماضي، بينما متوسط راتب الرجال يبلغ 5600 دولار شهريا والنساء اقل منهم بنسبة 15%. واستمرت النرويج في تحسين أداء اقتصادها منذ عام 1965م، عندما تبنت عوامل السوق بعد عدة محاولات استغرقت ٥٠ عاما لتحقيق ذلك، كما ان التعليم والمستشفيات مجانية في النرويج ولكن هذه الخدمات تتوفر للمنطقة التي يزيد عدد سكانها على 10 ألاف فرد من اجل تخفيض التكاليف العامة من خلال التشجيع على التركز السكاني.
ان فكرة الصندوق قامت على اساس ان المصادر الهيدروكربونية غير متجددة وسوف تنضب خلال فترة قصيرة ولا بد من تكوين صندوق استثماري مستقر ومستدام على المدى الطويل لتوفير الايرادات اللازمة لمقابلة حاجات الاجيال القادمة مع زيادة معدلات الاستهلاك ويكون مرتبطا بالسياسة المالية العامة، وهذا يتطلب ادارة مسؤولة لصندوق تطبق مبادئ الحكومة والشفافية وإشراف البرلمان في إطار استراتيجية محددة الرؤية والأهداف وتشتمل على التالي: التنويع، حصد علاوة المخاطرة، استخدام الصندوق على المدى الطويل، درجة متوسطة من الادارة النشطة، ادارة مسؤولة، كفاءة التكاليف، هيكل واضح للحوكمة.
وهذه الاستراتيجية الاستثمارية تم تطويرها تدريجيا منذ 1998، حيث كان 40% من الصندوق يستثمر في الاسهم أما في عام 2007 فزادت استثماراته في الاسهم الى 60%، كما ان الصندوق لم يستثمر في السندات غير الحكومية حتى في 2002م وتم ربطها بمعدل التضخم في 2005 وكانت اول استثماراته في العقار في 2011، وبهذا يكون مزيج الصندوق في 2014 من 60% أسهم و 35-40% سندات و 0-5% عقارات وذلك بعائد لكل منهم 7.9% و 6.88% و 10.42% على التوالي وذلك بمتوسط اجمالي 7.58%، وقد تعرض الصندوق الى خسارة بنسبة 25% في الازمة المالية عام 2008م ورغم ذلك كان العائد الحقيقي على مدى 10 سنوات 3.94% ومنذ انشائه 3.8%، كما ان الحكومة تفرض ضريبة بنسبة 80% على شركات النفط وضرائب اخرى مثل ضريبة الدخل التي تتراوح ما بين 35-50%.
ان البيئة الاقتصادية والاجتماعية والتشريعية في النرويج كان لها دور كبير في دعم هذا الصندوق السيادي ليصل حجم استثماراته الى 860 مليار دولار الآن، وهي بيئة استثماريه تختلف تماما عن بيئتنا كما أوضحت سابقا، فلا نستطيع استنساخه ولكن مازال أداء استثماراتنا الخارجية جيدا ومشابها له في تنويعها ونسبة العائد على الاستثمارات.
(المصدر: الرياض 2015-04-28)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews