ذعر إسرائيلي من النووي الإيراني
ما تضج به وسائل الإعلام الإسرائيلية من تعليقات لقادة الكيان الصهيوني ومراكز الدراسات والتحليل الاستراتيجية التابعة لمواقع الأمن الصهيوني أو الجماعات العبرية، يكشف إلى أي مرحلة وصلت الصدمة للمشروع الصهيوني جراء اقتناع الغرب بحق بلد إسلامي محوري في المشرق الإسلامي بامتلاك تخصيب اليورانيوم والطاقة النووية..
الرئيس الأمريكي باراك أوباما سيسجل اسمه في التاريخ بأنه هو من أقنع الإدارة الأمريكية والإدارات الغربية بهذه الخطوة المفصلية والتحول التاريخي حسب مصطلحه، ذلك لأنه مقتنع بأن هذا الاتفاق هو السبيل الوحيدة لمنع إيران من صناعة سلاح نووي.. ومن هنا انطلق بعزم واضح لإقناع الآخرين الغربيين ولعله أرغم بعضهم لاسيما فرنسا التي كانت صوت إسرائيل في المفاوضات بلوزان.
ليس جديدا أن تمتلك دولة من دول الجنوب قدرة نووية، فلقد سبق أن حازت الهند صناعة قنابل ذرية وكذلك فعلت باكستان.. ولكن الجديد أن تمتلك دولة محاصَرة وتُشن عليها الحروب بكل أشكالها السياسية والاقتصادية والإعلامية ثم تظل مصممة على حقها في امتلاك النووي وتنتصر في النهاية بعد أن أدرك الغربيون أن لا فائدة من الحصار وأن البلد استطاع أن يحقق الحد الأدنى من مواصلة صموده وبقائه ضد الصلف الغربي.
أجل، لقد اقتنع الغرب بأنه إزاء دولةٍ تمكّنت من بناء مؤسساتها وجهازها الإداري واستنهاض قوّتها في بناء المعامل والمصانع في الحديد والصلب والدواء والسلاح... ولا يثنيها ذلك عن البحث الجاد عن القيام بدور عنيد في أكثر القضايا خطورة وهو الملف الفلسطيني.. ومن هنا تجاوز العبث هذا المعطى الكبير. ولأن الغربيين، وعلى رأسهم الإدارة الأمريكية، يتعاملون مع وقائع ومعطيات وليس مع صداقات وعداوات، كانت هذه المفاوضات الشاقة والتي كانت المناورات فيها ليس فقط بالكلمات وإنما أحيانا كثيرة بدوريات مسلحة خلف خطوط العدو.
أما الكيان الصهيوني فهو يعرف أنه بعد أن انتقل إلى مكانة اعتراف الإقليم به من قبل معظم الدول العربية وتجميد جبهات الدول التي لا تعترف به، أصبح يبحث له عن دور إقليمي فهو يتدخل بشكل علني وغير علني في أكثر من مكان فيما يخص قضايا الإقليم، بمعنى آخر إنه أصبح يؤمن بأن دورا إقليميا متميزا له، إنما هو بمثابة إضافة استراتيجية لوجوده وتأهيله لاستمرار العلاقات الاستراتيجية والعضوية بالمشروع الاستعماري الغربي..
ومن هنا، فإن قادة الكيان الصهيوني يجدون أنفسهم في حالة من القلق الوجودي بعد أن يكون النووي الإيراني ملأ فراغا مذهلا في المنطقة وأصبح الدور الإسرائيلي هامشياً، بل لعل كثيرا من التعديلات ستحدث عليه وعلى حدود الكيان الصهيوني بما ينسجم مع تغييرات في الخريطة السياسية في المنطقة.
خرج الإيرانيون إلى الشوارع يحملون وزير خارجيتهم على أكف الفرح وقد خرج لتوّه من معركة المفاوضات العصيبة.. وهو انتصار في الحقيقة لكل بلداننا بعد أن كان الغرب يحتكر هذا الاستحقاق.. وسيصبح كل بلد من بلداننا منذ الآن قادرا وبكل ثقة أن يتقدم إلى امتلاك النووي.. تولانا الله برحمته.
(المصدر: الشروق الجزائرية 2015-04-09)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews