قوة اقتصادية رغم التحديات
يمكن القول إن ما صدر يوم الإثنين قبل الماضي من قرارات اقتصادية يعد طفرة غير مسبوقة في هذا المجال، حيث تعودنا خلال عقود من الزمان على ركود يصل إلى حد الجمود، دون أي تفاعل مع المتغيرات الاقتصادية المتسارعة من حولنا.. ولا تقييم لأي جهاز اقتصادي أو مراجعة لأدائه بحثاً عن الأفضل، وكان لتعدد جهات الإشراف واللجان والمجالس دور في بطء اتخاذ القرارات، لكن تشكيل مجلس موحد للشؤون الاقتصادية والتنمية وبدء اجتماعاته أسبوعياً أو ربما أسرع وتيرة من ذلك قد جاء بنتائج مبشرة، حيث حرك المياه الراكدة في جميع المجالات، ووفر الديناميكية التي تتناسب مع روح العصر وتضع الأمور في نصابها؛ فالكل يعلم أن تبعية عديد من الصناديق والأجهزة لوزارة المالية قد حدثت في عام 1974، حينما تم تأسيسها بمبادرة ودعم وإشراف من محمد أبا الخيل وزير المالية والاقتصاد الوطني آنذاك، وكان الأفضل أن تتبع للوزارة؛ لأن الجهات التي يفترض أن تتبع لها غير قادرة في ذلك الوقت على إدارتها بالشكل المطلوب.. أما وقد أصبحت تلك الجهات مؤهلة لأن تتولى مهامها كاملة فلم يعد هناك مبررات قوية لأن يبقى صندوق التنمية الصناعية الذي يقرض المشاريع الصناعية المرخص لها من قبل وزارة التجارة والصناعة، بعيداً عن إشراف تلك الوزارة وليكون الدعم المالي والفني والإداري للمشاريع الصناعية موحداً في جهة واحدة.. وينطبق ذلك على الصندوق الزراعي والصندوق العقاري وبنك التسليف والادخار الذي سيكون نشاطه موجهاً إلى الشأن الاجتماعي، ويتولى صندوق التنمية الصناعية مهام إقراض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، باعتبارها مشاريع تشابه المشاريع التي يقوم بإقراضها ولديه خبرة ثرية في كيفية مساعدتها على النمو، خاصة عبر برنامج "كفالة" التابع للصندوق، الذي حصل أخيراً على شهادة دولية من البنك الدولي؛ لأن تجربته مميزة في مجال تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.. ويبقى بعد ذلك صندوق الاستثمارات العامة، الذي يتولى إقراض المشاريع النوعية كالمستشفيات والجامعات والاستثمار في الشركات الكبرى للمساعدة على تأسيسها، وكان ربطه بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية خطوة موفقة تضمن لهذا الصندوق الاستمرار في تحقيق أهدافه الكبيرة، خاصة في مجال إقراض المؤسسات الصحية والتعليمية ذات النوعية العالية التي يزداد الطلب على خدماتها عاماً بعد عام.
وأخيراً: نتيجة لهذه الإجراءات الاقتصادية المهمة أصدرت وكالة "موديز" العالمية للتصنيف الائتماني يوم الأربعاء الماضي قرارها بتثبيت التصنيف السيادي للمملكة عند درجة ائتمانية عالية (Aa3) وكانت وكالة "فيتش" العالمية قد سبقتها بالإعلان عن تثبيت تصنيف المملكة عند درجة (AA) ما يؤكد سلامة السياسات الاقتصادية لبلادنا وتوجهاتها المستقبلية، والملاحظ أن هذه الشهادة من مؤسسات دولية محايدة، تأتي على الرغم من انخفاض أسعار النفط وبدء "عاصفة الحزم"، وما يترتب عليها من تكاليف، لكن الاهتمام ببناء الاحتياطيات منذ سنوات قد جاء بنتائج إيجابية أدت إلى قوة الاقتصاد السعودي واستطاعته مواجهة المتغيرات مع الاستمرار في سياسة الإنفاق على مشاريع التنمية، وهو أمر مهم لتحقيق التنمية المستدامة والمتوازنة في المدن والمحافظات والأرياف على امتداد مساحة الوطن الشاسعة.
(المصدر: الاقتصادية 2015-04-05)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews