تحويل التحديات لفرص اقتصادية في البحرين
تضيف الخطوة الأخيرة لمؤسسة ستاندردز أند بورز بتخفيض التقييم الائتماني السيادي للبحرين من (بي بي بي أي 2) إلى (بي بي بي أي 3) للتحديات الاقتصادية التي توجه المملكة. يمكن الزعم بأن توقيت تخفيض مستوى الملاءة دقيق كونه تزامن مع حلول الذكرى الرابعة لأحداث فبراير2011.
وجاء توجه المؤسسة الائتمانية هذا عبر اتخاذ سلسلة قرارات بشأن دول أخرى في المنظومة الخليجية من قبيل تخفيض المستوى الائتماني لعمان فضلا عن تغيير النظرة المستقبلية للاقتصاد السعودي من إيجابي إلى سلبي. المعروف تقليديا تحاشي مؤسسة ستاندردز أند بورز باتخاذ تقييمات متشددة تجاه الدول التي تتعامل معها حفاظا على فرصها التجارية. في المقابل، تتميز وكالة موديز بتشددها واستعدادها لاتخاذ خطوات غير عادية كونها تنشر تقاريرها بدون دعوات من الدول والمؤسسات.
مؤكدا، تم اتخاذ سلسلة الإجراءات هذه في خضم التراجع الكبير لأسعار النفط ولما لذلك من تداعيات لا أول لها ولا آخر بالنسبة لسلامة المالية العامة. مما لا شك فيه، يلعب القطاع النفطي دورا حيويا في الاقتصاد البحريني عبر تشكيله ثلاثة أرباع دخل الخزانة والصادرات وثلث الناتج المحلي الإجمالي. ومع ذلك يبقى الاقتصاد البحريني الأكثر تنوعا بين اقتصاديات دول مجلس التعاون.
اللافت في هذا الصدد وجود قاسم مشترك بين المؤسسات الرئيسة العاملة في مجال التقييم الائتماني أي وكالة موديز ومؤسستي ستاندرد اند بورز فضلا عن فيتش وهو منح نظرة مستقبلية سلبية للاقتصاد البحريني. وكانت موديز سباقة في اتخاذ مثل هذه الخطوة منذ فترة بل قبل تراجع أسعار النفط.
فقد رصدت وكالة التصنيف مشكلة هيكلية في الوضع المالي عبر تباين الإيرادات والنفقات. وتبين لموديز بأنه يتطلب أن يكون متوسط سعر النفط 119 دولارا للبرميل لتحقيق التعادل في الموازنة لتحاشي تسجيل عجز وفي السياق نفسه فائض في الموازنة.
وجاء قرار وكالة موديز في خضم الخطوات التي اتخذتها السلطة لتعزيز النفقات العامة بغية التكيف مع تداعيات حراك فبراير2011 والحاجة لمواجهة تحديات مثل تسريع وتيرة بناء المساكن للمواطنين. من جملة الخطوات، تم اللجوء لخيار زيادة العلاوات المخصصة للمتقاعدين وذوي الدخل المحدود فضلا عن الإبقاء على برنامج دعم منتجات وسلع حيوية مثل المشتقات النفطية والغاز والكهرباء والماء واللحوم الحمراء والطحين والدجاج. في هذا الصدد، لا توجد إشارات حول فرضية تقييد مستوى الدعم المقدم والذي يحصل عليه المواطن والمقيم على حد سواء.
وفي تطور مثير، خفض مجلس التنمية الاقتصادية وهي الجهة المسؤولة عن رسم السياسات والبرامج والخطط والاستراتيجيات الاقتصادية من المستويات المتوقعة للنمو للعامين 2015 و 2016. فحسب مجلس التنمية الاقتصادية، يتوقع أن يبلغ النمو الاقتصادي الفعلي تحديدا 3.6 بالمائة و 3.3 بالمائة في 2015 و 2016 على التوالي مقارنة مع 4.2 بالمائة في 2014 و 5.3 بالمائة في 2013.
مؤكدا، يعود الأمر بشكل أساسي لتداعيات انخفاض أسعار النفط وما لذلك من تأثير على إيرادات الخزانة وبالتالي مخصصات النفقات العامة. طبعا، ليس من الواقعي الزعم بعدم تأثر الأداء الاقتصادي بطريقة أو أخرى بهبوط أسعار النفط بالنظر للدور الجوهري للقطاع النفطي في الشأن الاقتصادي وخصوصا بالنسبة للمالية العامة.
يضاف لكل ذلك تحدي المديونية العامة. لحسن الحظ، حصل تراجع ولو بشكل محدود قبل نهاية عام 2014 لقيمة الديون المستحقة وذلك على خلفية حلول تواريخ سداد بعض السندات. ومع ذلك، يظل المبلغ المستحق ضخما عبر تشكيله أكثر من 40 بالمائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي لعام 2014. بالعودة للوراء، شكل الدين العام نحو 10 بالمائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2008.
وفي الإطار نفسه، يحذر صندوق النقد الدولي بأنه في حال غياب عدم وضع حد لظاهرة نمو المديونية، فربما يصل مستوى الدين العام لحد 20 مليار دولار أو 61 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2019. يشار إلى أن مشروع الاتحاد النقدي الخليجي والذي دخل حيز التنفيذ في عام 2010 بعضوية أربع دول، يقيد الدين العام عند حد 60 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.
على صعيد آخر، يتوقع أن تبقى البطالة من أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد البحريني لأسباب متشابكة تشمل تداعيات هبوط أسعار النفط واستمرار الأزمة السياسية فضلا عن واقع الإحصاءات السكانية. فقد كشفت دراسة حديثة للمنتدى الاقتصادي العالمي والذي يقيم منتدى سنويا في مدينة دافوس السويسرية بأن نسبة البطالة البحرين عبارة عن تحديد 7.4 بالمائة. تعتبر النسبة هذه ثاني أسوأ على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي بعد سلطنة عمان والتي تعاني من بطالة قدرها 8.1 بالمائة.
علاوة على ذلك، كشف تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي بأن تحدي البطالة يعد أكثر خطورة في صفوف الشباب والذين يشكلون الأكثرية الديمغرافية بين المواطنين على خلفية النمو السكاني المتراكم. تبلغ نسبة البطالة في أوساط الشباب 27.5 بالمائة أي ثاني أسوأ نتيجة بين دول مجلس التعاون بعد السعودية والتي تبلغ فيها نسبة البطالة في أوساط الشباب تحديدا 27.8 بالمائة.
مهما يكن من أمر، لدى البحرين قدرة نادرة لمعالجة التحديات الاقتصادية وربما تحويلها إلى فرص واعدة نظرا لتوافر قوة بشرية محلية مؤهلة وقادرة على العطاء. فقد تبين تاريخيا قدرة الاقتصاد البحريني على تحقيق تميز في بعض القطاعات الحيوية مثل الخدمات المالية على خلفية توافر عمالة محلية متعلمة ومتدربة فضلا عن إرساء حزمة قوانين مساعدة.
ويضاف لذلك استعداد دول مجلس التعاون الخليجي بتقديم العون متى ما تطلب كما يتجلى من خلال مشروع المارشال الخليجي عبر منح البحرين مليار دولار سنويا لمدة 10 سنوات بغية معالجة جملة من التحديات الاقتصادية.
(المصدر: الشرق القطرية 2015-02-15)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews