ايران في الملعب واسرائيل خارجه
عالمان متوازيان ليس بينهما أي علاقة، وجدا في نهاية هذا الاسبوع. في سويسرا واصلت الدولة العظمى الوحيدة التزين أمام ممثلي النظام الايراني في الطريق الى الاتفاق الذي سيعطي شرعية لبرنامجهم النووي؛ وفي شرم الشيخ اجتمع زعماء الجانب العقلاني الذي بقي في العالم العربي وتشاوروا كيف سيوقفون امتداد الاخطبوط الايراني.
في لوزان واصلت الولايات المتحدة الانسحاب أمام المفاوضين الايرانيين والتنازل تقريبا عن كل المباديء التي تبنتها في المفاوضات – باستثناء أن تستطيع أن تعرض اتفاق اطار مع ايران حتى نهاية هذا الشهر. هذا الاتفاق سيبقي في أيدي ايران جزءً كبيرا من قدراتها النووية، وسيمنع مواجهتها بالاكاذيب التي ضبطت متلبسة بها على مدى سنوات وسيرفع العقوبات الاقتصادية – وسيلة الضغط الوحيدة التي كانت في أيدي العالم أمام ايران.
في شرم الشيخ حاول المصريون والسعوديون التفكير كيف سيصدون نتائج هذا الاتفاق. إن وجود المفاوضات بذاتها والضعف الذي اظهره الامريكيون رفعت من مكانة ايران في المنطقة. هجمات سلاح الجو السعودي لم توقف بعد تقدم الحوثيين في اليمن، ويبدو أن ايران تنجح في أن تثبت لنفسها موقعا في مدخل البحر الاحمر وفي مضائق باب المندب الاستراتيجية التي يمر النفط من خلالها الى اوروبا، وكذلك معظم التجارة مع الشرق الاقصى.
في سوريا، رغم أن قوات الاسد تلقت هزيمة في مدينة إدلب، فان ايران تستعد لهجوم في هضبة الجولان بهدف السيطرة على الحدود مع اسرائيل. اليوم تسيطر على اجزاء واسعة من العراق وسوريا ولديها حزب الله، الكتيبة المتقدمة في لبنان. ايران ما بعد الاتفاق النووي، مع اقتصاد سيزداد نموه فورا، ستكون أقل حذرا. ستدخل أيديها الى كل مكان يكون فيه حكم ضعيف أو حلفاء محتملون.
يبدو أن الامريكيين يتأثرون جدا من كل فيديو لداعش، لكنهم يستصعبون فهم أن التهديد الشيعي لا يقل خطرا بل يزيد عن التهديد السني المتطرف. وفي شرم الشيخ اجتمع اولئك الذين يفهمون ذلك. كان على اسرائيل أن تكون هناك ايضا. إن مصالحها مشابهة جدا لتلك التي لدى السنة المعتدلين، وهم ايضا مستعدون للتعاون معها في تشكيل المنطقة، لكن لديهم طلبا واحدا: في الطريق الى شرم الشيخ على اسرائيل التوقف في رام الله. لاسرائيل اليوم هذا بعيد جدا.
اسرائيل لا تستطيع اكثر أن تراقب من الجانب على الصراع الذي يقسم الشرق الاوسط وأن ترسل التهاني التقليدية لكلا الطرفين. هذه ايام ستشكل وجه الشرق الاوسط لعشرات السنين القادمة، واسرائيل، صحيح حتى الآن، تحول نفسها الى جهة ليست ذات علاقة. يوجد هنا فرصة تحدث مرة كل 100 سنة: حدود الشرق الاوسط للقرن العشرين محيت – والآن يمكن رسم الحدود من جديد للقرن الواحد والعشرين، لتعزيز علاقات قائمة وانتاج احلاف جديدة.
الدول السنية فهمت منذ وقت أن ادارة اوباما ليست حليفا ثابتا يمكن الاعتماد عليه، لكنها ادارة متقلبة تبحث عن فرص للتصوير والظهور وقص الاشرطة الاحتفالية. كل ما هو مطلوب من اسرائيل من اجل الانضمام الى المعسكر العقلاني في المنطقة هو زيارة رام الله. ليس فقط اغلبية الاسرائيليين، ايضا جزء كبير من القيادات العربية، ليست متأكدة من وجود امكانية للتوصل الى اتفاق ينهي النزاع الاسرائيلي الفلسطيني. هي فقط تريد أن نجرب.
(المصدر: معاريف 2015-03-29)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews