انعكاسات تدهور الاقتصاد على الليرة السورية
يسود اعتقاد بين المراقبين أن تعويم الليرة السورية لأسبوع واحد فقط سيدفع سعر الدولار إلى الارتفاع ليتجاوز ألف ليرة. وهنالك من يعتقد أن السعر الحقيقي يتجاوز ألفي ليرة للدولار. ويرى هؤلاء أن ذلك سيظهر خلال أيام فقط إذا ما سقط نظام بشار الأسد.
وتتفق تقديرات كثيرة على أن خسائر الاقتصاد السوري زادت على 300 مليار دولار، عدا تبديد احتياطي نقدي كان يفوق 18 مليار دولار، في بداية عام 2011، بالإضافة إلى 11 مليار دولار كمديونيات مركبة لكل من إيران والصين وروسيا، منها ما لا يقل عن 5 مليارات دولار بضمانات سيادية، ما يعني تقييد الاقتصاد السوري بشروط تفوق في شدتها شروط صندوق النقد والبنك الدولي.
ولابد من التطرق إلى الفرص الضائعة خلال 4 سنوات، بعد أن كان الاقتصاد السوري ينمو بمعدل 4 بالمئة سنويا خلال 10 سنوات سبقت الثورة.
وتشير التقارير إلى انهيار البنية التحتية، مثل انخفاض حجم الإضاءة، حسب صور الأقمار الصناعية بنسبة 83 بالمئة في عموم البلاد خلال 4 سنوات، ليصل الانخفاض في حلب إلى 98 بالمئة وفي دمشق إلى 35 بالمئة.
يقال الشيء ذاته بشأن المياه والطرق والاتصالات والإنترنت، رغم عدم دقة الإحصاءات، رغم أن خروج أكثر من 4 ملايين سوري من البلاد لجعل نقص الخدمات أقل وطأة على من تبقى في البلاد.
ورغم أن سوريا لم تكن منتجة كبيرة للنفط، فإن خروج الأراضي التي تضم الآبار المنتجة عن سيطرة النظام، اضطرته إلى الاتفاق مع داعش لتزويده بالنفط مقابل أتاوات، ما جعل النظام في ورطة، كون إنتاج الكهرباء في المناطق الخاضعة له يعتمد على النفط، وهذا ما جعله يعتمد على إيران لتزويده بالمشتقات النفطية مقابل تكبيل البلاد بقيود المديونية.
كما انحدرت الزراعة إلى أسوأ أوضاعها، وبما لا يقارن مع أشد السنين قحطاً. ففي دير الزور والرقة وحلب وإدلب وحماة وحمص لم تعد الزراعات الاستراتيجية ومنها الحبوب، تشكل ربع الناتج القومي للبلاد. فإنتاج القمح تراجع إلى حوالي 1.7 مليون طن في عام 2014، أي أقل بمليون طن من الاستهلاك السنوي، حسب منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو). ووفق مصادر رسمية في أكتوبر الماضي، فإن سوريا تخطط لاستيراد مليون طن من القمح، كون الكميات المخزنة من واردات سابقة، ومن المحصول المحلي، تكفي فقط لسد احتياجات الاستهلاك حتى منتصف العام الحالي.
وكانت سوريا تحتفظ قبل الحرب بمخزون استراتيجي سنوي يبلغ نحو 3 ملايين طن، حين كان معدل الإنتاج يبلغ 3.5 مليون طن سنويا على مدى أكثر من عقد. وكانت الحكومة تشتري من المزارعين حوالي 2.5 مليون طن، ويحتفظ المزارعون بالباقي للاستهلاك الخاص، وكبذار للموسم التالي.
وللمقارنة، مرت الليرة السورية بأزمات سياسة سابقة، منها ما جرى في النصف الثاني من الثمانينات ومنها ما حدث بعد اغتيال نظام بشار الأسد رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري عام 2005.
في الحالة الأولى، ارتفع الدولار في عام 1985 من 3.95 ليرة إلى حدود 18 ليرة للدولار، ثم جرى خفض سعر صرف الليرة مرات عدة من قبل الحكومة ليستقر في حدود 46 ليرة لكل دولار. وفي الحالة الثانية انحدرت إلى حوالي 75 ليرة.
بالمقارنة، نجد أن الليرة تتعرض لأكبر انخفاض منذ الاستقلال عن فرنسا عام 1946، ففي السنوات الأربع للثورة فقدت الليرة 80 بالمئة من قيمتها ليصل سعر الدولار حاليا إلى نحو 240 ليرة.
ويبدو السيناريو القادم هو الأسوأ، ولا يستبعد أن يصل السعر إلى ألف ليرة، أو ألفين، حين يهجم تجار الحروب للاستفادة من الفرصة، وليعمقوا جراح السوريين، ممن ثاروا على النظام وممن وقفوا معه، ليجد السوريون أنفسهم يواجهون شبح الجوع، بل الجوع نفسه.
(المصدر: العرب 2015-03-28)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews