هل انتهى الدلال الأمريكي لإسرائيل؟
أصبح واضحا أن خريطة سياسية جديدة للمشرق العربي لن تستثني الكيان الصهيوني الذي ستجري على حدوده تعديلات جراحية رغما عن ضجيج اليمين الصهيوني.. والمتابع للخطاب الأمريكي منذ بدء المفاوضات الإيرانية الغربية المرافِقة لتطورات ميدانية في المنطقة، حيث الاشتباك في العراق وسوريا واليمن ولبنان والخليج.. إن المتابع لهذين المسارين يكتشف أن هناك سياسة تفرض نفسها على الأرض تتضمن تفاهمات تمس التركيب السياسي والخريطة السياسية للإقليم جملة..
ولم تقف القيادة الصهيونية مكتوفة الأيدي وهي ترى إرهاصات التحولات الخطيرة في المنطقة، لا سيما نتنياهو الذي يفهم جوهر التوجه الأمريكي وطبيعة السياسة الأمريكية بدقة.. فتحركت الدبلوماسية الصهيونية من خلال لوبيات منتشرة في العالم للتشويش على المفاوضات الأمريكية الإيرانية ومنع التوصل إلى اتفاق حول النووي الإيراني.. بل ذهبت إسرائيل إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث تم تجهيز طائرات عسكرية للقيام بقصف المفاعلات النووية الإيرانية كما سبق أن فعلت بمفاعل تموز العراقي.. إلا إن تحذيرا شديد اللهجة جاء على لسان أوباما لنتنياهو.
حاول نتنياهو الدخول على خط التحريض ضد أوباما في المؤسسات الأمريكية وكانت مغامرة غير محسوبة انتهت بعزلة واضحة واجهها نتنياهو في واشنطن بعد أن انسحب الديمقراطيون من الكونجرس ومعهم عدد معتبر من الجمهوريين أثناء زيارة نتنياهو إلى الكونجرس..
وصعّد نتنياهو الخطاب ضد العرب والفلسطينيين بطريقة عنصرية ودفع بالأمور إلى مزيد من الاشتباك راغبا في اندلاع فوضى في المنطقة وخلق مناخ توتر يمنع نتائج الاتفاق النووي من إلقاء ظلاله على الساحة.. وجاءت الحملة الانتخابية للكنيست الإسرائيلي لتحمل أعلى حالات التطرف، حيث يعلن نتنياهو عن دفن حل الدولتين ويشن حربا عنصرية على عرب الداخل الفلسطيني.
أدرك الأمريكان أن نتنياهو يسير خارج الرغبة الأمريكية تكتيكيا وأنه، ومعه اليمين الصهيوني، يريد خلق مناخات معاكسة تفرض على الأمريكان التراجع عن تقدمهم في تفاهمات إقليمية.. الأمر الذي دفع البيت الأبيض عدة مرات في الفترة الأخيرة إلى التلويح لإسرائيل وحكومتها بأن هناك احتمالات قاسية ستواجهها إسرائيل تزيد من عزلتها إن هي ظلت في خانة التفلت والتصرف غير المسؤول.
وبدأ الدفع الأوربي بحلول جزئية مع الفلسطينيين بخصوص غزة وصرف رواتب الموظفين في غزة من أبناء حماس أو الذين وظفتهم حماس، وبدأ الضغط الأوربي في مجالات عدة للجم الخطاب الإسرائيلي عن تضخّم عنصريته التي بدت كأنها بلا مستند علمي. وبدأ الخطاب الإسرائيلي هزيلا وهشا ومعزولا في حالة من التهري لم تعشها المؤسسة الصهيونية من قبل.
وأخيرا، أعلن البيت الأبيض الأمريكي بوضوح أن على إسرائيل إنهاء احتلالها للضفة الغربية والرجوع إلى حدود 1967 وأنه لا بد من إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة ذات سيادة.. مع تحذير إسرائيل من القيام بضم أراض من أرض الضفة الغربية..
الإدارة الأمريكية تجمع الأنصار في داخل إسرائيل وفي داخل الولايات المتحدة والموقف الأوربي لإرسال رسالة واضحة إلى الإسرائيليين بأن الأوضاع تغيرت وأن زمن الدلال بلا حدود قد انتهى. فهل يستمر هذا الموقف الأمريكي في ضغطه؟ ذلك مرهون بتطورات إقليمية سيكون لها الأثر البالغ في ذلك.. تولانا الله برحمته.
(المصدر: الشروق الجزائرية 2015-03-26)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews