Date : 22,09,2024, Time : 02:06:56 AM
3091 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الأحد 01 جمادي الآخر 1436هـ - 22 مارس 2015م 03:56 ص

هبوط أسعار النفط والحاجة إلى تنويع مصادر الدخل «5»

هبوط أسعار النفط والحاجة إلى تنويع مصادر الدخل «5»
د. راشد ابانمي

أواصل الكتابة عن موضوع تنويع مصادر الدخل التي ختمت حديثي عنها يوم الأحد الماضي، بأننا في حاجة ماسة إلى مراجعة أولوياتنا الاقتصادية، على خلفية تراجع أسعار النفط الخام التي تكبد المملكة خسائر جمة، وذلك بالتركيز على المميزات النسبية للمملكة التي من شأنها إدخال تغييرات جذرية في بنية الاقتصاد الوطني، وبالتالي تقليل النسبة المئوية من اعتمادنا على العائدات من بيع النفط الخام. وتطرقنا إلى الميزة النسبية الأولى التي لم تنتفع المملكة بقيمتها المضافة كما تنتفع بها الدول الأخرى، وفي هذا المقال سنلقي الضوء على الميزة النسبية الأخرى للمملكة وهي وجود أقدس بقاع الأرض في مكة المكرمة والمدينة المنورة ووجهة الحجاج والمعتمرين طوال العام ومواقع دينية سياحية لا تحصى، تتميز بها المملكة عن باقي الدول لما فيها من تنويع لمصادر الدخل مع ضرورة وضع أهداف زمنية متقاربة يقيم فيها مدى تخفيض النسبة المئوية الكبيرة من اعتمادنا على العائدات من بيع النفط الخام.

فمنذ بداية الكون خص الله سبحانه وتعالى وشرف مكة بأن تكون مقرا لبيته الحرام ومكانا لتجمع والتقاء المسلمين والمسلمات من كل بقاع الدنيا تلبية لأمره عز وجل لمن استطاع إليه سبيلا: (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين) (آل عمران/ 96). وفرض الله الحج منذ إبراهيم الخليل عليه السلام، وجعله ركنا من أركان الإسلام، يقول سبحانه (الحج/ 27-28): (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق * ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير). وفريضة الحج هي امتثال لأمر الشرع، وفريضة لتبادل المنافع، حيث إن له مدلولا اقتصاديا كبيرا؛ فهو عبادة مالية وبدنية، وثوابهما في الآخرة، وهو فرصة للكسب المادي الشرعي، والكسب الروحي الأخروي، يقول جل شأنه (البقرة/ 198): (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم).

ولا شك أن صرف المملكة على الأماكن المقدسة وعلى الحجاج واجب ديني تتشرف المملكة بالقيام به، وأن المصروفات على موسم الحج والعمرة أكثر من المداخيل بكثير، وأن المملكة لا تتعمد ولا تقبل أن تستفيد أو تستغل موسم الحج مطلقا، بل إن الأمر يتعلق بالرحلات الدينية السياحية لمن يرغب من المعتمرين والزوار في ذلك؛ نظرا لاحتواء المملكة على مواقع تاريخية دينية عظيمة، وعلى أن تعامل المملكة مع تلك المواسم ليس كعبء اقتصادي وتنظيمي كما هي الحال الآن، بل كميزة اقتصادية يجب تعظيمها وجعلها ركنا من أركان الاقتصاد الوطني يتفاعل معها أبناء المنطقة، كما كانوا في السابق. فقبل عصر النفط كان اقتصاد المنطقة قائما على تلك الميزة، وتمحور دخل وتقاليد سكانها لتقديم الخدمات للحجاج والمعتمرين، وكانوا يتسابقون على خدمة ضيوف الرحمن، وكانت رفادة الحجاج أو ما يسمى بالطوافة تتوارثها عائلات المنطقة وتتفاخر بها، وكان مصدرا كبيرا للدخل لأهل مكة والمدينة.

إن التركيز على هذه الميزة النسبية وتعظيمها ليس فقط بالتركيز على المستوى الجزئي الاقتصادي بزيادة أعداد الحجاج أو ما ينفقه الحجاج على السلع والخدمات، وأثر هذا الإنفاق المباشر على عوائد القطاعات التجارية في السوق، وما ينشأ عن ذلك من أنماط متعددة من الطلب المشتق في أسواق مساندة أخرى وغيره من العوامل الجزئية، فهذا الأمر محسوم بالنسبة للمملكة التي تعتبر تلك الخدمات من صميم مسؤولياتها وخدماتها دون مقابل، بل إن الأمر يتطلب أكبر من ذلك بكثير أي بإدخال تغييرات في الهيكلية الاقتصادية الكلية للمملكة لتكون الآثار الاقتصادية واقعا ملموسا وركنا من أركان المدخلات الاقتصادية للمملكة لتنويع مصادر الدخل. ويأتي على قائمة الأولويات، إحداث تغيير جذري في السياسة النقدية للمملكة، فكون الوافد للمملكة يزيد الطلب على العملة المحلية أي الريال فإن هذا له تأثير إيجابي لسعر الصرف بالعملات العالمية، ما يعني زيادة دخول مزيد من العملة الأجنبية للاقتصاد، وبالتالي أكبر الموارد لتقوية الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية، حيث توصلت بعض الدراسات المتخصصة إلى أن كل زيادة في إنفاق الحجاج بمقدار مليار ريال يصاحبه انخفاض في سعر الصرف بنسبة 0.9 في المائة، وزيادة الدخل القومي بمقدار مليار ريال يصاحبه انخفاض بنسبة 0.19 في المائة، وزيادة العرض النقدي بمقدار مليار ريال يصاحبه ارتفاع في سعر الصرف بنسبة 0.12 في المائة. من هنا تتضح أهمية سرعة تحرير صرف الريال من الدولار الأمريكي، ففك ارتباط الريال بالدولار وتعويمه أو بناء سلة عملات سيزيد من قوة الريال من جراء الطلب العالمي على شراء الريال وسيؤهله بأن يكون أحد العملات العالمية الرئيسة للتداول، ما يدفع برفع قيمة الريال عند ارتفاع الطلب على شرائه ما سيصب في مصلحة الاقتصاد الوطني.

كما أن هنالك آثارا اقتصادية مهمة جدا ولا يمكن وضعها في إطار جزئي واحد، فمعظم المسلمين الذي يبلغ تعدادهم في العالم أكثر من مليار ونصف المليار ويتزايدون بمعدل 6.7 في المائة سنويا، يتطلعون لأداء فريضة الحج أو العمرة. وأمام هذه الأعداد التي تزور المملكة من الحجاج والمعتمرين ما زال اقتصاد الحج والعمرة ضئيلا في اقتصاد المملكة، ولابد من استنباط موارد جديدة وتقديم خدمات إضافية لزرع بذرة الميزة النسبية، وذلك بتقاسم قطاعات اقتصادية عدة كالسياحة الدينية لمن رغب من الحجاج والمعتمرين، وكذلك الصناعة النوعية المتخصصة التي تعتبر من أهم المدخلات في اقتصاد الدول، فالسياحة الدينية يمكن أن توفر مداخيل جديدة وبمعدلات مضاعفة لما يتوافر الآن من خلال التركيز على هذه الميزة وتقديم الخدمات الراقية اللازمة للحجاج والمعتمرين بتمديد إقامتهم وعمل رحلات سياحية لزيارات المواقع الإسلامية التي شهدت أحداثا تاريخية كمسجد قباء والقبلتين وجبل أحد وسقيفة بني ساعدة، ووادي العقيق وقصر عنبسة، وقصر عروة بن الزبير، وبئر أريس وبئر غرس والبوصة والسقيا ورومة وعين زبيدة والأحواض التي بنيت لسقيا الحجاج على درب زبيدة الذي ينتهي في مكة والخط الحديدي الحجازي بمحطاته في المدينة المنورة وفي مدائن صالح لتكون المملكة من أكبر الوجهات الدينية على مدى العام.

كما أن في منطقة الحجاز رواج اقتصادي حين يجتمع أكثر من ثلاثة ملايين زائر في وقت واحد، وهنا فرصة كبيرة لصناعة تحويلية من خلال الاستفادة القصوى من لحوم وجلود الهدي والأضاحي التي يصل عددها إلى أكثر من خمسة ملايين أضحية كل سنة، وبالتالي التركيز على الصناعات التحويلية الإسلامية، خصوصا الجلود كمصدر للجلاتين الحلال، الذي معظمه الآن يصنع من جلد الخنزير سواء أكان لأغراض طبية أم للاستعمال في المواد الغذائية. كما أن إنشاء صناعات خفيفة للوازم الحجاج والمعتمرين وهداياهم وحاجياتهم بعلامات تجارية محمية قانونا من الغش أو التقليد وتبرز هوية الحرمين الشريفين له مردود لا يستهان به.. والقائمة تطول.

وفي المقال الأخير سنتطرق إلى الميزة النسبية الأخرى للمملكة.

(المصدر: الاقتصادية 2015-03-22)




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد